واجهة مبنى صحيفة "واشنطن بوست" في واشنطن.(أرشيف)
واجهة مبنى صحيفة "واشنطن بوست" في واشنطن.(أرشيف)
الإثنين 14 يناير 2019 / 12:28

واشنطن بوست...الإسلاموية تنمو في الظلام

رداً على تخصيص"واشنطن بوست" مساحة كي ينشر المتطرفون آراءهم على صفحاتها، حذّر الباحث في "منتدى الشرق الأوسط" سام وستروب تلك الصحفية من خطورة مواصلة النهج نفسه.

حتى في تغطيتها للإسلام الأمريكي، شجعت الصحيفة القراء على رؤية مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" المرتبط بالإرهاب، أو ليندا صرصور المقربة من العنصري لويس فرخان على أنهما صوتان موثوق بهما للمسلمين الأمريكيين

وذكر في مجلة "سبكتايتور" الأمريكية كيف قامت في 8 يناير (كانون الثاني) بنشر مقال رأي للمعلق يحيى حامد أشار من خلاله إلى استخدام الحكومة المصرية العنف والقمع ضد معارضيها.

بالرغم من أنّ حامد كشف أنّه خدم في حكومة الرئيس المصري الإخواني السابق محمد مرسي، فشلت الصحيفة بالتعمق أكثر في الموضوع وذِكر أنّه خدم لفترة أطول بكثير كعميل بارز وناطق باسم تنظيم الإخوان في مصر، قبل وبعد تبوّئه منصبه الرفيع المستوى في النظام الثيوقراطي الذي لم يعمر طويلاً. وتنظيم الإخوان هو تيار إسلاموي عنفي خطير مناهض للسامية والغرب.

نفاق صارخ
عوضاً عن ذلك، تُرك القارئ وسط انطباع بأنّ حامد هو مجرد تكنوقراطي عادي خدم ببساطة "كوزير للاستثمار في حكومة محمد مرسي، أول رئيس لمصر منتخب ديموقراطياً". تحمل دعوة حامد لحماية حرية التعبير في مصر ازدواجية خاصة. كوزير في حكومة مرسي، كان واحداً من المسؤولين عن موجة من الإجراءات القمعية الهادفة إلى قمع المعارضين والصحافيين المناهضين للحكم الإسلاموي. خلال تولي حامد منصبه الوزاري، واجه الصحافيون مراراً الرقابة والاعتقال والهجمات العنيفة. وتجاهل صحيفة الواشنطن بوست النفاق الصارخ للتطلعات الديموقراطية المزيفة لدى حامد أمر مقلق.

للحوثيين فرصتهم أيضاً

يشرح وستروب أنّ هذه المشكلة ليست جديدة. في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سمحت الصحيفة لمحمد علي الحوثي الذي وصفته بكونه "رئيس اللجنة الثورية العليا" بنشر مقال رأي له على صفحاتها. بشكل مشابه، تم تصميم مقال الحوثي للعب على العواطف الغربية مع دعوات متكررة ل "السلام" و "المحبة" إضافة إلى ذكر مزدهر للقانون الدولي. لكن مع ذلك، وكما أشار النقاد، إنّ الثوار الحوثيين الذين يرأسهم الحوثي قتلوا الآلاف بمن فيهم الصحافيون، وهم يدعون بالموت لأمريكا وإسرائيل.

خاشقجي والإخوان.. وقطر ثالثهما
بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي، حتى غرفة التحرير في الصحيفة دققت في أسلوب محرري صفحة الرأي. أشار تقرير إخباري إلى أنّ مقالات خاشقجي تمت صياغتها على يد المديرة التنفيذية لمؤسسة قطر الدولية وهي الذراع القطرية الخارجية الأكثر أهمية وتأثيراً والتي تمارس البروباغندا لصالح الدوحة كما تنشر المواد المتطرفة في المدارس الأمريكية. يضاف إلى ذلك أنّ الصحيفة نفسها أصرت مراراً على إنكار علاقات خاشقجي بالإخوان على الرغم من الدعم العلني الذي كان الصحافي يقدمه للإخوان وللإسلاموية. وهذا يتلخص بطريقة واضحة في مقالاته التي نشرتها الصحيفة.

خداع يهمش المسلمين الحقيقيين
يتكرر الموضوع هنا. بغض النظر عن الاعتراضات التي أبداها ناشطون ليبيراليون بارزون في مصر واليمن، يستمر الإعلام مثل واشنطن بوست بإعطاء المتطرفين الفرصة للإعلان عن أنفسهم كممثلين لقيم ديمقراطية ليبيرالية شاملة. يعطي هذا الخداع الشرعية للمتطرفين بوصفهم قادة وصناع رأي فيما يهمّش المعتدلين الحقيقيين.

حتى في تغطيتها للإسلام الأمريكي، شجعت الصحيفة القراء على رؤية مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" المرتبط بالإرهاب، أو ليندا صرصور المقربة من العنصري لويس فرخان على أنهما صوتان موثوق بهما للمسلمين الأمريكيين. ومع ذلك، لا يملك هؤلاء الإسلاميون أي تفويض من المسلمين العاديين. عوضاً عن ذلك، يقومون باكتساب معظم شرعيتهم من الوسائل الإعلامية التي تريد بطريقة عمياء أن تجعل من الأقلية زعماء ذوي صفة تمثيلية.

إشكال
تخبر واشنطن بوست قراءها بأنّ الديمقراطية تموت في الظلام. لكنّ الإسلاموية تنمو هناك أيضاً. يضيف الكاتب أنّ إعطاء المجال لمتطرف كي يعبّر عن رأيه ليس أمراً مرفوضاً بالمطلق ويمكن أن يكون مفيداً في الكشف عن توجهاته الحقيقية. لكن يبقى مثيراً للإشكال العميق قيام صحيفة وبشكل متكرر بتقديم منصتها من دون الإضاءة على خطورة الأجندة المضمرة لأصحابها.