مسلحان أمام حرائق مشتعلة في العراق (أرشيف)
مسلحان أمام حرائق مشتعلة في العراق (أرشيف)
الخميس 17 يناير 2019 / 13:42

ترامب تعلم من حماقة تغيير الأنظمة

24- زياد الأشقر

لاحظ الباحث تيد غالين كاربنتر في مقال نشره في مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أن رد الفعل العدائي من سياسيي واشنطن والنخب العاملة في وسائل الإعلام، على قرار الرئيس دونالد ترامب بسحب القوات من سوريا يشمل عوامل عدة.

الفجوة بين آمال واشنطن والنتائج الفعلية كانت كبيرة في ليبيا مثلما كان الحال في العراق. وتحولت ليبيا إلى صومال البحر المتوسط

يعكس أحد العوامل موقفاً حزبياً ينم عن رفض أي اقتراح لترامب، خارجياً كان أم محلياً، وآخر يتعلق بالقصور الذاتي السياسي متمثلاً في التراجع عن التزام عسكري سبق التعهد به.

ولا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بجنود في دول مثل ألمانيا، واليابان، وكوريا الجنوبية، رغم عقود من انتفاء الأسباب المنطقية لذلك. ويساعد هذا القصور الذاتي على مقاومة خطة ترامب لسحب القوات من أفغانستان.

وثمة عامل آخر في الحالة السورية، تعبر عنه ضغوط من قوى خارجية لإبقاء الولايات المتحدة منخرطةً بشكل مكثف في الشرق الأوسط.

تغيير الأنظمة

ويضيف كاربنتر إلى كل ذلك عاملاً إضافياً وراء رفض إنهاء المهمة السورية، إذ إن هناك تردداً في الاعتراف باخفاق أي مغامرة على مستوى عالٍ في السياسة الخارجية، بصرف النظر على وجود كم من الأدلة على ذلك.

وهذا الموقف غير الصحي يعود على الأقل إلى حرب فيتنام. لذلك، فإن في بقاء الرئيس السوري بشار الأسد، تذكير بأن استراتيجية واشنطن لإسقاط الديكتاتوريين العلمانيين بالقوة في الشرق الأوسط الكبير، قد منيت بفشل ذريع.

ويقاوم المهندسون والمهللون لحملات تغيير الأنظمة الاعتراف بمدى سوء سياساتهم. وفي الحالات الثلاث، من الواضح أن السياسة الأمريكية جعلت الأوضاع أسوأ مما كانت عليه.

العراق وليبيا وسوريا
واعتبر كاربنتر أن الافتراض الساذج لدعاة التدخل في الخارج كان يقوم على أن تغيير الولايات المتحدة للانظمة سيؤذن بقيام أنظمة سياسية وديمقراطية جديدة في العراق، وليبيا، وسوريا. إن دعم واشنطن للمنشق العراق أحمد الجلبي وحزبه المؤتمر الوطني العراقي، يفترض أن أهداف الولايات المتحدة ذهبت إلى ما هو أبعد من مواجهة تهديد شبح أسلحة الدمار الشامل العراقية.

ودلت تعليقات الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون على هذه النقطة عند توقيعه قانون "تحرير العراق" في 1998، إذ قال إن الولايات المتحدة تريد أن ينضم العراق إلى أسرة الأمم عضواً محباً للحرية والقانون، و"هذا في مصلحتنا ومصلحة حلفائنا في المنطقة. تفضل الولايات المتحدة عراقاً يوفر الحرية لشعبه. أرفض حججاً تقول إن تحقيق مثل هذه الخطوة مستحيل نظراً إلى تاريخ العراق أو بسبب تركيبته الإثنية والطائفية. إن العراقيين يستحقون الحرية مثل الآخرين تماماً".

سلبيات فاقت التوقعات
وقال كاربنتر إن نتائج حرب العراق، فاقت في سلبياتها أي سيناريهات توقعتها إدارتا كلينتون وجورج بوش. ومع ذلك، فإن التوقعات الأمريكية بتعزيز الديمقراطية كانت مجدداً دليلاً حمل إدارة باراك أوباما على مساعدة المتمردين في ليبيا وإسقاط معمر القذافي.

ومرة أخرى، قادت الولايات المتحدة جهداً لخلع ديكتاتور علماني على أمل أن يسفر ذلك عن ديمقراطية أكثر ثباتاً. إن الفجوة بين آمال واشنطن والنتائج الفعلية كانت كبيرة في ليبيا، مثلما كان الحال في العراق. وتحولت ليبيا إلى صومال على ضفاف البحر المتوسط.

مستنقع الشرق الأوسط
ولفت كاربنتر إلى أن قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا هو محاولة طال انتظارها لانتشال الولايات المتحدة من مستنقع الشرق الأوسط.

وفي المقام الأول كانت الولايات المتحدة غبية ومتغطرسة لتقبل التدخل في الصراع الأهلي السوري.

ولذلك من المستحسن الخروج الفوري، ويستحق ترامب التقدير وليس الإدانة، على هذا القرار، إذا نفذه.