الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والزعيم السوفييتي ميخائيل غورباتشيف في مراسم توقيع المعاهدة (أرشيف)
الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والزعيم السوفييتي ميخائيل غورباتشيف في مراسم توقيع المعاهدة (أرشيف)
السبت 2 فبراير 2019 / 16:41

ما هي معاهدة الصواريخ النووية التي ستعيد العالم إلى الحرب الباردة

أصبحت معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى ملف توتر جديد بين روسيا والولايات المتحدة، بعد تبادل الطرفين الاتهامات بخرق بنودها، وإعلان واشنطن تعليق التزامها بها، وإعلان الرئيس الروسي فلادمير بوتين الإجراء نفسه، رداً على قرار واشنطن، فما هي أبرز بنود هذه المعاهدة التي أبرمت في 1987 في أوج الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن، وهل يعني تعليقها عودةً إلى التسلح والحرب الباردة؟

أجبرت معاهدة الحد من الصواريخ النووية المتوسطة المدى "آي أن أف"، في 1987 ووقعها الرئيس الأمريكي رونالد ريغن، والزعيم السوفيتي يومها ميخائيل غورباتشيف، للمرة الأولى، البلدين على خفض ترسانتيهما النوويتين.

وبتوقيعها في واشنطن، وُصفت المعاهدة بـ"التاريخية"، وفتحت الطريق لعهد جديد في العلاقات بيت الكتلتين الشرقية والغربية، إبان الحرب الباردة.

ورغم أن معاهدات أخرى أبرمت قبلها، مثل اتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية "سالت1 " في 1972، و"سالت 2" في 1979 للحد من القاذفات الجديدة للصواريخ الباليستية، لكن في معاهدة الحد من الصواريخ النووية المتوسطة المدى، تعهدت القوتان العظميان للمرة الأولى تدمير فئة كاملة من الصواريخ النووية.

بنود المعاهدة
وبموجب المعاهدة، يفترض تدمير الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتراً في السنوات الثلاث التي تلي دخولها حيز التنفيذ.

وفي المجموع، كان يجب تدمير 2692 صاروخاً قبل 1991، أي كل الصواريخ متوسطة المدى تقريباً، والتي كانت تشكل أكثر بقليل من 4% من مجموع الترسانة النووية للبلدين في 1987.

ومن النقاط الجديدة التي وردت في المعاهدة، وضع إجراءات للتحقق من التدمير في كل دولة، من قبل مفتشين من الدولة الأخرى.

وبين الصواريخ الأمريكية التي تقضي المعاهدة بتدميرها، صواريخ "بيرشينغ 1 ايه" و"بيرشينغ 2" التي كانت محور أزمة الصواريخ الأوروبية في ثمانينات القرن الماضي.

بداية الأزمة 

تعود بداية الأزمة بين البلدين، عندما نصب الاتحاد السوفيتي صواريخ نووية من طراز "إس إس-20" موجهة إلى العواصم الأوروبية، ليرد عليها حلف شمال الأطلسي "الناتو" بنشر صواريخ "بيرشينغ" في أوروبا خاصةً في ألمانيا، موجهة إلى الاتحاد السوفيتي.

ووصف الرئيس ريغان الاتحاد السوفيتي يومها، بعبارات قاسية مثل "إمبراطورية الشر". وبعد عقد السبعينيات الذي ساده بعض الانفراج بين الكتلتين، عادت الحرب الباردة إلى ذروتها من جديد.

وبوصول ميخائيل غورباتشيف إلى السلطة في الاتحاد السوفيتي في 1985، وإطلاق ما أسماه سياسات البيريسترويك، إعادة الهيكلة، والغلاسنوست، أي الشفافية، انفتحت بلاده على المناقشات مع الولايات المتحدة.

واحتاج الأمر ثلاث قمم بين غورباتشيف وريغان بين 1985 و1987 للاتفاق على توقيع معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى.

وبعد 32 عاماً من التوافق على المعاهدة، التي يُنتظر أن تنتهي آلياً بعد عامين، وفي أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انتهاك روسيا للمعاهدة، مهدداً بالانسحاب منها رغم دعوات الاتحاد الأوروبي لـ "حماية" الاتفاقية، والتمسك بها، ليأتي إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أمس الجمعة، تعليق العمل بها، وإمهال روسيا ستة أشهر إضافية لإثبات تمسكها بها، وإلا فإن الولايات المتحدة ستكون في نهايتها منسحبة عملياً من المعاهدة، لتزيد حدة التوتر بين العاصمتين، ولتعيد العالم أكثر من 30 عاماً إلى الوراء، إلى ما قبل الانفتاح والانفراج، ما يُهدد بالعودة إلى سباق تسلح، وإحياء سياسة المحاور، والمراوحة بين الحرب الباردة، والحروب بالوكالة بين المعسكرين.