وزير الخارجية الإيراني المستقيل، محمد جواد ظريف (أرشيف)
وزير الخارجية الإيراني المستقيل، محمد جواد ظريف (أرشيف)
الثلاثاء 26 فبراير 2019 / 14:24

ظريف.. الوجه الدبلوماسي الناعم للتطرف الإيراني

24 - إعداد: أحمد إسكندر

أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، استقالته على نحو غير متوقع عبر موقع إنستجرام، الإثنين، بعد أن استخدم كياسته ومعرفته بالغرب للمساعدة في التوصل إلى الاتفاق النووي التاريخي مع القوى العالمية عام 2015.

وعندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق عام 2018 وإعادة فرض العقوبات لتكبيل صناعة النفط الإيرانية، واجه ظريف عاصفة من الانتقادات في البرلمان ولم تكن شخصيته الجذابة كافية لتحييد رجال الدين المحافظين الذين اتهموه ببيع القضية الإيرانية.

ميلاده ودراسته

ولد ظريف في 7 يناير(كانون الثاني) 1960 في طهران، ووفقاً لمجلة "ذا.نيو.ريببلك" وهو ابن عائلة ثرية ومتدينة ومحافظة سياسياً، وتلقى تعليمه في المدرسة العلوية الخاصة في طهران.

وبقي ظريف محمياً خلال شبابه من التلفاز والراديو والصحف من قبل والديه، لكنه تعرض للأفكار الثورية التي غرسها أصحاب الثورة ضد حكم "الشاه" من خلال قراءة كتب علي شريعتي، وصمد بهرنجي، وهو متزوج وأب لولدين.

غادر ظريف في سن 17 عاماً إيران متجهاً للولايات المتحدة، والتحق بمدرسة درو التحضيرية في ثانوية تقع في سان فرانسيسكو كاليفورنيا.

درس في جامعة ولاية سان فرانسيسكو، وتحصل على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية في عام 1981 وماجستير في نفس المجال في عام 1982.

أكمل دراسته في كلية الدراسات العليا للدراسات الدولية ويطلق عليها الآن كلية "جوزيف كوربل للدراسات الدولية" في جامعة دنفر، وحصل على الماجستير في العلاقات الدولية الثانية في 1984، وتحصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي والسياسة في عام 1988.

صدمة 11 سبتمبر

كان ظريف من الإيرانيين القلائل الذين ادركوا حجم الصدمة التي أحدثتها هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة والذي تبنت على إثرها الحرب على التطرف والإرهاب.

ودعا ظريف إلى التعاون الوثيق "السري" مع واشنطن ضد العدوين المشتركين، القاعدة وطالبان، يومها قدمت إيران إلى الولايات المتحدة لائحة بالأهداف التي يمكن قصفها في أفغانستان ومعلومات مهمة أخرى.

كما ساهم شخصياً في مساعدة الغرب على تشكيل حكومة حامد كرزاي في أفغانستان، كل ذلك في سبيل إبعاد وتشتيت نظر الولايات المتحدة بعيداً عن إيران وخططها في تلك الفترة.

إيران محور الشر

المساعي الإيرانية للتقرب من الولايات المتحدة لم تفلح وقام الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، بوضع إيران ضمن قائمة عرفت باسم "محور الشر".

في السنة التالية حاول ظريف بالتعاون مع السفير الإيراني في فرنسا وضع "خريطة طريق" من أجل المصالحة الشاملة بين طهران وواشنطن بمباركة المرشد الأعلى، لكن الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الأبن رفضها أيضاً مدركاً "ألعاب البهلون" التي يمارسها ظريف لخداع الولايات المتحدة.

ثعلب السياسة

يعتبر ظريف من أكثر الشخصيات السياسية الإيرانية المؤيدة لعودة العلاقات الديبلوماسية مع الولايات المتحدة، وهذا ما حاول أن يفعله "ثعلب السياسة" الخارجية طوال 22 عاماً الماضية من خلال مناصب متعددة.

