قيادات إخوانية في المهجر (المركز الأوروبي)
قيادات إخوانية في المهجر (المركز الأوروبي)
الأربعاء 19 ديسمبر 2018 / 01:20

كيف يُدير تنظيم الإخوان الإرهابي شبكاته في أوروبا بفضل المال القطري؟

كشف المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في تقرير جديد، كيف نجح تنظيم الإخوان الإرهابي، في تأسيس شبكة علاقات واسعة، امتدت نشاطاتها في أوروبا، عبر مؤسسات ومراكز عديدة، وكيف حصلت على الدعم من الدول الداعمة للتنظيم الدولي، وأبرزها قطر وتركيا.

ويقول معد التقرير الباحث في قضايا الإرهاب الدولي، حازم سعيد، إن "تقارير استخباراتية فرنسية، أشارت إلى أن قطر متورطة بشكل رئيسي في دعم الإرهابيين من جماعة "التوحيد والجهاد"، بشمال مالي، وتدريب العشرات من الفرنسيين في مناطق ليبية بين 2011 و2014، وأن قطر شاركت بدور مهم في استقطاب وتجنيد وتدريب مقاتلين من دول شمال أفريقيا وآخرين يحملون جنسيات أوروبية وينحدرون من أصول مغاربية، ثم تسفيرهم من ليبيا إلى سوريا، عبر الأراضي التركية".

أبرز مراكز الإخوان في ألمانيا وبريطانيا
ويضيف: "ترصد هيئة حماية الدستور الألمانية "الاستخبارات الداخلية الألمانية بقلق، تزايداً ملحوظاً في نفوذ جماعة الإخوان الإرهابية، داخل ولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، وأعلن رئيس الهيئة المحلي بولاية سكسونيا جورديان ماير بلات، أن جماعة الإخوان استغلت عبر منظمات مثل "الجمعية الثقافية ملتقى سكسونيا"، نقص دور العبادة للمسلمين الذين قدموا إلى سكسونيا لاجئين، لتوسيع هياكلها ونشر تصورها عن الإسلام السياسي".

ويتابع التقرير "ذكر ماير  بلات أن هيئة حماية الدستور يساورها قلق من هذا التطور بسبب رفض الجماعة قيماً رئيسيةً في النظام الديمقراطي الحر مثل الحرية الدينية أو المساواة بين الجنسين"، وأشارماير بلات إلى ظهور معطىً جديدٍ حالياً، يتمثل في "شراء مبانٍ على نحو كبير لتأسيس مساجد أو ملتقيات للمسلمين"، موضحاً أن هذا يحدث بشكل مكثف في مدن لايبتسيغ، وريزا، ومايسن، وبيرنا، ودريسدن، وباوتسن، وغورليتس".

ويلاحظ في هذا الصدد، حسب التقرير، أن "قيادات الإخوان في بريطانيا كانت تسيطر بشكل تام على 13 منظمة وجمعية في لندن وحدها عبر ثلاثة قياديين مصريين، هم عصام الحداد، وإبراهيم منير، وإبراهيم الزيات، الذي ترأس في وقت سابق مؤسسة ألمانيا الإسلامية GID".

ويوجد في بريطانيا منتدى الشباب المسلم في أوروبا، وهو شبكة تتألف من 42 منظمة تجمع الشباب من أكثر من 26 بلداً، وصلات وعلاقات مع البرلمان الأوروبي.

ويعتقد خبراء، مثل ستيف ميرلي، أنه يجب وضع جماعة الإخوان الإرهابية، وكل التنظيمات المتفرعة عنها، تحت المراقبة والرصد المكثف والمستمر.

ولكن، الجدال حول الحظر المباشر للجماعة وإدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية، مُرشح وفق الكاتب إلى الاستمرار لبعض من الوقت.

