شاحنات عسكرية سورية على تقاطع إدلب وحلب (أرشيف)
شاحنات عسكرية سورية على تقاطع إدلب وحلب (أرشيف)
الخميس 7 مارس 2019 / 14:11

أردوغان يلعب بالنار في إدلب...صبر بوتين بدأ ينفد

رأى تقرير بصحيفة "فايننشال تايمز" أن مصير المعقل الأخير للمعارضة في إدلب الذي يحاصرها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بين يدي موسكو وأنقرة، خاصةً مع نفاد صبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على شريكه التركي رجب طيب أردوغان لدرجة أن تحالفهما يوشك على الانهيار.

تركيا بحاجة ماسة إلى تفادي هجوم عسكري يمكن أن يدفع مئات الآلاف من اللاجئين نحو حدودها. وتسعى روسيا للقضاء على المتطرفين ووضع حد للحرب

ويُشير التقرير، الذي أعده هنري فوي وكلوي كورنيش وآسر خطاب ولورا بيتل، إلى أنه بعد 8 أعوام من إراقة الدماء في الحرب الأهلية السورية التي أودت بنصف مليون شخص تقريباً، وأجبرت 7.6 ملايين آخرين على النزوح، باتت إدلب، في شمال غرب البلاد، المعقل الأخير للمعارضة ضد نظام الأسد.

مواجهة جيوسياسية
ويضيف تقرير "فايننشال تايمز" أن إدلب تشهد مواجهة جيوسياسية بين القوى العسكرية الأجنبية ذات الطموحات المتعارضة، وهي أنقرة، وموسكو، وطهران)، خاصةً مع انسحاب واشنطن، وبالنسبة لبوتين الذي يدعم نظام الأسد، وأردوغان الذي يدعم المعارضة، فإن ما يحدث في إدلب ربما يُحدد مصير التحالف الذي ظل قائماً ما بين بوتين وأردوغان في الحرب السورية، ولكنه بات على وشك الانهيار.

وفي إدلب قرابة 2.5 مليون شخص محاصرين في  المحافظة التي زاد عدد سكانها 600 ألف شخص منذ 2011، بعد لجوء الآلاف إليها من مناطق المعارضة الأخرى التي سقطت بسبب الضربات الجوية الروسية والسورية في العامين الماضيين.

مصالح متضاربة
وفي سبتمبر(أيلول) الماضي، وُقع اتفاق بين بوتين وأردوغان لتجنب قصف إدلب، ووافقت روسيا على وقف هجوم قوات الأسد التي حاصرت المنطقة.

وفي المقابل وعدت تركيا بطرد المتطرفين من المنطقة، وأسفر ذلك فعلياً عن إنشاء منطقة منزوعة السلاح، بيد أن هذه الصفقة باتت في حالة يرثى لها. وفي مؤتمر سوتشي الأخير وبّخ الرئيس بوتين نظيره التركي لأنه لم يفشل فقط في إبعاد المسلحين، بل وسمح بزيادة أعدادهم وتمدد نفوذهم.

ويلفت التقرير إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار بدأ يتلاشى، إذ قُتل أكثر من 60 شخصاً في غارة جوية استمرت أسبوعين شنتها القوات الموالية لنظام الأسد خلال الشهر الماضي. وتعكس هشاشة الصفقة شبكة التحالفات بين القوى الأجنبية العاملة في سوريا وتوجهاتها المتضاربة حول مستقبل البلاد. فعندما صعد تنظيم داعش الإرهابي استطاعت القوى الأجنبية التغلب على الخلافات السياسية لمحاربة العدو المشترك، ولكن مع اقتراب نظام الأسد من الانتصار، عادت الخلافات والخصومات إلى السطح من جديد.

تنافس لملء فراغ السلطة
ويعتبر تقرير "فايننشال تايمز" أن تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب العسكري من سوريا فاقم التوترات بسبب التنافس بين القوى الأجنبية على ملء فراغ السلطة الذي سيتركه الانسحاب الأمريكي.

ولكن الكرملين أوضح أن صبره على نهج أنقره في إدلب بدأ ينفد، إذ تدخلت موسكو عسكرياً في سبتمبر(أيلول) 2015 لدعم الأسد وحماية الأصول البحرية الروسية على ساحل البحر المتوسط في البلاد، ولكن ذلك التدخل تحول إلى حملة استمرت ثلاثة أعوام ونصف، الأمر الذي يثير الانتقادات على نحو متزايد داخل موسكو.

وبمساعدة روسيا وإيران، استعاد نظام الأسد ثلثي سوريا تقريباً، ويتعهد نظام الأسد باستعادة كل الأراضي السورية، وأعطى صعود الجماعات الجهادية في إدلب ذريعة قوية لموسكو ونظام الأسد للهجوم على المعقل الأخير للمعارضة.

ويُضيف التقرير أن هجوماً نظامياً سيقود إلى أسوأ أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين، مع وجود ملايين الأشخاص المحاصرين وصعوبة تدخل مجموعات الإغاثة.

ولا يوجد مكان يمكن للمحاصرين الهروب إليه. فمن الغرب أغلقت تركيا حدودها مع سوريا، وفي الشرق تقع مدينة حلب التي يسيطر عليها نظام الأسد، وينتشر وكلاء تركيا على الأراضي في الطرف الشمالي، طريق الهروب الوحيد.

تحالف هش
ويوضح التقرير أنه رغم اختلاف الأهداف، تمكنت روسيا وتركيا من تشكيل تحالف للعمل في سوريا في العامين الماضيين في إطار دعم علاقة استراتيجية واقتصادية أوسع بين بوتين وأردوغان اللذين يسعيان إلى حماية هذه العلاقة والحفاظ عليها في ظل توتر العلاقات مع دول الغرب.

ولكن هذا التحالف أوشك بالفعل على الانهيار في إدلب. وبحسب التقرير، فإن تركيا في حاجة ماسة إلى تفادي هجوم عسكري يمكن أن يدفع مئات الآلاف من اللاجئين نحو حدودها.

وتسعى روسيا للقضاء على المتطرفين ووضع حد للحرب، ويتطلع نظام الأسد إلى قمع المعارضة المتبقية بشكل دائم.

ويختم التقرير بأن إدلب ليست ملاذاً آمناً وتعاني أوضاعً معيشيةً سيئةً، ويعيش حوالي 275 ألف شخص في مخيمات وملاجئ متهالكة، ولا تضم سوى 1092 سرير في المستشفيات، رغم أن عدد سكانها يصل إلى 2.5 مليون نسمة، كما أنها معزولة عن الشبكات الوطنية ويعتمد العديد من السكان فيها على الطاقة الشمسية.

أما الوظائف فنادرة وحوالي 40% من أطفال إدلب محرومين من التعليم المدرسي. وتتنافس الجماعات المتطرفة في إدلب للحصول على السلطة، ويوجد فيها حوالي 30 ألف مسلح، ولذلك يشعر الدبلوماسيون الأجانب بالقلق، وإذا لم يُقبض عليهم فإن هؤلاء المسلحين سيشكلون خطراً على الغرب.