وكان لدراية ظريف بالثقافة الغربية فضل في مساعدته على إقامة علاقات عمل وثيقة مع المسؤولين الأمريكيين الذين لم تغب عن بالهم ذكريات احتلال السفارة الأمريكية في طهران عندما احتجز طلاب إيرانيون دبلوماسيين رهائن لمدة 444 يوماً أثناء الثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه.

برز ظريف من بين الشخصيات الإيرانية الأساسية التي لعبت دوراً في الاتصالات السرية مع الولايات المتحدة وفي عام 1987 كان عضواً في الفريق الذي تولى المفاوضات من أجل إصدار قرار مجلس الأمن رقم 598 الذي أنهى الحرب العراقية الإيرانية.

وفي نفس العام نظم ظريف زيارة للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي إلى الجمعية العامة في الأمم المتحدة، كما يعتبر من الشخصيات المقربة من علي أكبر ولايتي المستشار الحالي للمرشد الأعلى في المسائل الدولية.

وأقام ظريف اتصالات مع مسؤولين أمريكيين مما ساعده كثيراً في التسعينيات عندما شارك في محادثات لإطلاق سراح رهائن أمريكيين احتجزتهم جماعة حزب الله الموالية لإيران في لبنان، وساعد في نزع فتيل التوترات بين البلدين في مناسبات مختلفة منها اعتقال 10 من أفراد مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) في المياه الإيرانية عام 2016.

ترجيح كفة الاتفاق

يعد ترؤس ظريف لوفد المفاوضين الإيرانيين مع الولايات المتحدة الأمريكية و"مجموعة الخمسة زائد واحد" في مجلس الأمن من العوامل الرئيسية لنجاح المفاوضات حول الملف النووي الإيراني بين طهران والغرب.

وزير الخارجية الإيراني المستقيل يعتبر شخصية من صلب "النظام الثوري المتشدد" ومن مؤيدي الدبلوماسية العلنية وذلك بعد أن أمضى أكثر من اثنين وعشرين عاماً في الأمم المتحدة، كما أنه شارك منذ نهاية الثمانينات في كل جولات المفاوضات الدولية التي خاضتها الجمهورية الإيرانية مستدركاً لكل التخوفات والهواجس التي تمنع الغرب من مد يد الثقة لطهران.

القنوات الدبلوماسية التي فتحها ظريف بين طهران وواشنطن انقطعت عند دخول ترامب البيت الأبيض، وتقنع حينها ظريف بالوجه الدبلوماسي الصارم الذي يظهر حقيقته.

وكتب ظريف تغريدة بعد بضع ساعات على خطاب ترامب الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي وصف فيه الاتفاق النووي بأنه "مبعث حرج" و"واحد من أسوأ المعاملات التي أبرمتها الولايات المتحدة على الإطلاق ومن أكثرها أحادية"، حيث قال ظريف: "ينتمي خطاب الكراهية الجاهل الذي يتحدث به ترامب إلى العصور الوسطى، وليس للأمم المتحدة في القرن الواحد والعشرين، إنه لا يستحق الرد".

"السيد السفير"
يتمتع وزير الخارجية (المستقيل) بشعبية كبيرة في بلاده خاصة بين الشباب والمثقفين، ويتهافت الجميع لشراء كتاب سيرته الذاتية المعروف باسم "السيد السفير".

وكتب في سلسلة مذكراته المنشورة عام 2013 بعنوان "السيد السفير" يقول: "في الدبلوماسية، عليك أن تبتسم دائماً.. ولكن لا تنسى أبداً أنك تتحدث مع عدو".

ويعتبر ظريف الوزير الوحيد في إيران الذي لديه حساب على "تويتر" وصفحة رسمية على "فيسبوك" في حين أن أبرز شبكات التواصل الاجتماعي تخضع للرقابة في إيران.

تقلد ظريف العديد من المناصب الرسمية والفخرية أهمها وزير الشؤون الخارجية، والممثل الدائم السابق للجمهورية الإيرانية لدى الأمم المتحدة.

واختاره الرئيس الإيراني حسن روحاني وزيراً للخارجية في 15 أغسطس (آب) 2013.