منظمات الأخوان في أوروبا
وفي محاولة لرصد وإحصاء أذرع الأخطبوط الإخواني في أوروبا الذي لا يعرف ضائقةً ماليةً، يكشف الباحث عشرات المنظمات والجمعيات، في طول أوروبا وعرضها، أبرزها:

- الجماعة الإسلامية في ألمانيا "GID" التي تأسست في 1958، وتعد الفرع الألماني للإخوان في أوروبا، الذي أسسه في 1958سعيد رمضان والد طارق رمضان الذي طبقت شهرته الآفاق بقضاياه الجنسية في الفترة القليلة الماضية، وكان يرأسها الألماني المصري الأصل إبراهيم الزيات.

- رابطة مسلمي بلجيكا "LMB" القناة التاريخية للحركة في بلجيكا، ومُمثلة الجماعة هناك، وتأسست في 1997، وتملك الهيئة عشرة مساجد، ومقرات بعدة مدن منها بروكسل، وأنڤيرس، وغراند، وڤرڤييه، ويديرها كريم شملال من مدينة أنڤيرس، وهو طبيب من أصل مغربي.  

- رابطة المجتمع المسلم في هولندا، وأسسها في لاهاي المغربي الأصل يحيى بوياف في 1996، وتضم الرابطة عدة منظمات منها خاصةً "مؤسسة اليوروب تراست نيديرلاند - ETN"، و"المعهد الهولندي للعلوم الإنسانية والإغاثة الإسلامية".

- الرابطة الإسلامية في بريطانيا "MAB" مُمثلة تنظيم الإخوان هناك، وأنشأها كمال الهلباوي في 1997، وظل الهلباوي وقتاً طويلاً ممثلاً للإخوان في أوروبا، قبل أن ينشق عن الجماعة، ليتولى بعد إدارة الرابطة الإسلامية في بريطانيا  العراقي الأصل أنس التكريتي إلى عام 2005، وتولى الإخوان إدارة مسجد فينسبيري بارك، تحت رعاية الحكومة البريطانية.

- اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطاليا "UCOII" الجناح الإيطالي الرسمي للإخوان، منذ  1990، ويديره السوري الأصل محمد نور داشان، ويضم الاتحاد ما يقرب من مئة وثلاثين جمعية أخرى، ويتحكم في 80% من المساجد الإيطالية، كما يمتلك الاتحاد فرعاً ثقافيّاً وفرعاً نسائياً وآخر شبابياً.


مؤتمرات الإخوان في أوروبا
إلى جانب المنظمات والجمعيات تشكل المؤتمرات الإخوانية، فرصة مناسبة للتنظيم لرسم الخطط والبرامج، والنظر في طرق تنفيذها واختيار المشرفين عليها، ويعقد الإخوان لذلك وبشكل سنوي ملتقى "اتحاد المنظمات الإسلامية"، الذي يعتبر الواجهة الأوسع للإخوان في فرنسا، ويجذب حوالي 170 ألف زائر، وتنظم في هذا الملتقى ندوات سياسية ودينية، ويجتذب هذا الحدث السنوي التقليدي عشرات الآلاف من النساء والرجال.

وعلى عكس الواجهات الأوروبية، أدرجت فرنسا اتحاد "المنظمات الإسلامية"، على قائمة الجماعات الإرهابية، منذ عهد رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، المناهض للإخوان وللسلفية في فرنسا.
 
تحركات مشبوهة
وحسب الباحث، عقدت قيادات في جماعة الإخوان الإرهابية، حسب الاستخبارات الألمانية وأخرى أوروبية،  في يوليو (تموز) 2017، اجتماعاً بأحد معسكرات الجماعة في العاصمة التركية أنقرة، بحضور محمود حسين، أمين عام الجماعة، ومحمد حكمت وليد، المراقب العام للجماعة في سوريا، وعدد آخر من القيادات الإخوانية، لبحث نقل عدد من عناصر الجماعة من قطر إلى تركيا.

وذكرت المصادر أن الاجتماع شهد تشديداً، على بدء خطة نقل هذه العناصر في أقرب وقت، على أن تمنح الأولوية للقيادات الأكثر خطورة، والمدانة في عدد من القضايا والمحكوم عليها فى بلدانها بالإعدام.

