رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، ويبدو في الصورة ملصق عليه صورة الزعيم الشيعي موسى الصدر.(أرشيف)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، ويبدو في الصورة ملصق عليه صورة الزعيم الشيعي موسى الصدر.(أرشيف)
الجمعة 18 يناير 2019 / 21:28

نبيه بري واختفاء موسى الصدر!

لايزال لبنان وبكل أسف يخضع للتوازن المرعب ألا وهو التوازن الطائفي داخلياً وارتباطاته الخارجية في الإقليم والعالم، ولبنان الحر وسيد نفسه يحتاج لقيادات غير مرتهنة للخارج

مازال رئيس حركة أمل نبيه بري يستثمر دم الإمام موسى الصدر بعد أربعين عاماً على اختفائه، فنبيه برى الذي أحال رمزية الإمام الصدر إلى رمزية طائفيه بحتة لم يشبع بعد من تلك المتاجرة التي حفظت له ولحركته امتيازاً سياسياً تمثل "باحتلال" رئاسة مجلس النواب منذ بداية التسعينيات، وأعطته قيمة مضافة تمثلت بإدخاله كمعادل موضوعي للرئاسة الأولى "رئاسة الجمهورية" والرئاسة الثانية "رئاسة مجلس الوزراء" وفقاً لاتفاق الطائف، ووفقا لما اصطلح عليه "ترويكا الحكم".

ومنذ رئاسته الأولى لمجلس النواب عام 1992 بات نبيه بري "الثابت الوحيد" في المعادلة اللبنانية دائمة التغير، وتضاعفت قيمته السياسية بصورة كبيرة جداً بسبب الحاجة الإيرانية – السورية لخدماته وتحديداً في توظيف البرلمان اللبناني في خدمة النظامين، وكلنا يذكر كيف أغلق بري البرلمان اللبناني وبصورة غير شرعية وبشكل اقرب ما يكون "للبلطجة السياسية" من عام 2006 حتى عام 2008 لمنع فريق 14 آذار (مارس) من تمرير قانون المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الشهيد رفيق الحريري.

استحضر نبيه بري قضية الإمام موسى الصدر على أبواب انعقاد القمة العربية الاقتصادية في بيروت بشكل مريب وبدون مقدمات وبشكل غير متوقع، وحرك جمهور حركة أمل لممارسة الشغب والبلطجة وحرق علم ليبيا الجديد والتظاهر ضد حضورها القمة، على الرغم من علمه أن النظام الحالي في ليبيا لا علاقة له من قريب أو بعيد بالقذافي، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذه المتاجرة بدم الإمام الصدر الآن بعد أن انتفت الحاجة لذلك حتى وان من باب الدعاية السياسية ؟

أعتقد أن هناك سببين:
الأول: مواصلة بري مناكفته للرئيس اللبناني ميشيل عون ولعهده، وبهدف تخريب أي جهد يمكن أن يعتبر انجازاً من منجزات هذا العهد، والتخريب هنا القصد منه إعلاء شان الرئاسة الثانية "الشيعية " على حساب الرئاسة الأولى المارونية والثانية السنية.

أما السبب الثاني فهو متصل بالسبب الأول، فقد أراد نبيه بري اقتناص الفرصة والرد على الرئيس عون نيابة عن حزب الله وسوريا بعد أن أعلن رئيس الجمهورية التزامه بقرار الجامعة العربية في الاستمرار بمقاطعة سوريا وبالتالي عدم توجيه دعوة لها لحضور القمة الاقتصادية، والهدف واضح ومفضوح وهو زيادة رصيد النفاق والتبعية للقرار السوري – الإيراني، واثبات أن رئاسة البرلمان اللبناني هي سلطة تابعة لإرادة النظامين في دمشق وطهران ومنفصلة في المواقف المفصلية عن النواب اللبنانيين وإرادتهم.

لايزال لبنان وبكل أسف يخضع للتوازن المرعب ألا وهو التوازن الطائفي داخلياً وارتباطاته الخارجية في الإقليم والعالم، ولبنان الحر وسيد نفسه يحتاج لقيادات غير مرتهنة للخارج مهما كان تبرير ذلك وتحت أي عنوان، فالمصالح السياسية تختلف تماماً عن التبعية السياسية.