نازحون سوريون (أرشيف)
نازحون سوريون (أرشيف)
الأربعاء 16 يناير 2019 / 12:54

سوريا لغز استراتيجي كبير لأمريكا

تفاجأ مسؤولو الأمن القومي الأمريكي وشركاء دوليون بقرار الرئيس الأمريكي سحب 2000 جندي أمريكي خارج سوريا. وتزامن ذلك التحول المفاجئ في السياسة الخارجية، مع غياب أي مؤشر على نقاش داخل الإدارة عن مصالح الأمن القومي الأمريكي، ما ساهم في إثارة فوضى وانتقادات، بعضها مؤثر، وأخرى تنطوي على شيء من المبالغة.

ليس للولايات المتحدة مصالح حيوية في سوريا، التي لا تملك احتياطاً نفطياً كبيراً، ولا يمثل جيشها تهديداً لإسرائيل

وفي اعتقاد جيمس كوك، كاتب رأي لدى موقع "ذا هيل" الأمريكي، كان توقيت قرار ترامب مريعاً. فرغم تقييم ترامب المتفائل، وقوله: "انتصرنا على داعش"، لم يهزم التنظيم بعد، ولا تزال عودته ليشكل تهديداً إرهابياً كبيراً، أمراً محتملاً في ظل انسحاب مبكر لقوات أمريكية خاصةً من سوريا.

رد فعل قوي
ويلفت الكاتب إلى رد فعل قوي وفوري ضد القرار تمثلت في استقالات جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي السابق، وبريت ماكغورك المبعوث الخاص للتحالف الدولي لمحاربة داعش. ثم خرج السناتور ليندسي غراهام ليشير بحدة إلى إعلان ترامب عن هزيمة داعش، وليصفه بأنه عبارة عن "أخبار كاذبة". وقال النائب الجمهوري ماك ثورنبيري، إن الانسحاب" سيجعل أمريكا أقل أماناً".

وخوفاً من التخلي عنهم، سارع أكراد سوريون من وحدات حماية الشعب الكردي إلى طلب الحماية من الحكومة السورية ضد هجوم تركي محتمل. وتعتبر أنقرة الوحدات فرعاً سورياً لحزب العمال الكردستاني، ومنظمةً إرهابيةً هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "بطردها من مدينة منبج السورية".

اقتناص فرصة
من جانب آخر، اقتنص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الفرصة للترحيب بقرار ترامب، وللمطالبة بتسريع الخروج الأمريكي. وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، إن الانسحاب ربما يؤدي "لاحتمالات حقيقية لتسوية سياسية في سوريا". وقالت إيران إن وجود قوات أمريكية كان دوماً "غير منطقي، ومصدر توتر".

رسائل متفاوتة
وحسب كاتب المقال، كانت تلك الردود نتاج رسائل متفاوتة صدرت عن كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية، مثل تبرير مستشار الأمن القومي جون بولتون سبب المطالبة ببقاء قوات أمريكية في سوريا، فيما عبر ترامب، في ذات الوقت، عن رغبته في سحبها على الفور. وقبل أيام من إعلان ترامب، قال ماكغورك: "لا أحد يقول إن مقاتلي داعش زالوا من الوجود. ولا أحد ساذجاً إلى هذا الحد. نريد أن نبقى على الأرض لنضمن الحفاظ على الاستقرار في تلك المناطق".
  
مشكلة منهجية
وينظر الكاتب إلى تلك الأخطاء في التواصل على أنها نتيجة مؤسفة لمشكلة منهجية لدى الإدارة تتمثل في غياب فعالة تقييم الوكالات وبحث مسألة استعداد الرئيس لمتابعة ما يجري عند اتخاذ قرارات.

ويرى الكاتب أن واشنطن أجرت، في الأسابيع القليلة الماضية استدارة كاملة، ومثل تلك الفوضى تعود بالضرر على أصحابها، وكان يمكن تجنبها إلى حد كبير. وكان يمكن لنقاش حول تعقيدات السياسة الأمريكية في سوريا أن تجعل صناع قرارات ترامب أكثر اطلاعاً على مبررات بقاء قوات أو سحبها.

لغز استراتيجي
وفي رأي الكاتب، رغم أن تقويض داعش هدف مشرك للجميع، تمثل سوريا مصالح قومية غير متناسقة ولغزاً استراتيجياً لواشنطن.

وفي هذا السياق، يقول آرون ديفيد ميلر من مركز ويلسون، وريتشارد سوكولسكي، زميل بارز لمركز كارنيغي للسلام الدولي، إنه ليس للولايات المتحدة مصالح حيوية في سوريا، التي لا تملك احتياطياً نفطياً كبيراً، ولا يمثل جيشها تهديداً لإسرائيل.

وفي المقابل، يعد انتصار الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب السورية بمثابة نصر حيوي لسياسة إيران التوسعية في المنطقة، ولوكلائها مثل حزب الله في لبنان، فضلاً عن ترسيخ موطئ قدم روسي في سوريا، وتسهيل توسيع نفوذ موسكو في الشرق الأوسط.
  
ويطالب كاتب المقال ترامب بتوجيه خطاب للشعب الأمريكي لشرح كيفية خدمة المصالح الأمريكية بالشكل الأمثل عبر الانسحاب من سوريا، وتقديم جدول زمني معقول ومنسق مع شركائه في التحالف الدولي، وتوفير الضمانات لحماية حلفائه الأكراد، ولمنع ظهور داعش ثانية.