مسلحون من هيئة تحرير الشام في سوريا (أرشيف)
مسلحون من هيئة تحرير الشام في سوريا (أرشيف)
الأحد 17 فبراير 2019 / 12:46

خطة أردوغان في إدلب... رقص مع الذئب ولعب مع الحمل

حذر الصحافي أحمد أبو دوح في صحيفة "إندبندنت" البريطانية من خطر تعرض مدينة إدلب في شمال سوريا إلى الانفجار مجدداً، بعدما نجحت هيئة تحرير الشام المنبثقة من تنظيم القاعدة في تثبيت جذورها، في خضم جمود سياسي وتسابق القوى الكبرى للحفاظ على مصالحها.

تمدد هيئة تحرير الشام لم يكن بمثابة صدفة، وأردوغان يمارس استراتيجية تجمع بين الرقص مع الذئاب واللعب مع الحملان

وفي شرق سوريا، يواجه تنظيم داعش ساعاته الأخيرة مع إطباق قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة على من تبقى من مقاتليه. 

 وأصبحت إدلب المعقل الأخير والوحيد للمعارضة في هذا البلد، وسادت توقعات في 2018 بهجوم قوات الرئيس السوري بشار الأسد على المنطقة. لكن المنطقة نجت من كارثة إنسانية محتملة، بعد اتفاق سوتشي الذي شمل اتفاقاً لوقف النار رعته روسيا وتركيا وإيران في سبتمبر(أيلول) من العام الماضي.

لكن وفي الأشهر الأخيرة، عمدت هيئة تحرير الشام إلى قمع الفصائل الإسلامية الأخرى في المحافظة وسيطرت على الطرق الرئيسية. وبموجب اتفاق سوتشي كان على تركيا نزع سلاح هيئة تحرير الشام ودفع مقاتليها إلى الخلف. وتتشارك تركيا حدوداً طويلة مع محافظة إدلب.

إخفاق تركيا
ولكن أبو دوح لفت إلى أن إخفاق تركيا كان واضحاً منذ تمدد هيئة تحرير الشام. وتشتت استراتيجية الرئيس رجب طيب أردوغان في ضوء مخاوفه الأمنية من المقاتلين الأكراد في سوريا، ولم يلتزم بما تعهد به في اتفاق سوتشي.

وهكذا فإن الجماعة المسلحة التي تسيطر على إدلب الآن هي جماعة مارقة وعصابة من المتطرفين. وما يزيد القلق هو الجهود التي تبذلها هيئة تحرير الشام لاكتساب نوع من الشرعية. وهذا الفصيل المصنف على لوائح الإرهاب في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يتولى جزئياً إدارة التعليم، والطاقة في إدلب، وقدم اقتراحات لروسيا وتركيا.

بين الذئاب والحملان
ومع ذلك، يوضح الكاتب أن على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأردوغان أن يدركا أن الموقع القوي لهيئة تحرير الشام، قد يؤدي إلى شن القوات الموالية للأسد هجوماً، وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، دفعت المخاوف من كارثة إنسانية في منطقة إدلب ومحيطها أين يقيم 3 ملايين نسمة، إلى التوصل لاتفاق سوتشي.

ومع ذلك، يقول أبو دوح فإن احتمال تمدد هيئة تحرير الشام لم يكن صدفةً، وأن أردوغان اعتمد استراتيجية تجمع بين الرقص مع الذئاب، واللعب مع الحملان. وألزمت تركيا نفسها باتفاق سوتشي الذي يطالبها بإبعاد المجموعات الإسلامية عن إدلب تجنباً لهجوم من قوات الأسد.

وفي المقابل ربما يرى أردوغان أن من مصلحته الاحتفاظ بعلاقات طويلة الأمد مع جماعة،مهما كانت خطيرة، ربما تشكل عازلاً بين تركيا وسوريا.

نموذج القاعدة
ولفت الكاتب إلى أن الخطورة تكمن في أن السياسة الناعمة لتركيا، تساهم عن قصد أو بأي طريقة أخرى، في تأسيس نموذج من تنظيم القاعدة في سوريا أمراً واقعاً، بينما تتفتت الفصائل المقاتلة الأخرى أو تسعى إلى إسماع صوتها من الخارج.

وإذا لم يُواجه هذا الأمر، فإن من شأن ذلك أن يفضي إلى ميليشيا شبيهة بحزب الله في شمال سوريا. وعلى غرار حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، فإن هيئة تحرير الشام أحكمت سيطرتها على معظم منطقة إدلب.

وعلى غرار الحزب أيضاً أنشأت لها "ذراعاً سياسية". وكما بات حزب الله المظلة غير المتنازع عليها للشيعة السياسية بعد التغلب على حركة أمل في الثمانينات، برزت هيئة تحرير الشام بعد معارك طاحنة مع فصائل سنية منافسة، لتبسط نفوذها في المنطقة.

نفوذ تركي هشّ
ورأى الكاتب أن تركيا تكتسب نفوذاً هشاً باتباع تكتيكات قصيرة النظر على حساب استراتيجية صبورة بعيدة المدى، وعلى حساب العلاقات الودية مع روسيا. ومن المؤكد أن بوتين سيغضب من إخفاق أردوغان في التعامل بفاعلية مع هيئة تحرير الشام.

ومن ضمن اللعبة الأوسع، وإذا كان أردوغان يريد دعم بوتين في استراتجيته ضد أكراد سوريا، فإن عليه أن يسلم الإسلاميين المتشددين في إدلب. وإذا أدت جهود بوتين إلى كسر النفوذ الإسلامي في إدلب، عليه أن يضع حداً للتورط التركي الغامض في سوريا.

 ويبدو أنه يحظى بدعم عربي في هذا المسعى، لكن الخوف أن تكون هيئة تحرير الشام تحصنت إلى الحد الذي سيصعب معه إقتلاعها من دون أن يتسبب ذلك في ضرر بالغ لكل المتورطين في هذا المسعى.