رشيدة طليب العضو في الكونغرس الأمريكي.(أرشيف)
رشيدة طليب العضو في الكونغرس الأمريكي.(أرشيف)
الثلاثاء 15 يناير 2019 / 19:59

ثوب رشيدة طليب

جهاد الرنتيسي

انساق المحتفون وراء شعور خادع بتحقيق انتصار على الآخر الأمريكي وسياساته الخارجية غير المتوازنة في عقر داره وامكانية التعامل مع الحدث باعتباره مؤشراً على حدوث متغيرات في قواعد المواجهة غير المتكافئة مع اللوبي الصهيوني

تطرح مناخات الاحتفاء بثوب عضو مجلس النواب الأمريكي رشيدة طليب علامة استفهام أخرى حول هشاشة ظروف، ومعطيات تفكير جمهور الباحثين عن تعويض هزائمهم المتلاحقة في المنطقة العربية.

في غالبيتهم انساق المحتفون وراء شعور خادع بتحقيق انتصار على الآخر الأمريكي وسياساته الخارجية غير المتوازنة في عقر داره وإمكانية التعامل مع الحدث باعتباره مؤشراً على حدوث متغيرات في قواعد المواجهة غير المتكافئة مع اللوبي الصهيوني مما أسقط عدداً من الاعتبارات التي لا يستقيم التفكير دونها.

أول هذه الاعتبارات أن الفوز الذي تحقق في ولاية ميتشيغان إفراز للحياة السياسية الأمريكية، مما يعني أن الإشادة به ترتبط تلقائياً بالإطراء على حيوية النظام الانتخابي الذي أتاح لأمريكيتين من أصول عربية الوصول إلى مجلس النواب مثلما يتيح للوبي الإسرائيلي المنظم التأثير على مؤسسات صنع القرار في الولايات المتحدة.

ولا تترك تركيبة مجلس النواب الأمريكي وما يمثله حضور رشيدة طليب فيها فرصة لرفع سقف توقعات النجاح في إقرار أو طرح مشاريع قرارات تسهم في ترشيد السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضايا العربية.

لسيناريو وصولها إلى مجلس النواب دلالات لا تقل أهمية عن هذه الحقائق، فلم يكن فوزها ممكناً في الانتخابات النصفية لولا توزع أصوات السود على أربعة مرشحين مما يضع النجاح الذي حققته في دائرة الصدفة أو لعبة الحظ.

الصورة التي ظهرت فيها طليب أمام وسائل الاعلام لا تترك ما يوحي بقدرة تأثيرها على الشارع الأمريكي الذي لا يتقبل تلفظ السياسيين العلني بعبارات نابية حتى لو كانت هذه العبارات متداولة في الأطر الحزبية والأوساط السياسية، وبذلك بات على الثوب الفلاحي الفلسطيني الذي ارتدته النائب وصورة العرب والمسلمين دفع فاتورة الأوصاف التي أطلقت على الرئيس دونالد ترامب.

الأوهام التي فرغت المشهد الاحتفالي من هذه الحقائق غير الخافية على المشتغلين بالسياسة ليست بعيدة عن واقع تشكله هزائم القيادة الفلسطينية ـ بفعل تدني مستوى أدائها وفشلها في قراءة المعادلات الدولية وعجزها عن التغلب على الانقسام الداخلي ـ وحالة الإحباط وانسداد الأفق وانعدام الخيارات التي وصل إليها الشارع الفلسطيني والعربي.

تاريخ الهزائم العربية حافل بمناخات شبيهة بمناخ الاحتفاء بفوز طليب والتعويل عليها، ففي أعقاب نكسة 1967 سرت شائعة ظهور السيدة مريم العذراء في كنيسة الزيتون بالقاهرة ليتبين أن ما تجمع الجمهور لرؤيته لا يتعدى تداخلاً في الاضواء، وخلال أزمة وحرب الخليج الثانية رأى الموهومون صورة صدام حسين على القمر.

تلتقي دلالات الاحتفاء بثوب طليب المطرز عند نقطة يصعب تجاوزها وهي استمراء اجترار منظومة إشارات تعويض الفلسطينيين عن هزائمهم بدءاً بالكوفية التي تحولت إلى موضة ومروراً بالعلم الذي تلف به جثامين الشهداء ويرفع في الوقت ذاته على دوريات التنسيق الأمني ويجري تعويمه في بحر رايات الفصائل.