قائد أركان الجيش الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيف)
قائد أركان الجيش الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيف)
الخميس 7 فبراير 2019 / 19:52

فاشية مكشوفة تنافس فاشية مقنّعة

الجيش الذي أيقظه جنرال متقاعد يتمتع بصفات "مجرم حرب"، جيش الاحتلال الذي لم يقدم جنرالاً للحكم بعد رابين وشارون ألّف حزبه الخاص بزعامة غانتس وعضوية يعالون، وأطلق عليه اسماً عسكرياً، يشبه تلك الأسماء التي كان يطلقها على عمليات الاجتياح مثل "السور الواقي"، "مطر ملون"، "سلامة الجليل"، "عمود السماء"

حملة التدافع بالمناكب والأكتاف التي تخوضها الأحزاب الإسرائيلية في طريقها إلى صبيحة الانتخابات المبكرة تحولت إلى هيستيريا فريدة، الانتخابات التي قررها نتانياهو، وحدد موعدها بعد أن ألقى بحليفه المزعج ليبرمان إلى الشارع وأخذ منه حقيبته، وبعد أن بدا مؤكداً أن ثمة لائحة اتهام مخجلة بالفساد والرشوة تشمله وعائلته، رغم أنه في الصيغة الأخيرة لروايته أدخل ابن عم ثري كان يشتري له السيجار والشمبانيا الوردية.

اللائحة أصبحت جاهزة على طاولة النائب العام والرجل يصر على تقديمها. ورغم ذلك فثمة "هدايا" كثيرة تواصل سقوطها في سلة نتانياهو أكثر تأثيراً من اعطيات "ابن العم" الثري، ومن "اتفاقه" مع رجال أعمال فاسدين ورجال إعلام فاسدين أيضاً لـ"تبييض" صفحته وتغطية نشاطاته بمدائح تغطي على كل هذا، هدايا تصل مباشرة من البيت الأبيض، مهمتها الوحيدة مراكمة انجازات تنسب له ولنفوذه في أوساط السياسة الأميركية وقدرته الخاصة على التأثير في تلك الدوائر، وستساعده على مواصلة الحرب التي يخوضها ضد "اليمين الآخر" الذي يحاول أن يضع قدمه على الخشبة.

آخر هذه الهدايا وصلت من مجلس الشيوخ الأميركي على شكل مشروع قانون يتضمن، إضافة إلى فرض عقوبات على النظام السوري وحلفائه، إجراءات تسمح بمعاقبة شركات تنخرط في حملات لمقاطعة "إسرائيل".

المشروع حمل اسماً "ديماغوجياً" لا يختلف عن تغريدات الرئيس الأمريكي وقاموسه "الشعبوي"، "قانون تعزيز أمن أمريكا في الشرق الأوسط"، وقدمه زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ "ميتش ماكونيل"، بينما نص الفصل المتضمن محاربة الحركة العالمية لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي الـ"بي دي أس"، قدمه السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، على "منح الولاية أو الادارة المحلية صلاحية سحب أموالها من رأسمال الكيانات التي تلجأ لمقاطعة اسرائيل".

وكما بات مألوفاً ومضجراً في الأدبيات السياسية الأمريكية، ليس هناك أي فصل أو فرق يمكن ملاحظته بين الاحتلال وإسرائيل، السياسات المتوحشة للاحتلال والاستيطان وفاشية المستوطنين، وقتل الفلسطينيين على عشرات الحواجز وداخل المعتقلات، والحصار وتحطيم الاقتصاد الصغير للتجمعات الفلسطينية، والمصادرات والضم والهدم والتهجير ونظام الفصل العنصري، الذي أصبح واقعاً ومعلناً على الأرض، ومن خلال قانون "قومية الدولة"، كل هذا يصبح "إسرائيل"، التي ستحصل سنوياً كجزء من "تعزيز أمن أمريكا" على أكثر من ثلاثة مليارات دولار.

هذا ما يمكن أن يسمى هدية حقيقية تضاف إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأخيراً مطالبة الإدارة الأمريكية بالاعتراف بضم الجولان، عندما ينسب كل هذا إلى نفوذ ومهارات "بيبي نتانياهو"، عشية انتخابات مبكرة في مجتمع "خائف" ومشوش، مجتمع يلتهمه اليمين الفاشي، وتقوده مجاميع من العصابات المسلحة وميليشيات المستوطنين. مجتمع بدون "يسار" تقريباً، يكاد يكون معظم الزعماء الذين يتصدرون أحزابه من خريجي "الليكود".

"منجزات" من هذا النوع هو ما يحتاجه لمواجهة "النائب العام/القضاء" و"رؤساء الأركان/الجيش".

الجيش الذي أيقظه جنرال متقاعد يتمتع بصفات "مجرم حرب"، جيش الاحتلال الذي لم يقدم جنرالاً للحكم بعد رابين وشارون ألّف حزبه الخاص بزعامة غانتس وعضوية يعالون، وأطلق عليه اسماً عسكرياً، يشبه تلك الأسماء التي كان يطلقها على عمليات الاجتياح مثل "السور الواقي"، "مطر ملون"، "سلامة الجليل"، "عمود السماء"...، بحيث يبدو "حصانة إسرائيل"، اسم حزب غانتس-يعالون، قادماً من "هناك"، بالضبط من حيث يصعب إحصاء جثث الفلسطينيين واللبنانيين.

"يمين" ينافس "يمينه"، فاشية مكشوفة تنافس فاشية مقنّعة، هذا هو المشهد الانتخابي في إسرائيل.