وحسب تقرير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألغت الحكومة الفرنسية عدة محاضرات لهاني رمضان في مدن فرنسية في 2017، وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن رمضان ابن سعيد رمضان، ووفاء البنا ابنة حسن البنا مؤسس الجماعة الإرهابية وشقيق طارق المتهم بالاغتصاب في فرنسا وبلجيكا، والولايات المتحدة، وسويسرا، وأوقفته السلطات الفرنسية في كولمار شرق فرنسا، بمناسبة مؤتمر كان يشارك فيه، ورافقته الشرطة إلى الحدود الفرنسية السويسرية.

وأشار وزير الداخلية الفرنسى يومها ماتياس فيكل إلى أن "وزارة الداخلية وقوات الأمن مستنفرة بالكامل، وستواصل الكفاح بلا هوادة ضد التطرف والتشدد".

الدور القطري
وينقل الكاتب عن دراسة لمركز الأهرام للدراسات، للباحث الدكتور طارق دحروج، استحدثت الحكومة القطرية آليات جديدة لتمويل مسلمى أوروبا خارج الإطار المؤسسي الإخوانى المعتاد، في محاولة الابتعاد عن الصورة النمطية لقطر المرتبطة بتمويل الإسلام السياسي، عبر استحداث صندوق ANELD،  برأس مال يبلغ 100 مليون يورو بالتنسيق مع الحكومة الفرنسية، "لتمويل مشاريع ريادة الأعمال" لكن فقط للمسلمين في ضواحى باريس الأكثر تهميشاً، والتي تعرف كثافةً سكانيةً لمقيمين فيها من أصل شمال أفريقي، من أبناء وأحفاد المهاجرين من الجيلين الثاني والثالث، وبكثافة انتشار التيارين الإخواني والسلفي فيها.

وحسب الدراسة المشار إليها آنفاً، تولت حكومة قطر تمويل الاتحاد الإخواني في فرنسا، بـ 11 مليون يورو، في حين تكفلت مؤسسة قطر الخيرية بدفع 2 مليون يورو، فيما تبرع رجال أعمال قطريين لهذا الاتحاد بـ 5 ملايين يورو. 

تصنيف جماعة الإخوان جماعة إرهابية
رغم أنها تأخرت في ذلك إلا أن بعض الدول أدرجت الإخوان الإرهابيين أو تستعد لإدراج تنظيم على قوائم الإرهاب لأسباب كثيرة ومتنوعة، أبرزها:  

1- جماعة الإخوان هي المصدر الرئيسي للأيديولوجيا المتطرفة التي تقوم عليها الجماعات الإرهابية.

2- كثيرون من كبار قادة تنظيم القاعدة، مثل أيمن الظواهري، أو بعض قادة تنظيم داعش اليوم، أعضاء سابقون في الجماعة.

3- تاريخ جماعة الإخوان مفعم بكثير من أعمال العنف والإرهاب، بما في ذلك الاغتيالات السياسية، ثم في الآونة الأخيرة، العمليات المناهضة للدولة في مصر.

ويقول وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت، إن لندن ستفرض رقابة مشددة على سلوك تنظيم الإخوان، وقال إن الجماعة أخفت أجندتها المتطرفة في مصر.

وأكد بيرت "رغم عدم استيفاء الأدلة للحد الذى يفضي إلى حظر التنظيم، فإن رقابة مشددة ستُفرض على سلوك الإخوان وأنشطتهم بما في ذلك طلبات استخراج التأشيرات لهم، ومصادر تمويل الجمعيات الخيرية، وعلاقات التنظيم الدولية".

ويختم التقرير بالقول: "أدركت دول أوروبا والغرب، بشكل متأخر، خطورة التهديدات التي يشكلها  تنظيم الإخوان داخل مجتمعاتها، وبدأت وتأخذها على محمل الجد، إذ يهدف التنظيم إلى خلق كيان اجتماعي موازٍ، للتنافس مع بقية أركان المجتمع الأوروبي ومبادئ وقيم مواطنيه، وهي المحاولات والمساعي التي باتت تشكل تحدياً طويل الأمد للتماسك الاجتماعي في أوروبا نفسها".