مسلحون من قوات سوريا الديمقراطية (أرشيف)
مسلحون من قوات سوريا الديمقراطية (أرشيف)
الأربعاء 9 يناير 2019 / 12:39

ما تداعيات تخلي العالم عن الأكراد السوريين؟

مع إطلاق أنقرة تهديدات بعملية جديدة ضد وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، تساءل الصحافي الأيرلندي ستيفن ستار، عن حقيقة تهديد هذه الوحدات لأمن تركيا.

دمار الوحدات أو هيكليات الحكم الكردية سيؤذي القوة التقدمية في المنطقة بشكل عظيم. هذه هي القوى التي يمكن لأوروبا والولايات المتحدة الاعتماد عليها

 وتوسع ستار في الإجابة على السؤال في مقاله بصحيفة "ذي اراب ويكلي" اللندنية متطرقاً بداية إلى الهدف المعلن للوحدات والمتضمن تأسيس قوة عسكرية من 100 ألف مقاتل في منطقة روج آفا التي تتمتع باستقلال ذاتي بحكم الأمر الواقع.

ويرى الصحافي أن هذا الهدف يبرر قلق أي حكومة سواءً كانت في أنقرة أو دمشق أو بغداد.

ورغم ذلك، تبخر التهديد الكردي لتركيا بشكل كبير بعد الهجمات الإرهابية التي شنها انفصاليون في أنقرة واسطنبول في 2016، فيما لم يكن أي منها مرتبطاً بالحركات الكردية في سوريا.

واستطاعت العمليات العسكرية في جنوب شرق تركيا في 2015 و 2016 القضاء على المقاومة الكردية المحلية التي دخلت منذ ذلك الحين في سبات.

ما أثبتته الوحدات

في سوريا، جلبت وحدات حماية الشعب ومعاونوها السياسيون مستوىً غير مسبوق من الاستقرار والأمن إلى المناطق التي يسيطرون عليها.

تستطيع الوحدات الازدهار بفضل دعم المدنيين الخاضعين لحكمها. وغالباً ما يكون هذا الدعم مشمولاً بقبائل عربية مؤثرة في منطقة الجزيرة. وفي المقابل، فشل داعش وجبهة النصرة واللجان الشعبية المؤيدة للنظام، ومجموعات أخرى في هذا المجال بسبب وحشيتهم.

وهذا الأسلوب هو ما لم تتبعه الميليشيات الكردية. أثبتت هذه القوات أنها حصن مهم في وجه الفوضى التي خلقها داعش في وقت فشلت حكومتا بغداد ودمشق في تأمين الاستقرار والخدمات العامة. بشكل مؤكد، أصبحت سوريا وتركيا وأوروبا والعالم الأوسع أكثر مناعةً ضد الهجمات الجهادية بفضل إلحاق الوحدات الهزيمة بداعش في الرقة عام 2017.

ما يوحّد دمشق والمعارضة وأنقرة

إن الحفاظ على الحدود السورية هو أحد المواضيع القليلة التي توحد النظام السوري ومعارضيه وأنقرة. ولهذا السبب تحظى الطموحات الكردية للحكم الذاتي بدعم ضئيل. وحتى أكراد العراق، يعارضون بشكل واسع هذه الجهود.

إن أي شخص أمضى أخيراً وقتاً في تركيا يعلم أن انعدام الثقة العميق بل الاحتقار يطغى على النظرة إلى القومية الكردية عموماً ووحدات حماية الشعب بشكل خاص.

ربطت الحكومة التركية الوحدات بالداعية فتح الله غولن رغم التناقض الأيديولوجي البديهي بين الطرفين. تلوم تركيا غولن على محاولة الانقلاب في 2016 وتدعي أن الوحدات هي الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على لائحة الإرهاب.

لا جدوى من دفع هذه الأثمان

إن ما يوحد معظم الأتراك هو معارضتهم القوية للاستقلال الذاتي للأكراد، ويتخطى هذا الشعور الانقسام السياسي، ويجمع بين الليبيراليين، والمحافظين الدينيين، والقوى التي تتوسطهم. وهذا بالضبط ما حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استغلاله عبر العمليات العسكرية في المناطق الكردية داخل سوريا لاسترضاء وضمان دعم السياسيين القوميين الأقوياء ومناصريهم.

والعملية التي ستعلن قريباً في شرق الفرات تصبح استراتيجية قبل توجه الأتراك إلى الانتخابات المحلية في مارس (آذار) المقبل.

ستدفع العملية المتوقعة ضد الأكراد إلى حمام دم في المنطقة الأكثر استقراراً في سوريا. إن الثمن البشري الذي سيدفع من المقاتلين الأكراد، أو المدنيين، أو حتى الجنود الأتراك، أكبر من أي مكسب استراتيجي يُمكن أن تحققها تلك العملية.

إن دمار الوحدات أو هيكليات الحكم الكردية سيؤذي القوة التقدمية في المنطقة بشكل عظيم، القوى التي يمكن لأوروبا والولايات المتحدة الاعتماد عليها.

تداعيات واسعة النطاق
ورغم الدور الجوهري الذي أداه الأكراد في هزيمة داعش، والثقة التي بنتها الوحدات مع القادة العسكريين الأمريكيين في الحرب ضد التنظيم الإرهابي، يبدو غياب القوى الدولية فاضحاً.

ومن الواضح أن واشنطن ستفضل تركيا على قوى استقلالية تقدمية علماً أن ذلك يعاكس العمل على إطلاق بدايات تحول ديموقراطي في سوريا. إن تداعيات هذا الخيار لن تكون بارزة على المدى القصير، لكن تجاهل حراك ساعد في إرساء الأمن والتنمية المدنية على امتداد منطقة تندر فيها هذه المزايا، ستكون واسعة النطاق، وبغض النظر عن الجهود المهمة التي بذلوها في السنوات الماضية، ربما يتخلى العالم عن الأكراد السوريين مرة أخرى.