الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الخميس 27 ديسمبر 2018 / 12:33

كيف يُصدق ترامب أن تركيا ستحارب داعش؟

في معهد "غايتستون إنستيتيوت" الأمريكي، ألقت الصحافية أوزاي بولوت الضوء على ازدواجية خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه واشنطن، وتغيره بحسب حاجته للولايات المتحدة.

تركيا لم تقصف أو تحتل الأراضي السورية أو العراقية حين اجتاحها داعش. لقد كان أعضاء داعش وداعموه يعملون في تركيا التي عاملت أحياناً من يكشفون نشاطاته أقسى مما عاملت مناصري التنظيم أنفسهم

فقبل يوم واحد من إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامره بسحب قواته كاملة، كان أردوغان يعلن أن بلاده ستشن هجوماً جديداً في شمال سوريا.

وفي 18 ديسمبر (كانون الأول)، وصف تركيا والولايات المتحدة بأنهما "شريكان استراتيجيان". هذا الوصف مثير للاهتمام بما أن أردوغان تحدث مراراً عن الحملات التركية في شمال سوريا، لإزالة المجموعات الكردية المدعومة أمريكياً، والتي قال إن بلاده "ستدفنها في الخنادق التي حفرتها".

في 20 ديسمبر(كانون الأول)، تحدث أردوغان في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني حسن روحاني عن وقوف أنقرة إلى جانب طهران ضد واشنطن، قائلاً: "لا نعتقد أنه من الصحيح بالنسبة إلى الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي، ونرى أن قرارات أمريكا بفرض عقوبات على إيران تعرض الأمن الإقليمي للخطر، سنستمر في الوقوف إلى جانب الشعب الإيرني في هذه المرحلة التي تتزايد فيها الضغوطات على إيران والتي نعتبرها غير عادلة". وقال روحاني تعليقاً على ذلك، إن أي دولة ثالثة ستعجز عن قطع علاقات "الجيرة والأخوة" بين البلدين.

تركيا هزمت واشنطن
إن البيانات المناهضة لأمريكا التي يُطلقها أردوغان والمسؤولون الأتراك ليست جديدة. وقال مستشار أردوغان البارز في الشؤون العسكرية عدنان تانري فردي مثلاً، في تصريح لصحيفة يني شفق التركية في 18 يناير (كانون الثاني) الماضي إن تركيا "هزمت الولايات المتحدة خمس مرات" منذ 2015. 

وحسب المستشار التركي، كانت الأولى، عندما نجح حزب العدالة والتنمية في الوصول إلى السلطة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، بعد خمسة أشهر من انتخابات دعمت فيها واشنطن البروباغندا التي تستهدف فيها استقرار تركيا.

أما الثانية فكانت عندما تخلصت تركيا من الحكم الذاتي لحزب العمال الكردستاني الذي تحقق بفضل الدعم الأمريكي.

والثالثة بإفشال انقلاب منظمة فتح الله غولن في 2016، بعد 20 ساعة. أما الرابعة والخامسة فكانتا بحسب المستشار نفسه حين منعت تركيا تسليم جرابلس لحزب العمال الكردستاني، وحين تفادت أنقرة محاولة أمريكا لإزالة القواعد التركية من العراق.

 كان تانري فردي يقول بطريقة أخرى إن دولته هزمت حليفاً في الناتو زاعماً أن جميع مشاكل وعمليات تركيا العسكرية، سببها خطأ أمريكا.

للاستهلاك الداخلي والخارجي

في فبراير (شباط) الماضي هدد أردوغان علناً بتوجيه "صفعة عثمانية" إلى الولايات المتحدة رداً على تحذيرات قائد التحالف ضد داعش اللفتنانت جنرال بول فانك، الذي قال إن قواته سترد على الأتراك بقوة إذا هاجموا القوى التي تقاتل التنظيم.

لكن هذه اللهجة غابت عن البيان المشترك الذي أصدره البلدان في 7 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، والذي شدد على معالجة فعالة لـ "المخاوف الأمنية للدولتين مع التزامهما إزاء بعضهما البعض كحليفين". وبمعنى آخر، عندما تحتاج حكومة أردوغان دعم أو موافقة واشنطن على تحركاتها الخارجية فإنها تروج لـ "تحالفها" مع أمريكا، لكن عندما تُخاطب القاعدة الشعبية، فإنها تستخدم لغةً عدائيةً علناً، ضدها.

تقارير أكثر إزعاجاً
تشير بولوت إلى تقارير أكثر إزعاجاً تظهر ترامب متحدثاً عن قدرة تركيا على التخلص بسهولة من بقايا داعش في سوريا.

فتركيا لم تقصف أو تحتل الأراضي السورية أو العراقية حين اجتاحها داعش. وكان أعضاء داعش وداعموه يعملون في تركيا التي عاملت أحياناً من يكشف نشاطاته بأقسى مما عاملت به أنصار التنظيم أنفسهم.

وسجنت تركيا نائباً سابقاً معارضاً منذ يونيو (حزيران) بعد ما وثق نشاط داعش ومجموعات جهادية أخرى في تركيا. وانتقدت الصحافية فكرة أن تركيا يمكن أن تكون بديلاً في الصراع ضد الإرهابيين، أو أن تضمن المصالح الغربية.

أهداف تركيا جزء من خطط الإخوان
يتخلى ترامب عن منطقة شرق المتوسط كاملةً لتركيا التي تريد، بما أنها جزء من الإخوان الإرهابيين،  تريد التخلص من الأنظمة القائمة فيها، وإحياء السلطنة العثمانية، وترك المنطقة أيضاً لروسيا التي تريد إعادة بناء الاتحاد السوفياتي، وإيران التي تطمح أن تكون المهيمن عليها.

وتضيف بولوت أن انسحاب واشنطن من سوريا سيكلف الأمريكيين دماءً وأموالاً أكثر بكثير مما سيكون الأمر عليه في وجود قوات صغيرة، لكن رادعة فيها. إن الضرر الذي سيحدثه الانسحاب في هذا الوقت لا يمكن تقديره بثمن، وسيذكره التاريخ على أنه إرث ترامب بشكل يشبه إرث رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين الذي هادن هتلر.

كانت الكلفة ستكون أقل بكثير على الصعيدين البشري والمالي لو هُزم هتلر قبل عبوره الراين. ومن سخرية القدر أن يُذكر ترامب في التاريخ كما يُذكر الخاسرين الذين يكرههم.