الرئيس الفلسطيني محمود عباس.(أرشيف)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس.(أرشيف)
الجمعة 28 ديسمبر 2018 / 20:16

هدم الهرم الأخير!

بقرار حل المجلس التشريعي الذي اتخذ بحجة أن المجلس ليس فاعلاً ولا يقوم بواجباته الدستورية يكون قد ترتبت عليه مجموعة من النتائج الخطيرة من أولها هو دفن المشروع الوطني الفلسطيني الذي ارتبط بالسلطة الوطنية

قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس اختيار "لحظة تراجيدية" جداً لهدم ما تبقى من هرم النظام السياسي الفلسطيني الذي تأسس بعد اتفاقات أوسلو، فقرار حل المجلس التشريعي تحت غطاء قرار مرتبك وغامض ولا يحمل أية مسوغات قانونية هو بمثابة عملية قتل متعمدة لهذا النظام الذي شكل افتراضياً الحاضنة الوطنية الأشمل لجميع الفلسطينيين.

بقرار حل المجلس التشريعي الذي اتخذ بحجة أن المجلس ليس فاعلاً ولا يقوم بواجباته الدستورية يكون قد ترتبت عليه مجموعة من النتائج الخطيرة، أولها دفن المشروع الوطني الفلسطيني الذي ارتبط بالسلطة الوطنية وانبثق من اتفاقيات أوسلو، كما أنهى حلم الوحدة الوطنية وكرس الانقسام الجغرافي والديمغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

لو أردنا مغادرة البراءة في تعليل وتفسير قرار الرئيس عباس قد نجنح نحو نظرية المؤامرة "المأكولة والمذمومة" في الحياة السياسية العربية والعقل السياسي العربي والاقتراب من حافة الهاوية والمتمثلة بوأد القضية الفلسطينية، فتكريس غزة كدويلة هو بداية التطبيق العملي لصفقة القرن أو لنقل وبدرجة أدق لمشروع "غيورا ايلاند " والذي كتبت عنه مبكراً وأكثر من مرة هنا في هذا الموقع، وكان مقالي الأخير عنه في الأول من يونيو (حزيران) الماضي حيث أشرت فيه إلى أن ايلاند من المؤمنين بأن إسرائيل لا تستطيع المجازفة بقبول أية حلول أو تسويات سياسية تقدم فيها أراض للجانب الفلسطيني وتحديداً في الضفة الغربية.

وانطلاقاً من هذه القناعة قدم ايلاند تصوره الاستراتيجي لحل القضية الفلسطينية والقائم على مبدأ الحل الإقليمي في عام 2009 بعد فوز نتانياهو بالانتخابات والذي سيشمل بالإضافة إلى إسرائيل والفلسطينيين كلاَ من مصر والأردن.

كما أشرت في السياق ذاته إلى مقالة إيلاند التي نشرت يوم الخميس 31/ 5/ 2018 تحت عنوان "على إسرائيل أن تتعامل مع قطاع غزة بصفته دولة مستقلة في كل شيء "في صحيفة "يديعوت احرونوت"، وخلاصة ما ورد في المقالة هو تعزيز لنظريته القائمة على أن الدولة الفلسطينية العتيدة التي يمكن أن تكون خلاصة التسوية يجب أن تكون في غزة.

وسؤالي هنا هل قرار الرئيس الفلسطيني بحل المجلس التشريعي وتكريس فصل غزة عن الضفة الغربية هو محض صدفة أم هو توطئة لمشروع إيلاند؟

وفي كل الأحوال، فإن القرار يعد أبو "الكبائر السياسية" على غرار الانقسامات والانشقاقات الكبرى التي أثخنت الجسد الفلسطيني خلال حقبتي السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي وكادت أن تجهز على المشروع الوطني الفلسطيني مبكراً جداً وكانت عبقرية ياسر عرفات هي القوة الحامية لهذا المشروع الذي بدا يتهاوى بطريقة مريعة وبوتيرة مبرمجة ومدروسة من أجل دفن القضية وإعلان موعد الجنازة وتقبل العزاء فيها في مقر المقاطعة في رم الله.