الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.(أرشيف)
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.(أرشيف)
الثلاثاء 5 مارس 2019 / 18:54

على أوروبا صياغة رؤية مشتركة مع القادة العرب بدلاً من انتقادهم

رأى الصحافي البريطاني كون كوغلين أنّه كان من المفترض بالقمة العربية-الأوروبية في شرم الشيخ الأسبوع الماضي صياغة رؤية مشتركة لمواجهة تحديي الإرهاب والهجرة. لكن عوضاً عن ذلك، تحولت إلى خلاف غير ملائم حول حقوق الإنسان. بذلك، سلطت الضوء مجدداً على هوة سوء الفهم العميقة التي تستمر في تقويض جهود القادة العرب والأوروبيين للوصول إلى قضية مشتركة في معالجة تحديين من أصعب تحديات القرن الواحد والعشرين.

قبل إلقاء محاضرات على القادة العرب حول حقوق الإنسان، سيكون أفضل للقادة الأوروبيين أن يأخذوا بنصيحة التركيز على مساهماتهم الكارثية في غياب الاستقرار في دول شمال أفريقيا بدءاً بدعمهم حكومة الإخوان المسلمين المسؤولة عن العديد من المشاكل الحالية وصولاً إلى إشرافهم على انهيار الدولة الليبية

وكتب كوغلين في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية أنّ انعقاد القمة مثّل انتصاراً ديبلوماسياً بارزاً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي استطاع إقناع جميع الدول العربية والأوروبية الكبرى بحضور المؤتمر لصياغة استراتيجية مشتركة لمواجهة الإرهاب وتطوير إطار عمل للسماح بهجرة شرعية وآمنة إلى أوروبا.

السيسي يرد
انتهى المؤتمر بملاحظة حادة بعدما شعر السيسي بوجوب شن هجوم قاس على منتقديه الأوروبيين الذين يبدون مهتمين بانتقاد الرئيس المصري حول مسائل حقوق الإنسان بدلاً من الاهتمام بالسعي إلى شراكة فعالة للتعامل مع قضايا الهجرة والإرهاب. بعد مواجهته انتقاداً لسماحه بإعدام تسعة إرهابيين مدانين بقتل النائب العام المصري هشام بركات سنة 2015، ردّ السيسي بطريقة سريعة ولاذعة: "لن تعلمونا الإنسانية". وبعدما أشار إلى اختلاف الثقافة بين العرب والأوروبيين قال السيسي: "احترموا ثقافتنا وأخلاقيتنا كما نحترم ثقافتكم وأخلاقيتكم".

اللعنة الحديثة والتلكؤ الأوروبي
يضيف كوغلين أنّ اللعنة الحديثة للإرهاب الذي ألهمته الإسلاموية تبقى تهديداً لاستقرار العالم العربي كما لرفاهية الأوروبيين مذكّراً بطبيعة الحملة المستمرة لمناهضة الإسلاموية. فنهاية داعش تعني أنّ التنظيم لم يعد قادراً على فرض رعبه في مناطق واسعة من سوريا والعراق كما كان الأمر بعد تأسيسه سنة 2014. لكن هناك توقع واسع النطاق بأنّ داعش سيركز جهوده لشن هجمات بارزة ضد دول عربية وأوروبية، ولهذا السبب هنالك قلق متزايد حول مصير آلاف مقاتلي داعش، والعديد منهم مواطنون أوروبيون، وقد احتجزتهم القوات الكردية المدعومة من الغرب في شمال سوريا. يعترف الأكراد بمواجهتهم أعداداً كبيرة من مقاتلي داعش والمرتطبين بهم ممن ألقوا القبض عليهم أو استسلموا خلال الهجوم النهائي على آخر جيب له في قرية باغوز على الحدود السورية العراقية.

بالرغم من ذلك، إنّ الأوروبيين الذين التزموا بتدمير داعش مترددون بشكل غريب إزاء تحمل مسؤولية حل ملف المئات من مقاتليه الذين يحملون جوازات سفر أوروبية والقابعين في معسكرات كردية. وطالما أنّ الأوروبيين مترددون بتحمل هذه المسؤولية سيكون هنالك احتمال أكبر في أن يهرب هؤلاء ويشكلوا خلايا إرهابية جديدة ستحمل تداعيات خطيرة على العرب والأوروبيين معاً.

ماذا عن الأزمة الثانية
أزمة المهاجرين هي مسألة أخرى يحتاج فيها الاتحاد الأوروبي بشكل يائس لتأسيس علاقة عمل جيدة مع شركائه العرب لتفادي المزيد من الفوضى السياسية فيما تواصل دول أوروبية المعاناة مع مئات آلاف الهاربين من النزاعات في العالم العربي وفي أماكن أخرى. خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أضرت أزمة المهاجرين كثيراً بالموقع السياسي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وتسببت مؤخراً بتوتر فرنسي-إيطالي استدعت باريس على إثره سفيرها في إيطاليا. ويمكن أن تكون هذه الأزمة قد شكلت عنصراً مساهماً في قرار بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

دعم الإخوان ومساهمات كارثية أخرى
قبل إلقاء محاضرات على القادة العرب حول حقوق الإنسان، سيكون أفضل للقادة الأوروبيين أن يأخذوا بنصيحة التركيز على مساهماتهم الكارثية في غياب الاستقرار في دول شمال أفريقيا بدءاً بدعمهم حكومة الإخوان المسؤولة عن العديد من المشاكل الحالية وصولاً إلى إشرافهم على انهيار الدولة الليبية. فالأوروبيون، لا العرب، هم من يجب عليهم تحمل حصة الأسد من مسؤولية خلق أزمة اللاجئين في المقام الأول وكذلك تهيئة الظروف في دول كالعراق حيث تم السماح لخلايا إرهابية إسلاموية بالازدهار من دون عقاب.

يؤكد كوغلين أنّه من مصلحة الأوروبيين عدم انتقاد القادة العرب مثل السيسي لأنهم ملتزمون بمواجهة التطرف الإسلاموي وبتقييد تدفق المهاجرين إلى أوروبا، وتركيز طاقاتهم عوضاً عن ذلك، على تأسيس علاقة عمل مثمرة مع حلفائهم العرب.