مسعفان يساعدان سورياً تعرض للغازات السامة.(أرشيف)
مسعفان يساعدان سورياً تعرض للغازات السامة.(أرشيف)
الإثنين 25 فبراير 2019 / 12:51

الكيماوي بالحرب السورية..تداعيات رهيبة في المستقبل

حذر الصحافي جيمس سنيل من التداعيات الوخيمة لاستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا على الصراعات المستقبلية، حيث إن استخدام الدول لتلك الأسلحة يتم من دون عقاب، وهو ما يدفع الدول الأخرى والجماعات الإرهابية إلى استخدامها مجدداً.

حصار حلب الذي استمر 4 سنوات لم ينته إلا باستخدام نظام الأسد للبراميل المتفجرة الكلورية في ديسمبر (كانون الأول) للعام 2016، وتم تدمير حلب بالكامل

 ويشير الصحافي، في مقال بموقع "ذا آراب ويكلي"، إلى أن الحرب الكيماوية سيطرت على نظرة العالم للحرب الأهلية السورية، وبخاصة لأن الأسلحة الكيماوية محظورة دولياً ويواجه استخدامها إدانة الدولية، لكن الطريقة التي تنقل بها الحرب السورية إلى العالم تزيد الرعب والاشمئزاز اللذين تثيرهما جرائمها.

الخطوط الحمراء
ويلفت الصحافي إلى أن جرائم استخدام الأسلحة الكيماوية كانت السبب الأكثر وضوحاً في اتجاه العالم لمعاقبة أو إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لاسيما بعد الهجوم بغاز السارين على الغوطة الشرقية والمعضمية في أغسطس (آب) 2013، واقتربت بالفعل الولايات المتحدة وحلفاؤها من التدخل ضد الأسد، وانضمت كل من بريطانيا وفرنسا إلى الولايات المتحدة. وفي أبريل (نيسان) 2017، شنت الولايات المتحدة غارات جوية ضد نظام الأسد بسبب استخدامه للأسلحة الكيماوية في خان شيخون بعد عام من الهجوم الكيميائي على دوما.

ونفذ ذلك التدخل والإجراءات اللاحقة في إطار "الخط الأحمر" الذي رسمه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي حذر فيه من أن استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية لن يشكل جريمة فحسب، وإنما سيتعين عليه أن يتحمل العقاب الدولي. ولكن على الرغم من أن هذه الإجراءات تبدو كأنها استجابات غير عادية لحالات رعب نادرة، فإن الأمر مختلف، لأن ندرة رد الفعل الدولي لا يعني أبداً أن استخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب السورية كان نادراً.

جرائم الأسد

وبحسب تقرير لمعهد السياسة العامة العالمية، أعده الباحثان توبياس شنايدر وتيريزا لوتكفند تحت عنوان "لا مكان للاختباء"، فإن الهجمات الكيماوية كانت شائعة أثناء الحرب السورية ومحورية أيضاً في الاستراتيجية العسكرية التي ينتهجها نظام الأسد.
ويشير التقرير إلى وقوع ما لا يقل عن 336 هجوماً كيماوياً في سوريا منذ بداية الحرب الأهلية في عام 2011، و98% منها نفذها نظام الأسد، و2% نفذها على الأرجح تنظيم داعش الإرهابي، كما أن تسعة أعشار الهجمات المؤكدة قد وقعت بعد حادث "الخط الأحمر" المشؤوم في أغسطس (آب) 2013.

ورغم فداحة ما يكشفه التقرير، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق بحسب الصحافي يتمثل في أن الحروب الكيماوية باتت ركيزة أساسية في استراتيجية نظام الأسد لاستعادة الأراضي والفوز في الحرب. ومنذ الاستخدام الأول للذخائر الكيماوية في الخالدية في الثالث والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) 2012، تم رصد استخدام غاز الكلور بكثافة في الطريقة التي حارب بها نظام الأسد أعداءه.

الكلور بدلاً من السارين
ويضيف الصحافي أن غاز السارين المستخدم في هجوم أغسطس للعام 2013 هو الأصعب في تصنيعه لأن مكوناته الكيماوية محظورة بشكل كبير. وقد تخلى الأسد عن الأسلحة الكيماوية عام 2013، ولذلك فإن انتاج الأسلحة الكيماوية المخصصة بدلاً من المنتجات الكيماوية المشتقة يبدو أكثر صعوبة.

ولكن يلاحظ تقرير معهد السياسة العامة العالمية أنه يمكن استيراد الكلور بصورة قانونية، وأن غاز الكلور نفسه سهل الصنع ورخيص، كما أن الكلور أقل فتكاً من السارين، ولذلك يجذب اهتماماً دولياً أقل وتتراجع الإدانة الصريحة عند استخدامه. ومن ثم فإنه منذ عام 2012، وبصورة مكثفة بعد عام 2013، أصبح استخدام الكلور هو العمود الفقري لاستراتيجية نظام الأسد، حيث يتم اسقاطه في عبوات من طائرات الهليكوبتر التي تحميها السيادة الجوية للنظام السوري، وعندما يتم الكشف عن هجوم، يعلن المدافعون عن نظام الأسد أن ضحاياه هم أنفسهم المسؤولون.

عواقب وخيمة
وينقل الصحافي عن خبير الأسلحة الكيماوية هاميش دي بريتون غوردون قوله إن الأسلحة الكيماوية أثبتت فعاليتها في القتال في البلدات والمدن السورية. وقد أنقذ الهجوم بغاز السارين على الغوطة في أغسطس (آب) 2013 نظام الأسد ومنذ ذلك الحين أدرك النظام إمكانية استغلال الأسلحة الكيماوية لصالحه، وبخاصة لأن الأسد كان يقاتل المعارضة في الغوطة لمدة عامين بشكل تقليدي ولكن استخدام الأسلحة الكيماوية أسفر عن تغيير شكل الصراع، وأثبتت هذه الطريقة فاعليتها في معارك أخرى لإجبار المعارضة على الاستسلام.

ويلفت غوردون إلى أن حصار حلب الذي استمر 4 سنوات لم ينته إلا باستخدام نظام الأسد للبراميل المتفجرة الكلورية في ديسمبر (كانون الأول) للعام 2016، وتم تدمير حلب بالكامل. ولم تترك القنابل والأسلحة التقليدية أي أثرعلى أولئك الذين كانوا يحتمون تحت الأرض أو تحت الأنقاض، واستخم التكتيك نفسه في الغوطه في ديسمبر 2017 وفي دوما في أبريل (نيسان) 2018.

ويخلص الصحافي إلى أن نظام الأسد جعل الحرب الكيماوية جزءاً أساسياً من حملته العسكرية لاستعادة سوريا ومن دون أن يتعرض إلى عقاب، الأمر الذي يشجع الدول الأخرى والجماعات الإرهابية على استخدام مثل هذه الأسلحة الفتاكة التي تستهدف المدنيين بشكل أكبر من العسكريين.