شعار جماعة الإخوان الإرهابية (أرشيف)
شعار جماعة الإخوان الإرهابية (أرشيف)
الثلاثاء 12 فبراير 2019 / 20:25

الجماعة كبديل للمجتمع

ثمانون عاماً من الرعاية البريطانية والأمريكية لم تكن كافية لترسيخ جماعة الإخوان، وتمكينها من الانخراط في المجتمعات العربية مكوناً سياسياً رئيسياً ثابتاً.

نجحت الجماعة في لعب أدوارها وأجادت الهجوم الدموي والانسحاب الأكثر دموية وكانت على الدوام قاسية في علاقتها بالمجتمع رحيمة في نظرتها لإسرائيل، فلفظها المجتمع وتمسكت بها أمريكا ودافع عنها أصدقاء إسرائيل في واشنطن ولندن وباريس

كان صعود الجماعة دائماً مرتبطاً بمراحل استثنائية وكان ظهورها في المشهد السياسي دائماً يرتبط بحاجة الرعاة إلى هذا الظهور الذي يصيغون شكله ومضمونه.

وكانت الجماعة دائماً جاهزة للتوظيف في مشاريع إجهاض التغيير الحقيقي في المنطقة العربية. ومن يرصد ويراجع دور الجماعة في مصر والأردن في عقدي الخمسينيات والستينيات، يتبين كيف كُلفت بأدوار أمنية في مواجهة اليساريين والقوميين والبعثيين والناصريين، في مرحلة المد القومي في المنطقة.

وحال الضغط الأمريكي في مراحل لاحقة دون إنهاء وجود الجماعة أو حتى إغلاق مكاتبها العلنية في الكثير من العواصم العربية، رغم اعتبارها جماعةً محظورةً، وعمدت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى الربط بين حق الجماعة في العمل، وبين حقوق الإنسان في الدول العربية.

ولذلك ظلت الجماعة ناشطة في الجوامع وفي المدارس وفي الأحياء الفقيرة، وواصلت الاستثمار السياسي، والتنظيمي في المناطق الأكثر فقراً، والأقل وعياً، واستطاعت استقطاب أعداد كبيرة من الفتية والشباب الذين أحبطهم الواقع المزري في بلاد تعاني من الفساد وسوء الإدارة، واقتربوا من الجماعة التي نجحت في تسويق أكذوبة امتلاكها لليقين.

كان نشاط الجماعة ولا يزال مريحاً للولايات المتحدة والمعسكر الغربي، وكان التنظيم ولا يزال جاهزاً لأي تكليف من الدوائر الغربية، ولذلك بادرت الجماعة، إلى امتطاء ثورات ما سُمي بالربيع العربي والسطو على نتائج التغيير الذي أسس له حراك شارع وطني لم يكن في معظمه محباً للإخوان أو قريباً منهم.
وسارعت الجماعة في المنطقة العربية إلى تبني مشروع الفوضى الخلاقة وانخرطت في تقسيم ما هو مقسم أصلاً من كيانات عربية قائمة، وأشاعت فوضاها المغلفة بالورع الكاذب في شوارع العواصم العربية التي أغرقتها بالدم.

وواصلت التحريض لدفع الشباب المسلم إلى مناطق الصراع في كل أنحاء الدنيا البعيدة عن فلسطين.

نجحت الجماعة في لعب أدوارها وأجادت الهجوم الدموي والانسحاب الأكثر دموية وكانت على الدوام قاسية في علاقتها بالمجتمع رحيمة في نظرتها لإسرائيل، فلفظها المجتمع وتمسكت بها أمريكا، ودافع عنها أصدقاء إسرائيل في واشنطن، ولندن، وباريس.

في الأيام القليلة الماضية اشتكت الجماعة ومعها منظمات حقوقية غربية من الأحكام القضائية الصادرة ضد من ضُبط من أعضاء المجموعات الإرهابية التابعة لهم في مصر، معتبرين أن هذه الأحكام مبالغة في قسوتها.

وعلت أصوات قياداتهم الهاربة إلى تركيا ودول غربية في نقد هذه الأحكام التي يقولون إنها جائرة، واتهموا السلطات المصرية باستهدافهم بأحكام سياسية، وقفزوا على حقيقة انخراطهم في حرب معلنة ضد الدولة المصرية، وهي حرب تجاوزت المواجهة السياسية إلى محاولات الاغتيال والتفجيرات التي أوقعت الكثير من الضحايا الأبرياء.

أما المنظمات الحقوقية التي تسعى للانتصار للجماعة أو الانتقام لها، فلم تستح من تقديم مصلحة الجماعة على مصلحة المجتمع، ولم تفكر لحظة واحدة في حاضر ومستقبل مائة مليون مصري فيما لو تمكن الإخوان من تنفيذ مخططهم التفجيري في مصر.

لدى الإسلامويين ورعاتهم الغربيين قناعة بأن الجماعة يمكن أن تكون بديلاً للمجتمع، وربما يفسر ذلك إصرار الأمريكيين والإسرائيليين على تدمير غزة وأهلها، والحفاظ في الوقت نفسه على بقاء حماس عبر وكلاء واشنطن في الدوحة وأنقرة، ومن خلال غطاء سياسي تركي وحقائب دولارات قطرية.