الهجوم على برجي التجارة العالمي في نيويورك يوم 11 سبتمبر 2001 (أرشيف)
الهجوم على برجي التجارة العالمي في نيويورك يوم 11 سبتمبر 2001 (أرشيف)
الأربعاء 6 مارس 2019 / 12:56

هل يُمكن للعالم الإسلامي مواجهة التحدي التاريخي للجهاد التكفيري؟

عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتصاره على داعش، قصد أنه حقق أبرز وعوده الانتخابية التي قال فيها" "سنهزم الإرهاب الإسلامي، كما هزمنا كل تهديد واجهناه في كل عصر"، ولكن عبد الحكيم سولتيغوف، ممثل الروسي الخاص لحقوق الإنسان في الشيشان بين 2003 و2004، يرى أنه ارتكب بموقفه المتسرع خطأً كبيراً في السياسة الخارجية.

هناك مهمة أخرى لا تقل أهمية عند وضع اتفاق إسلامي فقهي عالمي، تكمن في عرض قائمة من الأسباب التي تجعل من امتلاك أسلحة نووية وأسلحة دمار شامل أمراً يتعارض مباشرة مع تعاليم الإسلام

 ورأى عبد الحكيم سولتيغوف أن ترامب برر قرارهسحب القوات الأمريكية من سوريا، بالانتصار على داعش، وبرغبته في إنهاء دور أمريكا كشرطي دولي، مذكراً بأن قرار مغادرة سوريا كان خطوة براغماتية سابقة للانتخابات، وعكست اتجاهاً أمريكياً عاماً بالتخلي عن السياسة الأبوية، ويوحي أيضاً برفض المشاركة في إعادة إعمار سوريا.

هل هزم فعلاً؟
لكن الكاتب يسأل: "هل هُزم داعش فعلياً؟"، مضيفاً أن أن ما حصل في سوريا والعراق كان بمثابة عرض عالمي لمشروع متطرف عابر للحدود الوطنية اتخذ اسم داعش، أعلن الحرب على الولايات المتحدة وتحالف يضم ستين دولة.

ولا يرتبط داعش بمنطقة محددة، وقد يولد مجدداً في أي منطقة إسلامية في العالم. وبمعنى آخر، يمثل تنظيم داعش خطراً أكبر بوصفه شبكة إرهابية دولية.

وتكمن قوة داعش في إيديولوجيته الجاذبة لعدد غير محدود من المقاتلين المحتملين. وبالفعل هزمت الجهادية

متعددة الرؤوس في سوريا، في معركة واحدة، لا في الحرب كلها. وبكلمات أخرى، دون إلحاق هزيمة بالمشروع الجهادي لتنظيم داعش، تبقى إيديولوجيته ثابتة. لذلك، ربما يغدو إعلان ترامب المتسرع تحقيق "النصر على داعش" خطأً كبيراً في السياسة الخارجية.

تعريف واضح
وحسب الكاتب، لا يمكن إعلان إنهاء الحرب التي بدأت ضد الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (أيلول) 2001، إلا بعد هزيمة أيديولوجية الجهاد. ولا يمكن لجدار مكسيكي حدودي أن يحمي الولايات المتحدة من تلك الحرب.

ولكن، حتى اليوم، لم يتخذ الرئيس الأمريكي أي خطوة لإطلاق تلك الحرب في الميدان الرئيسي للصراع الإيديولوجي ضد الإرهاب الجهادي. فالجهاديون يطمحون للحصول على أسلحة نووية رغم وجود آليات جيدة لحظر الانتشار النووي، فضلاً عن الآثار المأسوية المترتبة على هذا المسعى.

وانطلاقاً من ظهور داعش في بيئة شهدت هجمات دموية متواصلة نفذها متطرفون، يتطلب الأمر وضع تعريف واضح للمشكلة، وخارطة طريق لنزع السلاح الإيديولوجي للإرهاب.

تحدٍ تاريخي
ويسأل الكاتب من جديد: هل العالم الإسلامي قادر على مواجهة التحدي التاريخي للجهاد؟. وفي رأيه، يكمن التحدي المصيري الذي يواجه علماء الدين والساسة والمثقفين في إصلاح المعتقدات السياسية والجيوسياسية للإسلام، والتي فقدت أهميتها.

ولا يمكن أن تأتي الإجابة على هذا التحدي إلا بوثيقة يقرها مؤتمر إسلامي عالمي يضم ممثلين لجميع المدارس الدينية الإسلامية. ويُفترض في هؤلاء الإجابة المفصلة على السؤال التالي: هل يُعتبر الغرب وروسيا "منطقة حرب"أي  أرض جهاد شرعي وفق الجهاديين؟. إلى ذلك، يفترض التعريف الواضح والفهم المعاصر لثلاثة مفاهيم إسلامية مترابطة، هي الخلافة، والجهاد، والشهادة.

دور أساسي
ولكن لأسباب سياسية وإيديولوجية ودينية وتاريخية وإقليمية، لا تستطيع دولة إسلامية بمفردها الدعوة لمؤتمر يقر مثل هذه الأمور. وهناك مهمة أخرى لا تقل أهمية عند وضع اتفاق إسلامي فقهي عالمي، تكمن في عرض قائمة الأسباب التي تجعل امتلاك أسلحة نووية وأسلحة دمار شامل أمراً يتعارض مباشرةً مع تعاليم الإسلام.

ومن شأن مثل هذه الفتوى أن تساعد القيادة الإيرانية على إنهاء برنامجها النووي مع الحفاظ على ماء الوجه. كما تساعد مثل تلك الوثيقة في تطبيع العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب.

دور أمريكي
وحسب الكاتب، يجب أن يأتي هذا النداء الصادق لرجال الدين والنخبة السياسية الإسلامية من خارج العالم الإسلامي، من أمريكا، وروسيا بوصفها الوريثة الشرعية للاتحاد السوفييتي. ويرد ذلك إلى تحمل الولايات المتحدة وروسيا مسؤولية تاريخية خاصة في الحرب ضد الجهاد الإسلامي.

ولكن يجب أن تقوم بالخطوة الأولى القوة الدولية العظمى الوحيدة حالياً في العالم، خاصةً بعد أن وعد رئيسها ترامب إبان حملته الانتخابية "بوقف انتشار الإسلام الراديكالي، وعرقلة وتعطيل الدعاية له وتجنيد مقاتلين لصالحه".

وإلى ذلك، يري الكاتب أن الوثيقة التاريخية التي وافق عليها المؤتمر الإسلامي العالمي الأخير في مكة المكرمة، وصادق عليها قادة منظمة التعاون الإسلامي، بمثابة انتصار كبير على إيديولوجية الإرهاب الجهادي، ونهاية حرب دينية غير معلنة. وستكون أيضاً إعلاناً جديداً "للسلام في العالم الغربي".