المديرة التنفيذية لمؤسسة قطر الدولية ماغي ميتشيل سالم والصحافي جمال خاشقجي (أرشيف)
المديرة التنفيذية لمؤسسة قطر الدولية ماغي ميتشيل سالم والصحافي جمال خاشقجي (أرشيف)
الأربعاء 26 ديسمبر 2018 / 14:09

قطر استغلت خاشقجي في حياته و...مماته (1)

كشف الباحث ديفيد ريبوي في مقال نشره الموقع الإلكتروني لمركز مجموعة الدراسات الأمنية للأبحاث" الأمريكي، الظروف المحيطة بالحملة الشرسة ضد السعودية في أمريكا على خلفية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، مؤكداً أن قطر التي استغلت خاشقجي في حياته، عادت لتستغله في مماته بحملة إعلامية واسعة استخدمت فيها "البترودولار" و"غرفة الصدى" التي تحركت إبان عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لتنتقم من الإدارة الجديدة، والسعودية.

شكل الجهد لتحويل خاشقجي من ناشط سياسي إلى صحافي وشهيد للحرية، عملية إعلامية شنت على نطاق واسع في الولايات المتحدة

كان خاشقجي كاتباً ذا تأثير متواضع خارج الشرق الأوسط عندما كان حياً. في موته، تحول رمزاً لنضال أوسع لحقوق الإنسان

واستعاد ريبوي ظروف الانقلاب الذي أحدثه ترامب في السياسة الخارجية والمخاوف التي أثارها في الداخل والخارج.

وقال إنه عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن رحلته الخارجية الأولى في رئاسته ستكون إلى السعودية وإسرائيل، اعتبر كثيرون ذلك إشارة على أن الإدارة الأمريكية الجديدة أعادت التحالفات الأمريكية التقليدية في الشرق الأوسط إلى موقعها المميز.

فطوال السنوات الثماني السابقة، كانت إدارة أوباما تعطي إيران، العدو الإقليمي لواشنطن، الأولوية، وتعتبر حلفاء إقليميين لإيران، مثل تركيا وقطر، شركاء.

ودعمت إدارة أوباما الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط، وتحديداً تنظيم الإخوان الإرهابي، وقبل تسلم منصبه، كان جلياً أن ترامب سيغير تلك السياسات.

"غرفة الصدى"
كان واضحاً خوف البعض من العودة الأمريكية إلى القدس والرياض، كما من إقرار إدارة ترامب بتهديد الإسلام السياسي، وكان أكثر القلقين مهندسي السياسة الخارجية لأوباما، والصحافيين، ومؤسسات الرأي، والسياسيين الذين دعموها وشكلوا "غرفة صدًى" لهذه السياسة.

وأطلق ذلك الجهد الذي رأسه مدير الاتصالات السابق لمجلس الأمن القومي بن رودس، جوقة من الًأصوات الداعمة لسياسة الأمن القومي لأوباما التي شنت حرباً شرسة على خصومها في الإعلام.

وكانت هذه المجموعات في العقد الأخير تنظر إلى النظام الإيراني وتركيا والإخوان الإرهابيين، على أنها قوىً إيجابية في الشرق الأوسط.

انتقام 

وبعد استعراض وضع السياسة الأمريكية مع الحلفاء الإقليميين في إدارة أوباما، والانقلاب الذي أحدثته إدارة ترامب، انتقل الكاتب إلى تسليط الضوء على طريقة استغلال "غرفة الصدى"، لمقتل خاشقجي.

ففي نهاية الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2018، عندما أطلق اختفاء الصحافي الأمريكي جمال خاشقجي عاصفةً إعلاميةً حول العالم، كانت تلك الأصوات، وبينها وسائل إعلامية بارزة، تستعد للاستفادة، وحتى الانتقام.

