مقاتلون أكراد في سوريا (أرشيف)
مقاتلون أكراد في سوريا (أرشيف)
الإثنين 4 فبراير 2019 / 12:42

"خريطة طريق" لحل النزاع بين تركيا والأكراد

قال تقرير في موقع "آروتز شيفا" الإسرائيلي، إن معالجة الأزمة التركية الكردية في سوريا تكون بمعالجة أنقرة الأسباب الجذرية لمشاكلها مع الأكراد داخل تركيا، وهم الذين تعرضوا للتهميش والعنف منذ بداية تركيا الحديثة.

من ركائز حل الصراع التركي-الكردي إنشاء منطقة آمنة يديرها أعضاء الناتو وتحديداً فرنسا وإنجلترا، وتشكيل حرس وطني كردستاني لاستيعاب واستبدال قوات سوريا الديمقراطية

ويشير التقرير، الذي أعده شيركوه عباس رئيس الجمعية الوطنية الكردستانية في سوريا، والصحافيان جيري غوردون، وروبرت سكلاروف، إلى أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السحب الفوري للقوات الأمريكية من سوريا، كانت سبباً في تعقيد مهمة التحالف الدولي لمحاربة داعش، وأسفرت عن مقتل أربعة أمريكيين في منبج بسبب تفجير انتحاري لداعش.

داعش لم يُهزم
ويؤكد التقرير أن تنظيم داعش الإرهابي لم يُهزم بعد، وتعكس الهجمات الأخيرة في منبج، وكينيا، وإدلب، وعفرين، ومناطق أخرى أن الانسحاب الأمريكي يشجع جماعات إرهابية أكثر راديكالية، وكذلك الأنظمة الوحشية على ارتكاب المزيد من العمليات الإرهابية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هدد بطرد قوات سوريا الديمقراطية بقيادة الأكراد من مدينة منبج العربية مع احتفاظ القوات الأمريكية بحاجز، واقترح أردوغان وترامب إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا من البحر المتوسط إلى حدود كردستان العراق، للتعامل مع قوات سوريا الديمقراطية لأنها تتألف، حسب مزاعم أردوغان، من "إرهابيين" على شكل وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يرتبط بحزب العمال الكردستاني في شرق تركيا، والذي تعتبره الأخيرة "منظمة إرهابية كردية".

ولكن حزب الاتحاد الديمقراطي هو حزب سياسي ووحدات حماية الشعب الكردية هي جناحه العسكري.

جذور المشكلة
ويقول التقرير: "تحتاج تركيا إلى البدء في معالجة جذور مشاكلها مع الأكراد داخل تركيا أولاً قبل لومهم في جميع القضايا في الخارج، والواقع أن الأكراد الأتراك تعرضوا لتهميش والعنف منذ تأسيس تركيا الحديثة".

وأُطلقت مبادرة في أغسطس (آب) 2016 قبل غزو الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا لمدينة جرابلس، وغزو واحتلال 2018 للجبهة الكردية القديمة في عفرين من قبل وحدات الجيش التركي والجيش السوري الحر.

ويعتبر التقرير أن الجيش السوري الحر أكثر تطرفاً من تنظيم القاعدة الإرهابي، ما يفسر نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الأكراد، ومقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية إلى الأراضي الكردية في شمال شرق سوريا الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، في إطارحُكم الذاتي.

ولكن هذه المنطقة تحديداً تشكل مطمعاً لتركيا، وإيران، ونظام الأسد لأنها تحتوي على 90% من موارد الطاقة السورية بالإضافة إلى الأراضي الزراعية المنتجة، وثمة تهديدات بتحويل المنطقة إلى "مستعمرة تركية" بإعادة توطين اللاجئين السنة الراديكاليين العائدين ضمن المجموعات العرقية التركية والعربية الذين لا يُصنفون على أسس عرقية، وينتمون إلى جماعة الإخوان الإرهابية المتحالفة مع تركيا.

صفقة الأكراد مع الأسد
ويكشف التقرير أنه بسبب الانسحاب الأمريكي من سوريا، دخل القادة الأكراد السوريون في مفاوضات مع كل من موسكو ونظام الأسد للحصول على الحماية من تهديدات تركيا، وجماعات المعارضة الجهادية المتحالفة معها.

