رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الكنيست (أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الكنيست (أرشيف)
الأحد 10 فبراير 2019 / 20:28

الانتخابات الإسرائيلية وعنوانها الرئيس..!

يصعب التمييز بين المصلحتين الشخصية والعامة في الحياة السياسية لبنيامين نتانياهو، المقامر الذي تمكن على مدار عقدين من الزمن، هيمن فيهما على المشهد السياسي، من تغيير الخارطة السياسية والأيديولوجية لإسرائيل الدولة والمجتمع، إلى حد أصبح معه اليمين، بأطيافه المختلفة، مركز الثقل وصاحب اليد الطولى.

إذا كان ثمة من ضرورة لرسم صورة عامة للمعركة الانتخابية الراهنة في إسرائيل، فيجب القول إن الملامح التقليدية للمشهد السياسي الإسرائيلي، الذي ينقسم إلى يمين ويسار قد اختفت من المشهد العام، فالصراع يدور في معسكر اليمين، مركز الثقل في الحياة السياسية، بين ما يدعى بيمين الوسط، ويسار الوسط، وما لكليهما من هوامش واسعة

ولا يبدو من قبيل المجازفة القول إن نتانياهو يجابه، عشية الانتخابات النيابية في أبريل (نيسان) المقبل المعركة الأهم في حياته. فرهانه على نتيجة الانتخابات لا ينحصر في استكمال مشروعه السياسي والأيديولوجي وحسب، بل ويمثل ورقة إضافية لتفادي إسدال الستارة على الفصل الأخير في حياته وراء القضبان بتهمة الفساد، أيضاً، كما توقعت تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية السابقة في حكومة شارون، قبل أيام.

وعلى خلفية كهذه فإن المعركة الانتخابية الراهنة تبدو مصيرية بالمعنى الشخصي والعام. ومن المُرجح أن نتيجة الانتخابات التمهيدية، في الليكود، الذي أسهم هو في تحويله إلى الحزب الأهم في إسرائيل، كانت صادمة على نحو خاص.

فقد صعد إلى صدارة القائمة، قبل أيام، منافسوه على زعامة الحزب، بينما هبط حلفاؤه وأتباعه المخلصون درجةً إضافيةً. وهذا يعني أن قاعدة الليكود تدين بالولاء للحزب أكثر من ولائها لرئيسه، وأنها قد تتخلى عنه عند أقرب منعطف، وأن فرص الطامحين للاستيلاء على زعامة الحزب أصبحت أفضل.

ورغم أن استطلاعات الرأي حتى الآن تضع الليكود، بزعامة نتانياهو، على رأس قائمة الأحزاب المرشحة للحصول على أكبر عدد من المقاعد، إلا أن الأسابيع التي تفصل الإسرائيليين عن الانتخابات النيابية القادمة في أبريل (نيسان)، لا تخلو من مفاجآت.

فمن المفاجآت المُحتملة أن يُصدر النائب العام لائحة اتهام ضده في قضايا فساد، أو أن يتمكن بيني غانتس، رئيس الأركان السابق، والنجم الصاعد في المشهد السياسي الإسرائيلي، من دخول الانتخابات بتكتل كبير، يضم حزب "يوجد مستقبل" بزعامة يائير لابيد، مثلاً، ففي هذه الحالة سيتمكن من الحصول على عدد من المقاعد يوازي تقريباً، المقاعد التي سيحصل عليها الليكود، وبهذا تتساوى فرصه في تشكيل الحكومة مع فرص نتانياهو.

ويمكن لأمر كهذا أن يتضح بصورة أفضل إذا وضعنا في الاعتبار أن الكنيست الإسرائيلي يتكون من 120 نائباً، وأن رئيس الدولة يُكلف، بعد إعلان نتائج الانتخابات، رئيس الحزب، أو التكتل، الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد بتشكيل الحكومة، ويمنحه مهلةً زمنيةً محددةً يمكن تمديدها في حالات استثنائية.

وبما أن فرصة الحصول على الأغلبية، من جانب حزب واحد تكاد تكون معدومة، يلجأ الشخص المُكلّف إلى التحالف مع أحزاب وكتل أصغر لتشكيل حكومة ائتلافية.

وهذا يعني أن العقبات التي تجابه نتانياهو في تشكيل الائتلاف الحكومي، خلال الفترة الزمنية المُحددة، تزيد أسهم غانتس لتشكيل الحكومة، أو تجعل منه شريكاً لا غنىً عنه في ائتلاف مُحتمل، يمكن أن يتولى فيه منصب وزير الدفاع.

وفي الحالتين ثمة أثمان ينبغي دفعها في السياستين الداخلية والخارجية. وثمة سيف لائحة الاتهام المسلط فوق رأسه، والذي قد يؤدي في حال صدوره بعد تشكيل الحكومة إلى تفكك الائتلاف الحكومي، وإلى سباق داخل الليكود نفسه للبحث عن بديل.

وإذا كان ثمة من ضرورة لرسم صورة عامة للمعركة الانتخابية الراهنة في إسرائيل، فيجب القول إن الملامح التقليدية للمشهد السياسي الإسرائيلي، الذي ينقسم إلى يمين ويسار، اختفت من المشهد العام، فالصراع يدور في معسكر اليمين، مركز الثقل في الحياة السياسية، بين ما يدعى بيمين الوسط، ويسار الوسط، وما لكليهما من هوامش واسعة.

وهذا، أيضاً، ما يتجلى في الشعار الانتخابي لغانتس: "لا يمين ولا يسار، بل إسرائيل في المقدمة".

ويتعلق الأمر الثاني بحقيقة أن الصراع يدور على الترجمة الأفضل لسياسات وأيديولوجيا اليمين في السياستين الداخلية والخارجية، مع إزاحة الصراع حول مستقبل الأراضي المحتلة، والتسوية السياسية مع الفلسطينيين، إلى الهامش، خلافاً لما كان عليه الحال في سنوات مضت، احتل فيها الصراع على مستقبل الأراضي المحتلة مركز الثقل في الصراعات والدعاية الانتخابية.

وهذا، أيضاً، ما يتجلى في حقيقة أن مواقف غانتس من مستقبل الاحتلال، والتسوية، تتسم بقدر من الغموض للحيلولة دون نفور ناخبين محتملين في معسكر اليمين.

وإذا كان ثمة من ضرورة لاختزال هذا كله بما قل ودل، فلنقل إن العنوان الرئيس للمعركة الحالية، بصرف النظر عن تسميات وأوزان القوائم الانتخابية، هو نتانياهو نفسه.

البعض يريد التخلص منه، بأي ثمن، والبعض يريد الحفاظ عليه، بأي ثمن، وبين الحدين رهانات ومناورات ومصالح متغيرة من لحظة إلى أخرى.