علم تركي على الحدود مع سوريا.(أرشيف)
علم تركي على الحدود مع سوريا.(أرشيف)
الأربعاء 19 ديسمبر 2018 / 12:39

على الولايات المتحدة منع حمام دم تركي في سوريا

تعليقاً على إعلان تركيا عزمها على شن عملية عسكرية ضد الأكراد في سوريا خلال الأيام المقبلة، رأى ديفيد فيليبس، المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، أن الصمت يجعل الولايات المتحدة شريكاً في جرائم الحرب التي ترتكبها أنقرة ضد الأكراد في سوريا.

لا يجب الانتظار حتى ترتكب تركيا جريمة إبادة جماعية ضد الأكراد، وإنما على الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات استباقية لمنع حمام الدم في شمال وشرق سوريا

وأكد فيليبس، وهو حالياً مدير برنامج بناء السلام وحقوق الإنسان في معهد دراسات حقوق الإنسان بجامعة كولومبيا، في مقال بصحيفة "بوسطن غلوب"، أن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة ينبغي أن تكون المبدأ الأساسي للسياسة الخارجية الأمريكية في جميع أنحاء العالم.

دولة مارقة
ويصف فيليبس تركيا بأنها باتت تحت الحكم الديكتاتوري للرئيس التركي رجب طيب أردوغان دولة "مارقة"؛ إذ استغل أردوغان الانقلاب العسكري المزعوم الذي شهدته البلاد خلال شهر يوليو 2016(تموز) لتبرير الحملة القمعية الشاملة التي شنها ضد معارضيه، وقد تم اعتقال أكثر من 100 ألف شخص بتهم تتعلق بالإرهاب، وتسريح نصف مليون موظف مدني (مدرسين وقضاة ومحافظين) من وظائفهم، وعلاوة على ذلك فإن عدد الصحفيين المسجونين في تركيا يفوق أي بلد آخر.

وغالباً ما تفلت تركيا من العقاب بسبب عضويتها في حلف الناتو، ولكن هذا الحلف، بحسب كاتب المقال، ليس مجرد تحالف أمني، وإنما هو تحالف للبلدان ذات القيم المشتركة، وتنتهج تركيا قمعاً منهجياً لحرية التعبير، وهو أمر معادٍ للديمقراطية والولايات المتحدة، ولو كان حلف الناتو يتم تأسيسه اليوم، فإن تركيا لن تكون مؤهلة لعضويته.

ويوضح كاتب المقال أنه عقب الهجمات بالأسلحة الكيماوية التي شنها الرئيس السوري بشار الأسد على الغوطة في عام 2012، أخذ أردوغان على عاتقه مهمة الإطاحة بنظام الأسد، ولذلك أسست تركيا "الطريق الجهادي السريع" من أورفا في تركيا إلى الرقة في سوريا، وقدمت الأسلحة والأموال والخدمات اللوجستية للمقاتلين الأجانب من جميع أنحاء العالم الذين انضموا إلى الجماعات الجهادية للإطاحة بنظام الأسد.

دعم الجماعات الإرهابية
واحتلت تركيا أجزاء من شمال حلب واشتبكت في عمليات عسكرية في إدلب، وتحت ستار مكافحة الإرهاب شنت تركيا أيضاً غارات جوية مكثفة ضد عفرين (واحة السلام والاستقرار في شمال سوريا) يوم 20 يناير (كانون الثاني)، واستمرت في قصفها لعفرين لمدة 58 يوماً مما أدى إلى قتل مئات المدنيين ونزوح 300 ألف شخص.

ويحذر كاتب المقال من أن تهديد أردوغان الآن بتوسيع العمليات العسكرية في سوريا ومهاجمة شرق نهر الفرات سيقود إلى تصعيد هائل للحرب في سوريا، وسيقود تدخل تركيا المتهور إلى "حمام دم" وتداعيات إنسانية خطيرة.

ويقول الكاتب: "يقول أردوغان أن تركيا تحارب الإرهاب، لكن عناصر الجيش السوري الحر (الذي يدعمه ويضم تنظيم القاعدة وجبهة النصرة) هم في واقع الأمر الإرهابيون الحقيقيون في سوريا، والسؤال هنا لماذا تغض الولايات المتحدة الطرف عن دعم تركيا للجماعات الإرهابية؟".

ويلفت المقال إلى تطلعات الأكراد السوريين إلى أن تقوم الولايات المتحدة بمنع تركيا من شن هذا الهجوم الوشيك، وبخاصة لأن الأكراد يلعبون دوراً أساسياً في التحالف الدولي ضد داعش، وكان لهم دور بارز في تحرير مدينة الرقة، ويأملون في أن تتولى الولايات المتحدة إنقاذهم من العدوان التركي.

منع حمام الدم
ويحض كاتب المقال الكونغرس الأمريكي على منع تركيا من مهاجمة المدنيين في شمال وشرق سوريا. ومن شأن إقامة منطقة حظر جوي ردع تركيا من خلال تقويض تحركاتها الجوية، وهذا بدوره سيمنح الأكراد فرصة للقتال. وكان الكونغرس بالفعل صوّت على تأخير تسليم طائرات إف 35 إلى تركيا رداً على امتلاك تركيا لصواريخ أرض – جو من روسيا. وعلاوة على ذلك، يجب فرض القيود على مبيعات الأسلحة رداً على انتهاك تركيا للسيادة السورية.

ويخلص الكاتب إلى أنه لا يجب الانتظار حتى ترتكب تركيا جريمة إبادة جماعية ضد الأكراد، وإنما على الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات استباقية لمنع حمام الدم في شمال وشرق سوريا، ذلك أن الوقاية ستكون أفضل كثيراً وأكثر فاعلية من التعامل مع تداعيات الهجوم التركي الوشيك. وقال: "لم يفت الأوان بعد لمواجهة تركيا وإنقاذ الأكراد في سوريا، وعلى الولايات المتحدة أن تتبنى سياسة خارجية متسقة أخلاقياً تفرض قيوداً على مبيعات الأسلحة للحكومات التي تستهدف المدنيين وترتكب جرائم حرب".