مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية يستعدون لشن هجوم على داعش.(أرشيف)
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية يستعدون لشن هجوم على داعش.(أرشيف)
الثلاثاء 12 فبراير 2019 / 11:26

الأكراد يتعاملون مع الأسد رغم وعيد ترامب

رغم فرض الإدارة الأمريكية عقوبات على الحكومة السورية، تشتبه واشنطن في أن حلفاءها الأكراد يزودون دمشق بالنفط.

شركات تعمل تحت إشراف الحكومة السورية بدأت في تركيب أنابيب بالقرب من الشحيل، بلدة تقع عند الضفة الغربية لنهر الفرات الذي يفصل بين قوات الحكومة السورية عن قوات قسد، وحيث يحارب الجانبان تنظيم داعش

ووفق توم أوكونور، محرر سياسي لدى مجلة "نيوزويك"، لطالما قامت علاقة عمل بين الحكومة السورية، بقيادة الرئيس بشار الأسد، وقوات كردية تشكل غالبية قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من البنتاغون.

ويشير أوكونور إلى استمرار تلك العلاقة رغم وجود خلافات سياسية واسعة بين الجانبين وقعت قبل انتفاضة 2011 وبعدها، وبروز جهاديين هددوا الأكراد، والسوريين عامة. وفي ظل ظهور كلا الفصيلين كأكبر القوى النافذة على الأرض السورية، أثارت علاقاتهما الحالية اهتماماً واسعاً.

حاجة ماسة
وحسب كاتب المقال، تركز الحوار بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية على حاجة دمشق الماسة لنفط مناطق سورية تسيطر عليها تلك القوات التي طالبت بحكم ذاتي أوسع. ولكن سعي الولايات المتحدة للانسحاب من الصراع بعد إلحاق هزيمة افتراضية بتنظيم داعش، عمل على تسريع تحقيق رغبات كردية للتوافق مع دمشق.

تقاسم عائدات
وقبل بضعة أيام، نقلت وكالة "الأناضول" التركية شبه الرسمية، وجريدة "صباح" اليومية عن مصادر محلية تأكيدها التوصل إلى صفقة جديدة تسمح لوحدات حماية الشعب (YPG) الفصيل الرئيسي في تشكيلة قوات سوريا الديمقراطية، لنقل نفط عبر خطوط أنابيب بنيت في مدينة دير الزور الخاضعة للحكومة السورية.

وزعمت تلك المصادر بأن شركات تعمل تحت إشراف الحكومة السورية بدأت في تركيب أنابيب بالقرب من الشحيل، بلدة تقع عند الضفة الغربية لنهر الفرات الذي يفصل بين قوات الحكومة السورية عن قوات قسد، وحيث يحارب الجانبان تنظيم داعش. ويشاع أن الصفقة جاءت نتيجة اتفاق أمكن التوصل إليه خلال محادثات في يوليو (تموز) الماضي، حيث اتفق الجانبان علي تقاسم عائدات الإنتاج.

دعم وتدخل
ومع أن المهمة العسكرية الأمريكية في سوريا تقتصر رسمياً على محاربة داعش، يقول أوكونور إن واشنطن وحلفاءها في المنطقة تدخلوا في الشأن السوري، عبر دعم متمردين حاولوا خلع الأسد. وبدأت الولايات المتحدة باستهداف داعش بعد سيطرته علي نصف الأراضي العراقية والسورية في 2014، وتعاونت مع قوات قسد بعد ذلك بعام، في نفس الوقت الذي تدخلت فيه روسيا لصالح الأسد.

ومنذ تدخل موسكو في 2015، استطاع الجيش السوري وميلشيات موالية للحكومة – بعضها قوات شيعية غير رسمية مدعومة من إيران، استعادة معظم الأراضي السورية، باستثناء محافظة إدلب الباقية تحت سيطرة معارضة إسلامية ترعاها تركيا. كما لا يزال ثلث مساحة سوريا يخضع لسيطرة قوات قسد في شمال وشرق البلاد.

تقديرات
وحسب تقديرات حالية، تضم مناطق خاضعة لقوات قسد معظم حقول النفط السورية، والتي كانت تنتج قبل الحرب قرابة 350 ألف برميل يومياً، ثم تراجع الإنتاج لحوالي 25 ألف برميل فقط. وقد ساعد نجاح حملة قوات قسد في استعادة حقول نفط وغاز من قبضة داعش في حرمان الجهاديين من عائداتهم من السوق السوداء. ولكن دمشق في حاجة ماسة لعائدات النفط لإنشاء اقتصاد مستقر يكفي لاستثمار انتصارات عسكرية.

وهذا ما قاد إلى عدد من اتفاقات تقاسم الأرباح، التي يعود تاريخها لعام 2017، عندما واصلت دمشق دفع رواتب عاملين يقيمون في مدن سيطر عليها الأكراد. وتوسعت المحادثات لتشمل احتمال استعادة الحكومة السورية السيطرة على سد الفرات، شمال مدينة الرقة. وفي المقابل، طالبت قوات قسد باعتراف أوسع بحقوق الأقلية الكردية، والحصول على حكم ذاتي واسع.

عدو مشترك
وبرأي كاتب المقال، كان أهم ما سعت إليه قوات قسد من الحكومة السورية هو ضمان حمايتها من تركيا، العدو المشترك، والتي هدد رئيسها، رجب طيب أردوغان بتدمير القوة الكردية.

وبالرغم من تعهد ترامب بحماية الأكراد في حال خروج أمريكا من سوريا، اتهمهم، في الشهر الماضي بأنهم "يبيعون النفط إلى إيران، رغم أننا طالبناهم بالامتناع عن بيعه". ونفى الأكراد تلك التهمة على لسان أبرز ساستهم، صالح مسلم، في لقاء مع صحيفة أمريكية.

ومع اندفاع قوات سوريا الديمقراطية لإصلاح علاقاتها مع دمشق، بدأ عدد من الدول العربية بتحسين علاقاتها تدريجياً على أمل إبعاد سوريا عن إيران.