الأحد 24 فبراير 2019 / 20:50

أبوظبي: منزل من جلد آدمي في كف فنان..

24 - الشيماء خالد

حل الفنان البريطاني الراحل، دونالد رودني، في منارة السعديات في أبوظبي أخيراً، بعمله الفني الشهير، الذي يجسد صورة يده الواهنة عندما كان في المستشفى، تحمل بيتاً هشاً في راحتها، محاكاة لروح الفنان الذي يحمل أساه وألمه وحقيقة الواقع المر.

وعُرض العمل وهو صورة تشكيلية لدونالد رودني بعنوان "في بيت أبي"، وهي أقرب لعمل فني تركيبي، إذ أن صورة يده تحمل بدورها أحد أعماله الأخرى "أمي، أبي، أختي، أخي" (1996 – 1997)، وهي المنزل ذاته.

وبنى رودني هذا المنزل الصغير الذي يحمله في راحة يده من جلده أثناء إحدى إقاماته المتكررة في المستشفى بعد عمليات جراحية، حيث عانى طوال حياته من مرض فقر الدم المنجلي، ويعكس هذا المنزل، الذي يعد تخليداً لوالده الراحل ورمزاً للوطن حالة من الهوان والضعف، يعكس العائلة والهوية والانتماء، ويتماهى وصحة رودني التي تجلت في هذا البناء الضعيف المتداعي الذي يحمله على راحة يده، والذي يثير جدلاً حول المجتمع وبنيته الهشة التي تتبع سياسة التهميش والحرمان بدلاً من توفير الأمن والغذاء.

وتتميز أعمال رودني بأنها ذات بعد نقدي، ولها توجه سياسي، وتهتم بالعلاقات بين مختلف الطبقات والأناس والأعراق في المجتمع البريطاني، وهي إضافة لذلك متعددة الجوانب، إذ تضم طيفاً واسعاً من الوسائط من خلال رسم الصور والصور المختارة والمركبة، متأثرة بالثقافة الشعبية والفن التقليدي، وحتى تقنية المسح بالأشعة السينية، وما مر به خلال مسيرة علاجه.

"دولة رودني"
ويقول الناقد الفني، إدي شامبرس: "هذه الصورة الفوتوغرافية هي عبارة عن (دولة رودني)، النحت فيها عمل مستقل شيده من قطع جلده خلال إحدى العمليات العديدة التي خضع لها لمكافحة فقر الدم المنجلي، وهو مرض وراثي يصيب الأشخاص من أصول إفريقية، كاريبية، شرق أوسطية وآسيوية، ويتناول كلا العملين شعور عائلة رودني بهويتها، كفنان بريطاني هاجر والداه من جامايكا، لاحظ أن المنزل البسيط والحساس كقيمة، يرمز للعيش في إطار غير قادر فيه على الدفاع عن نفسه أو تحمل حياته، ويشير فيه كذلك للهرمية والطبقية، وشعور فئات كثيرة أنها واهية كشيء متناهي الصغر يمكن سحقه".

ويضيف: "يعد رودني واحداً من أكثر الفنانين ابتكاراً وتنوعاً في جيله، إذ نجد في أعماله مواضيع تتعلق بالفن والثقافة واستكشاف القضايا والسياسة والهويات والإعلام، واشتهر كذلك لنقاشه الفني المميز والرفيع حيال العرقية والعنصرية، كونه رأى في مرضه مجازاً للفصل العنصري وما عاناه ويعانيه السود والأعراق التي تتعرض لقمع أو اعتداء تاريخي أو حاضر، والتمييز في المجتمعات عموماً".

وولد دونالد رودني عام 1961، ورحل في 1998، وحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة مع مرتبة الشرف من جامعة ترينت البلوليتكنيك، نوتنغهام، المملكة المتحدة، وكان أحد مؤسسي المجموعة الفنية البريطانية، BLK، كما شارك في العديد من المعارض الفنية الفردية والجماعية داخل بريطانيا، وعرض هذا العمل الفني بعد وفاته في العديد من المعارض الفنية، ومن بينها معرض الفن البريطاني الخامس 2000، ودفاتر الرسم الخاصة برودني في متحف تيت البريطاني، لندن، 2005، كما عُرض مؤخراً عمله الفني "تجربتي: الفن والذات منذ تسعينات القرن العشرين"، في معرض متنقل من تنظيم مجلس الفنون، بريطانيا، 2018.