متظاهرون يحملون صورة للرئيس التركي رجب طسي أردوغان والعلم التركي.(أرشيف)
متظاهرون يحملون صورة للرئيس التركي رجب طسي أردوغان والعلم التركي.(أرشيف)
الأربعاء 2 يناير 2019 / 11:23

2019 ... سنة الإخفاقات لأردوغان

في مجلة ماكليانز الكندية، شرح عدنان خان الأسباب التي تدفع 2019 كي تكون سنة كارثية على تركيا. وكتب أنّه بالنسبة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان الهدف توحيد البلاد وفقاً لما قاله خلال حملة الاستفتاء لصالح تحويل النظام التركي إلى نظام رئاسي عالي المركزية.

إذا كان هناك درس شامل يظهر أنّ تركيا لم تتعلمه فهو أنّ حصر السلطة بفرد واحد لا ينتهي أبداً على خير. لقد كان أردوغان في الألفية الجديدة التكرار الأول للنيوتسلطية

حين فاز طرحه بالاستفتاء في أبريل (نيسان) 2017، وعد أردوغان بأن يزيل النظام الجديد جميع المعارك الحزبية البشعة التي شهدتها تركيا سابقاً. بعد أكثر من سنة ونصف لم تتجسد هذه الوحدة.

بعد الانتخابات المبكرة التي أجريت في 24 يونيو (حزيران) الماضي، لم يحصد حزب العدالة والتنمية سوى ما يزيد بقليل عن 40% من الدعم وقد اعتمد على القوميين المتطرفين لتشكيل ائتلاف أكثري في البرلمان. استطاع أردوغان تحقيق فوز أفضل ب 52.59% في الانتخابات الرئاسية، لكنه يحكم الآن دولة ذات انقسام متزايد مع اقتصاد يعاني من التضخم وأزمة مديونية خارجية وانكماش محتمل يلوح هذه السنة.

هوس
في هذه الأثناء، كان قراره بدعم القوى الإسلامية في سوريا ضد نظام بشار الأسد هو ما وضعه في مواجهة استراتيجية مع روسيا وإيران. ووضعَه هوسه بالأخطار التي يفرضها المقاتلون الأكراد شمال سوريا في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة التي تدعمهم. أمّا سوء تعامله مع تداعيات الانقلاب الفاشل سنة 2016 فصعّد التوترات مع أوروبا وحرم مؤسساته الخاصة من البيروقراطيين الأكْفاء. كانت سنة 2018 عبارة عن صحوة قاسية لتركيا وتستعد 2019 كي تكون كارثية.

هل تخرج تركيا سالمة من سنة 2019؟
هنالك الكثير من التحديات التي تفرض نفسها بدءاً من شراء نظام أس-400 الدفاعي الروسي الذي يهدد بتوسيع الشرخ بين تركيا وحلفائها في الناتو وصولاً إلى الانتخابات المحلية في مارس (آذار) التي يُنظر إليها بشكل واسع كاستفتاء على تعامل حزب العدالة والتنمية مع الاقتصاد. إنّ فرص اجتياز تركيا لهذه السنة بطريقة سالمة تبدو ضعيفة بالفعل. وهنالك قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول. ما علمت به الحكومة التركية وكيفية الحصول على تلك المعلومات كشف مدى مراقبة تركيا للسعودية التي تفرض تحدياً على طموح أردوغان بإعادة تسويق تركيا كقوة إقليمية مهيمنة في الشرق الأوسط.

سيصطدم بواقع قاسٍ
إنّ المناورة التي تلعبها أنقرة حالياً بتسريب المعلومات بشكل بطيء في محاولة فاشلة لإيذاء السعودية ولتحصل على تنازلات حول عدد من المسائل قد ترتد عليها سنة 2019. وإذا فكرت السعودية بتفكيك منظمة أوبك، يمكن حقاً لأسعار النفط المرتفعة أن تدفع الاقتصاد التركي إلى الخروج عن السيطرة. وإن كان أردوغان يعتقد بأنّه يستطيع الفوز على السعودية فقد يكون متوجهاً للاصطدام بواقع قاسٍ.

الدرس الذي لم يتعلمه أردوغان
إذا كان هناك درس شامل يظهر أنّ تركيا لم تتعلمه فهو أنّ حصر السلطة بفرد واحد لا ينتهي أبداً على خير. لقد كان أردوغان في الألفية الجديدة التكرار الأول للنيوتسلطية وهي سياسة ديموقراطية بالاسم لكنها مصطفة أكثر بجانب نظرة ترى أنّ السلطة تُملى بدلاً من أن تُناقَش. ويمكن أن يكون أردوغان أول شخص يجد مسعاه السلطوي يتحول إلى أسوأ عدو له. إنّ سعيه لاستعادة مكانة تركيا العثمانية تحطم بشكل مباشر حين اصطدم بوقائع القرن الواحد والعشرين الشرق أوسطية. في أواسط العقد الأول من القرن الحالي، روّج أردوغان بشكل مفارق وحتى ساذج لسياسة خارجية تقوم على "صفر مشاكل مع الجيران". اليوم، تواجه تركيا مشاكل على جميع الأصعدة تقريباً.

أوهامه تنهار
حتى مع إظهار رؤاه الوهمية لعلامات الانهيار، رفض أردوغان التراجع. ستذهب تركيا بما أوتيت من قوة لانتزاع ما يفيدها من غياب الاستقرار الذي يحيط بها. بدلاً من تقبل الواقع وفرض إجراءات التقشف التي تحتاجها لمواجهة العاصفة الاقتصادية الحالية، عززت برامج التحفيز بما فيها الإعفاءات الضريبية وأعلنت إطلاق المزيد من المشاريع الضخمة لإبقاء الاقتصاد نشطاً. بشكل متصاعد، تبدو استراتيجية أردوغان قائمة على النجاة لا على الرؤية. من المرجح أن تدخل تركيا سنة 2019 وهي تزمجر لكنها ستودعها وهي مسحوقة بشدة وهذا لا يبشر العالم بالخير. بالنسبة إلى حليف أطلسي كان في يوم من الأيام شريكاً ديموقراطياً موثوقاً به ويقبع حالياً وسط منطقة مأزومة دولياً، سترسل إخفاقاته اهتزازات أبعد بكثير من حدوده. وسنة 2019 ستكون سنة إخفاقات.