من الهجوم على الحرس الثوري في الأهواز.(أرشيف)
من الهجوم على الحرس الثوري في الأهواز.(أرشيف)
الجمعة 22 فبراير 2019 / 12:58

النظام الإيراني وحده يتحمّل مسؤولية الهجمات التي يتعرض لها

علّق الكاتب السياسي الدكتور مجيد رافي زاده على عادة المسؤولين في طهران بلوم دول خارجية عند كلّ هجوم تتعرض له بلادهم. تمحورت أهم التغطيات الإخبارية لوسائل الإعلام الإيرانية هذا الأسبوع على الهجوم الانتحاري الذي استهدف الحرس الثوري في محافظة سيستان وبلوشستان الجنوبية الشرقية، والذي أدى إلى مقتل 27 من عناصره في 13 فبراير، وفقاً لوكالة فارس للأنباء.

باختصار، وكأكبر دولة راعية للإرهاب، يجب على النظام الإيراني ألّا يلوم إلا نفسه في الهجمات الأخيرة التي استهدفت الحرس الثوري

ويذكر رافي زاده في صحيفة "ذي أراب نيوز" السعودية أنّ توقيت الهجوم كان بارزاً لأنّه تزامن مع الذكرى الأربعين لوصول الثورة إلى الحكم. لكنّ هذا الهجوم لم يكن حدثاً معزولاً لأنّ عدد الهجمات على النظام وقواعده العسكرية يبدو أنه متصاعد.

سلسلة من الهجمات الحديثة
في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي، جُرح على الأقل أربعة ضباط شرطة إثر هجوم بقنبلة يدوية الصنع وجهاز متفجر آخر في المحافظة نفسها. في سبتمبر (أيلول) 2018، وخلال عرض عسكري في مدينة الأهواز الجنوبية الغربية، فتح رجل مسلح النار قاتلاً 25 شخصاً وجارحاً 55 آخرين. اعتبر هذا الهجوم واحداً من الاعتداءات الأفتك ضد الجيش الإيراني داخل البلاد، حيث كان أعضاء من الحرس الثوري وفيلق القدس ينظمون هذا العرض.

سنة 2017، صدم هجومان على البرلمان الإيراني وضريح الخميني العاصمة طهران وقد سقط 12 قتيلاً. اعترف حينها قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري بأنه تم إحباط من ستة إلى سبعة هجمات خلال سنة "لكنّهم تمكنوا من تنفيذ هذا (الاعتداء)".

لعبة إلقاء اللوم على الآخرين
في هذه الأوضاع، يتصرف النظام الإيراني بطريقة مباشرة عبر اللجوء إلى قاعدة عمله بإلقاء اللوم على دول أو لاعبين آخرين من دون تقديم أي دليل أو برهان. يتهم القادة الإيرانيون عادة الولايات المتحدة ودول الخليج، خصوصاً السعودية، وإسرائيل. هذه المرة اتهم جعفري السعودية والإمارات.

عقب هجوم الأهواز السنة الماضية، اتهم المرشد الأعلى علي خامنئي دول الخليج العربي تحديداً من دون تقديم أي دليل. وكتب في بيان عبر موقعه الإلكتروني: "هذه الجريمة هي استمرار لمؤامرات الدول الإقليمية التي تشكل دمى للولايات المتحدة، وهدفها خلق انعدام الأمان في بلدنا العزيز". يكرر المعتدلون والمتشددون الرسالة نفسها التي أعلنها خامنئي ويلعبون لعبة اللوم نفسها. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تشتيت الانتباه عن دعم النظام للمجموعات الإرهابية والميليشيوية عبر المنطقة.

سخرية
من خلال لوم الدول الأجنبية على الهجوم الأخير، يحاول القادة الإيرانيون أيضاً تشتيت انتباه الإعلام عن الوضع المريع للناس في سيستان وبلوشستان. يشكل السنّة غالبية السكان في المحافظة وتعرضوا للتجاهل والتمييز على يد النظام. ويعاني هؤلاء من الحرمان الاجتماعي والاقتصادي الشديد ومن أعلى نسب الفقر في إيران.

في هذه السيناريوهات، يتعهد النظام مباشرة بالانتقام عبر استخدام القوة الصلفة والعسكرية. وهدد جعفري السعودية والإمارات بأنّ "صبر إيران انتهى وبأننا لن نتحمل بعد اليوم دعمكما السري لهؤلاء المجرمين المناهضين للإسلام". من السخرية أن يتهم الزعماء الإيرانيون دولاً أخرى بإيواء القوى المتطرفة فيما يشكل النظام أكبر دولة راعية للإرهاب سنة تلو الأخرى. لقد تعاون وأمّن الملاذ لأعضاء من القاعدة وهو يسلح ويدعم ويدرب ويمول مجموعات الرعب على امتداد المنطقة بما فيها العراق واليمن ولبنان وسوريا.

لا يلومنّ إلّا نفسه
مع استمرارهم بالمغامرات العسكرية الواسعة الانتشار في الشرق الأوسط وبمواصلة دعمهم للمجموعات الميليشيوية التي ترتكب انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان في الدول الخارجية، ومع القمع الواسع النطاق لمواطنيهم، يجب ألا يشعر القادة في طهران بالصدمة إزاء وصول الاستياء الشعبي من الحرس الثوري وفيلق القدس إلى مستوى جديد.

على الأرجح، سيحاول الملالي دعم حججهم التي لا أساس لها بالقول إنّ المجموعات المتطرفة هي عدوة البلاد أو أنّ إيران تحارب التطرف والإرهاب في المنطقة. وسيكون ذلك لمساعدة المتشددين أكثر على تبرير نشر المزيد من القوى وتعزيز تورطهم في المنطقة. وهكذا طالب جعفري بمزيد من السلطة للجيش حين قال: "سننتقم لدماء شهدائنا من الحكومتين السعودية والإماراتية ونطلب من الرئيس (حسن روحاني) ... أن يعطينا الحرية أكثر من أي وقت مضى لعمليات الانتقام".

يؤكد رافي زاده أنّه باختصار، وكأكبر دولة راعية للإرهاب، يجب على النظام الإيراني ألّا يلوم إلا نفسه في الهجمات الأخيرة التي استهدفت الحرس الثوري.