ونشر نظام الأسد قواته في منطقة منبج المجاورة، وسيرت روسيا دوريات شرطة عسكرية عبر نهر الفرات، وكان ثمن حصول الأكراد على الحماية هو الاستسلام للأسد والسماح لنظامه بالسيطرة على المنطقة الكردية التي تتمتع بالحكم الذاتي بحكم الأمر الواقع، وتضم أيضاً أقلية من العرب السنة، والتركمان، والآشوريين المسيحيين.

ويضيف التقرير "يعني ذلك تخلي الأكراد عن السيطرة على موارد الطاقة في المنطقة، وحل قوات سوريا الديمقراطية التي تقود وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وانضمامها إلى الجيش العربي السوري، وكذلك التخلى عن أي مطالب بالاستقلال أو الفيدرالية، الأمر الذي يعني أيضاً الاعتراف الفعلي بالهيمنة الإيرانية على نظام الأسد".

المناطق الآمنة
ويلفت التقرير إلى المقترحات العديدة الأخرى التي ظهرت حول ما يُطلق عليه "المناطق الآمنة"، إذ ُيريد أردوغان السيطرة على الحدود الدولية بالكامل من ساحل البحر المتوسط إلى حدود كردستان العراق إلى عمق 32 كيلومتراً، وفي هذه الحالة تسحب جميع الأسلحة الثقيلة وإدارة المنطقة من الجيش التركي والميليشيات الجهادية المتحالفة مع الجيش السوري الحر. وأكدت وحدات حماية الشعب الكردية أنها ستدير المنطقة الآمنة.

وكان هناك اقتراح آخر بإخلاء المنطقة من الأسلحة الثقيلة وترك الأسلحة الخفيفة فقط في حوزة قوات سوريا الديمقراطية، وتمكين قوات دولية من الأمم المتحدة مثلاً من الإشراف على المناطق الكردية والعربية والمسيحية في منطقة قامشلي، عاصمة المنطقة الشمالية الشرقية، ذات الأغلبية الكردية.

ويرى التقرير أن مثل هذه الاقتراحات لا تعترف بالمساهمات الكبيرة للأكراد السوريين في مساعدة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في هزيمة داعش، و من المهم صياغة حل بديل يتماشي مع جهود وتضحيات الأكراد في الصراع.

وعلاوة على ذلك، لا توجد أدلة على التزام الأكراد والأقليات الأخرى بالقيم الماركسية لحزب العمال الكردستاني، أو مجالس حزب الاتحاد الديمقراطي الذي كان مدعوماً في البداية من قبل الأسد لإدارة الشؤون الكردية، وسُمح لقواته بالقتال في أماكن أخرى بسوريا، كما أن الأكراد لا يقبلون الإيديولوجيا الماركسية التي يتبناها حزب الاتحاد الديمقراطي، ولكنه كان أفضل خيار متاح لهم.


انفصال الأكراد
وللخروج من الأزمة، يقترح التقرير حلاً يقوم على مكونات عدة في مقدمتها إنشاء منطقة آمنة يديرها أعضاء الناتو وتحديداً فرنسا، وإنجلترا، عبر الوحدات الجوية والعسكرية المتمركزة في المنطقة، وتشكيل حرس وطني كردستاني لاستيعاب واستبدال قوات سوريا الديمقراطية بعيداً عن سيطرة حزب العمال الكردستاني التركي والميليشيات الأشورية الموالية لنظام الأسد وحلفائه، ثم سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة، وتنظيم استفتاء برعاية دولية ومراقبين أجانب، لانتخاب مجالس الحكم المحلية، وهيئة تشريعية للمنطقة الاتحادية الكردية في إطار حُكم الذاتي في سوريا يمتد من الحدود العراقية إلى الجبال الكردية غرب عفرين.

ويقترح أيضاً التفاوض على اتفاقية انفصال عن حكومة دمشق على غرار اتفاق السلام الشامل لعام 2011 بين السودان وما أصبح جنوب السودان، وصياغة الدستور ووضع خطة استثمارية لتنمية إقليم كردستان الفيدرالي السوري مع رعاة دوليين، وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع الجهات الفاعلة الجيوسياسية في المنطقة.

ويخلص التقرير إلى أن المنطقة الآمنة في إدلب الخاضعة للسيطرة التركية ليست نموذجاً يحتذى به، إذ باتت المحافظة ملاذاً للجماعات الإرهابية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام، التي يمكن أن تحل محل داعش في أي وقت، وهي أكثر تطرفاً من تنظيم القاعدة.

وعلى العكس من ذلك، يقدم إقليم كردستان العراق المجاور نموذجاً ناجحاً رغم أنه ليس كياناً مستقلاً.