ففي مواجهة عدو مشترك، وجد أعضاء من القطاع الإعلامي الذين كانوا يشكلون "غرفة الصدى" التي روجت لمواقف أوباما، أنفسهم منسجمين مع عملية إعلامية تركية وقطرية لاستهداف التحالف الأمريكي السعودي.

وبسبب تحيز السياسة والبيئة الفكرية الصديقة التي أنشأها ورعاها البترودولار داخل المؤسسات الأمريكية، كانت النخب مع صانعي السياسات أهدافاً لينة للنفوذ القطري والعمليات الإعلامية التي تستخدم وسائل الإعلام، والأدوات التقليدية للعلاقات العامة لتعزيز مصالح السياسة من خلال الروايات.

ولا شك في أن رسالة سلبية تكون دائماً أكثر قوة من رسالة إيجابية، لذلك يجد المشغلون من جميع الأنواع بسرعة أن أسهل طريقة للنهوض بمصالحهم، هي تنسيق وتسريع الهجمات الإعلامية على أعدائهم أو منافسيهم.

مصلحة قطر وتركيا
وضعت قصة مقتل خاشقجي في خدمة المصلحة الرئيسية لقطر وتركيا، أي تقويض استقرار منافستهما، السعودية.

وعندما اكتملت، صورت العملية الإعلامية الناجحة، خاشقجي شهيداً وبطلاً للصحافة المستقلة والحرية، في حين أن السعودية كانت تجسيداً للشر والقسوة.

ومن الواضح الآن أن خاشقجي لم يتحول فحسب  بعد الموت، إلى جبهة كبرى في حرب قطر على جيرانها في الخليج، ففي حياته أيضاً كان رصيداً لقطر في تلك الحرب كذلك.

وشكل الجهد المبذول لتحويل خاشقجي من ناشط سياسي إلى صحافي وشهيد للحرية، نموذجاً لعملية إعلامية على نطاق واسع في الولايات المتحدة، استهدفت جمهوراً متنوعاً يمتد من معلقي "غرفة الصدى" وشخصيات إعلامية، إلى سياسيين ينتقلون للتحرك بناءً على معلومات جديدة أدخلتها الحملة في النقاش.

ويكتسب هذا الجانب التشغيلي أهمية كبرى، فبما أن عمليات المعلومات تنشط دائماً للدفع بالمصالح السياسية بهدف إنجاحها، يجب أن تؤثر هذه التصورات على صناع السياسة وتدفعهم إلى تغيير السياسة.

شهيد الحرية
مع انتشار خبر اختفاء خاشقجي، ضجت وسائل الإعلام تقريباً بالثناء على الصحافي وانخرطت في جهد لتحويله إلى شهيد للقيم الديمقراطية وحرية التعبير والحرية.

وكما وصفته "واشنطن بوست" أخبراً "كان خاشقجي كاتباً ذا تأثير متواضع خارج الشرق الأوسط عندما كان حياً. وبموته، تحول إلى رمزٍ لنضال أوسع لحقوق الإنسان".

لا مؤسسة أخرى خدمت أكثر من "واشنطن بوست " وأخبارها وفريقها الإخباري،  تلك الرمزية. فمنذ أكتوبر (تشرين الأول) عملت تلك الوسيلة الإعلامية بشكل غير رسمي، كأنها مجموعة الضغط الأكثر نفوذاً ضد السعودية في واشنطن. ودفعت الحملة "تايم" إلى اختيار خاشقجي وإعلاميين آخرين "شخصية العام".

ولتحقيق ذلك، تجاهلت وسائل الإعلام إلى حد كبير حقائق بارزة عن خاشقجي، بما فيها تاريخه الطويل مدافع اًوداعماً للإخوان الإرهابيين، وتعاونه في شبابه مع أسامة بن لادن، والقاعدة في أفغانستان، وكراهيته لإسرائيل، والمسلمين الشيعة، والشائعات عن صلاته المالية المشبوعة مع المخابرات القطرية.