جنود باكستانيون بجانب حطام لطائرة هندية أسقطت في باكستان(تويتر)
جنود باكستانيون بجانب حطام لطائرة هندية أسقطت في باكستان(تويتر)
الأربعاء 27 فبراير 2019 / 20:58

هل تشعل كشمير حرباً رابعةً بين الهند وباكستان؟

24 - بلال أبو كباش

تتصاعد حدة الأزمة بين الهند والباكستان العدوين اللدودين إثر تفجير انتحاري في منتصف فبراير(شباط) أفضى إلى تهديدات واضحة من الطرفين بالاحتفاظ بحق الرد، رغم الدعوات الدولية إلى التهدئة وضبط النفس قبل خروج الأمر عن السيطرة واندلاع حرب ثالثة بين الجارتين النوويتين.

وشكلت كشمير المتنازع عليها بين البلدين نقطة خلاف بعد تقسيم الهند في 1947 وقيام باكستان، ومنذ ذلك الوقت خاض الطرفان 3 حروب، أدت لمقتل وتشريد الآلاف.

ناقوس الخطر
دُق ناقوس الخطر مجدداً بين البلدين، في 14 فبراير (شباط) عندما نفذت مجموعة جيش محمد، هجوماً انتحارياً أدى لمقتل 40 من القوات الخاصة في القسم الهندي من كشمير، وتوعدت نيودلهي بالرد على الهجوم، ونفذت أمس الثلاثاء تهديدها، بغارات "استباقية" على معسكرات جيش محمد في القسم الباكستاني من كشمير، وأكدت بعدها مقتل عدد كبير من قادة المجموعة فيها، ومن بينهم قائد معسكر المجموعة في كشمير، يوسف أزهر.

لم تكن البقعة الخضراء الجميلة كشمير، في شمال غرب شبه القارة الهندية، ساحةً لإنهاء الخلافات، بل أججت الصراع بين الهند والباكستان، وأدخلت الطرفين في سباق تسلح أفضى إلى حصول الجانبين سلاحاً نووياً في سبعينيات القرن الماضي.

أعطى الموقع الجغرافي لكشمير التي تبلغ مساحتها 242 ألف كيلومتراً، ثقلاً سياساً، بتوسطها 3 دول نووية كبرى، هي الصين والهند، وباكستان، وحمل الصراع في طياته أبعاداً دينية، لإن غالبية سكان المنطقة البالغ عددهم 15 مليون نسمة مسلمون، و8% فقط من الهندوس، و1% من البوذيين.

وتقسم المنطقة إلى 3 مناطق رئيسية، هي "جامو وكمشير" التابعة للهند، وتشكل 43% من مساحة كشمير التاريخية، في حين تسيطر باكستان على 37% من أراضي المنطقة، ويعرف الجزء الباكستاني باسم "كشمير الحرة"، في حين تسيطر الصين على بقية الأراضي التي تعرف باسم "إكساي تشين".

حرب كشمير الأولى
ويعود تاريخ النزاع في كشمير إلى 1947، ، أوحرب كشمير الأولى، حين أوعزت بريطانيا العظمى إلى سكان مستعمرتها السابقة، بالانضمام إلى الهند وباكستان، وفقاً لرغبة السكان، لكن لم يتقرر وضع كشمير في مرحلة التقسيم سواء بالانضمام إلى الهند أو إلى باكستان وخاصة أن غالبية السكان كانوا مسلمين في الوقت الذي كانت الهيئة الحاكمة من الهندوس.

وبعد ذلك قرر حاكم كشمير الهندوسي هاري سين، بعد أن فشل في البقاء مستقلاً بإمارته، الانضمام إلى الهند متجاهلاً رغبة الأغلبية المسلمة التي يحكمها، ما أدى إلى صدامات مسلحة كبيرة بين المسلمين وحكام المنطقة الهنود تدفق على إثرها رجال القبائل الباكستانية لمساندة المسلمين، وطلبت حكومة كشمير آنذاك مساعدة الهند، وأعقب ذلك دخول القوات الهندية لمساندة الحاكم الهندي، ونشب قتال بين الطرفين استمر لأكثر من عام كامل.

وفي يناير(كانون الثاني) 1949 تدخلت الأمم المتحدة وتوقف القتال، وأنشئ خط وقف إطلاق النار ليكون ثلثا مساحة كشمير و4 أخماس السكان تحت السيطرة الهندية، والباقي تحت السيطرة الباكستانية.

حرب كشمير الثانية
وفي 1965 نشبت حرب كشمير الثانية بين الهند وباكستان بعد إطلاق إسلام أبادا عملية "جبل طارق" التي كانت عبارة عن تسلل قوات باكستانية إلى جامو وكمشير للتحريض على تمرد ضد الحكم الهندي، وردت الهند بهجوم عسكري شامل على باكستان الغربية، باكستان الحالية، واستمرت الحرب 50 يوماً، متسببة في خسائر كبيرة للطرفين، وانتهت بإعلان وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.

حرب 1971
نشبت حرب أخرى بين الهند وباكستان في 1971، لم تكن هذه الحرب على صلة بشكل مباشر بكشمير، إلا أن سببها كان عملية "تشنكيز خان"، وهي الضربة الباكستانية الاستباقية في 3 ديسمبر (كانون الأول) 1971، على 11 قاعدة جوية هندية.

واستمرت الحرب 13 يوماً فقط، وتعد واحدة من أقصر الحروب في التاريخ. وانتهت بتوقيع قائد الجبهة الشرقية للقوات المسلحة الباكستانية وثيقة الاستسلام، في 16 ديسمبر(كانون أول) 1971، وتبعها انفصال باكستان الشرقية، عن باكستان لتشكل بنغلاديش.

توتر التسعينيات
في تسعينيات القرن الماضي عاد التوتر مجدداً بين البلدين بعد اتهام الهند لباكستان بدعم حركات التمرد وبروز المنظمات الداخلية التي تطالب باستقلال كشمير عن البلدين بشكل تام.

وتعتبر الهند أن حركات التمرد والمنظمات مدعومة من باكستان، خاصة حركة "المجاهدين" و"حركة تحرير كشمير" و"تحالف الحرية لكل الأحزاب" و"جيش محمد".

واستمرت العلاقة بين باكستان والهند متوترةً، تخللتها في مناسبات اشتباكات متفرقة بالأسلحة الخفيفة حيناً وبالمدفعية أحياناً أخرى، ولكنها لم تخرج عن إطار المناوشات والعمليات المحدودة حتى الهجوم الانتحاري على القافلة العسكرية الهندية، والرد الهندي السريع عليه، بضرب العمق الباكستاني، وتهديد إسلام أباد بالرد، وتبادل الاتهامات والغارات حسب مصادر رسمية من العاصمتين، ما رفع التوتر والتوجس إلى أعلى مستوى، في ظل القوات العسكرية الضخمة للبلدين، وتوازن الرعب النووي القائم بينهما حتى اليوم.