أتراك في موقع تفجير إرهابي باسطنبول (أرشيف)
أتراك في موقع تفجير إرهابي باسطنبول (أرشيف)
الخميس 7 مارس 2019 / 14:04

تركيا تطلب من الجهاديين ألا يعضوا اليد التي تطعمهم

أعدت الصحافية التركية البارزة أوزاي بولوت تقريراً جديداً أبرزت فيه دعم تركيا للمجموعات الجهادية في البلاد عبر ما يسمى بالمؤسسات الخيرية. وكتبت في معهد "غايتستون إنستيتيوت" الأمريكي عن اقتحام الشرطة التركية منازل 13 مواطناً بعدما اشتبهت في "انضمامهم إلى النزاعات في سوريا، وتأمين اللوجستيات والأموال والتجنيد للمنظمات الإرهابية".

العديد من المتطرفين أسسوا شبكة دولية لدعم الإرهابيين في سوريا. ولأنّ الشبكة تعمل تحت ستار الأعمال الخيرية، تجد الحكومات الأوروبية صعوبات في مراقبة نشاطاتها وخصوصاً في المناطق التي يسيطر عليها الجهاديون

بعد أربعة أيام من الاقتحام والتوقيف في 13 يناير (كانون الأول)، أُطلق سراح جميع المحتجزين الأحد عشرة في انتظار المحاكمة، فيما وُضع اثنان تحت الرقابة القضائية. لكن وكالة الأنباء الرسمية التي نقلت خبر الاعتقالات أزالت التقرير لاحقاً من موقعها وصفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

حسن سوسلو
ومن بين المحتجزين، برز حسن سوسلو، رئيس جمعية فقراء دِر أو الإغاثة والتضامن مع الفقراء، والذي اشتبه في مساعدته هيئة تحرير الشام المرتبطة بالقاعدة، والقوة الجهادية المهيمنة في إدلب.

وجاءت الاعتقالات قصيرة المدى لمشتبه بعلاقاتهم مع هيئة تحرير الشام بعد ثلاثة أيام منظهور تقارير أفادت بأن الهيئة "أحكمت قبضتها على شمال إدلب. ووقعت هيئة تحرير الشام على وقف إطلاق النار مع ما تبقى من تحالف منافس، لتأكيد سيادتها وتوحيد المنطقة تحت إدارة يقودها الجهاديون".

ووفقاً للمحلل سام هيلر من مجموعة الأزمات الدولية، يمكن لهيئة تحرير الشام "أن تقدّم نفسها لتركيا وآخرين محاوراً لا غنى عنه في أي حل غير عسكري لإدلب".

معنى التوقيفات
كانت هذه التوقيفات تحذيراً للجهاديين بألا يعضوا اليد التي تطعمهم. وهذه اليد هي تلك المنظمات في تركيا، ومن بينها فقراء-در، التي كانت تؤمن المساعدة في شمال سوريا طيلة سنوات. وهي التي تأسست هذه المنظمة في 2013 بجنوب تركيا قرب الحدود السورية.

وتدعي هذه المنظمة غير الحكومية أنها تؤمن المساعدة الإنسانية للسوريين، لكن هنالك شبهات قوية في بأنها تؤمّن أيضاً دعماً لوجستياً وبضائع وخدمات للمجموعات الجهادية.

وفي مقابلة عام 2014، قال رئيس فقراء-در حسن سوسلو: "نحصل على معظم هباتنا من الخارج عبر حسابات مصرفية ننشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. وغالبية هباتنا من هولندا، وألمانيا، وبلجيكا".

تدقيق متزايد
خضعت هذه الهبات ونشاطات أخرى لفقراء-در وتعاونها مع منظمات أخرى مثل "العناية بالآخرين" في الدنمارك و "العناية بالطفل" ومؤسسة "كلنا للحياة" في روتردام، أو"عباد الرحمن" في هولندا، إلى تدقيق متزايد.

ووفق مقال حديث في صحيفة أن آر سي هاندلسبلاد الهولندية "تذهب قوافل مساعدات سوسلو إلى المناطق السورية التي احتلتها مجموعات إرهابية".

وعلى سبيل المثال، وحسب منشورات فقراء-در نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وزع سوسلو حزم مساعدات هولندية في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 في مدينة سراقب السورية التي تخضع حالياً لسيطرة هيئة تحرير الشام. وفي وقت سابق من العام نفسه، وزع بضائع إغاثية في مدينة معرة النعمان التي كانت تُسيطر عليها هيئة تحرير الشام أيضاً يومها".

يصعب تصديقه
وقال خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد لوي الأسترالي روجر شاناهان للصحيفة نفسها إنه لا يمكن لأحد دخول هذه المناطق دون أن يكون متورطاً مع المجموعات الإرهابية التي "تطلب الأموال لمساعدتهم".

وذكّر مقال أن آر سي بمقابلة في 2014 مع صحيفة هاكسوز التركية، قال سوزلو فيها إنه يؤمن المساعدة لعائلات "الشهداء" و "المجاهدين".

أضاف شاناهان للصحيفة الهولندية "أن يدعي سوسلو تأمين المساعدة لعائلات المقاتلين يرتقي إلى دعم القتال نفسه. من الصعب تصديق أن مساعدات فقراء-در تذهب فقط إلى الأطفال، وليس لبيع الأسلحة والطعام للمقاتلين".

ينهي التطوع ثم ينضم للقتال
في الأثناء، ووفقاً للصحيفة الهولندية "تستمر منظمات هولندية متنوعة في التعاون مع سوسلو" وذكرت شخصاً يدعى عبد الرحمن، من  مؤسسة شارك في تأسيسها الهولندي جيروِن فان د.

وحسب الصحيفة "يجمع الشاب الهولندي مع عبد الرحمن الأموال من المساجد لصالح مشاريع حول العالم بما فيها سوريا. ويقول متطوع سابق مع منظمة عبد الرحمن، وسافر مع جيرون فان د. إنهم جمعوا آلاف اليورو، ثم بعد وصولهم إلى تركيا أعطوا المال إلى سوسلو... وبعد زيارة الأخير، غادر الفريق التطوعي إلى هولندا. لكن جيرون فان د. عاد سريعاً على طريقته الخاصة، لا لتأمين المساعدات الإنسانية، بل للانضمام إلى جبهة النصرة مقاتلاً".

"العناية بالأطفال" في صور مع داعش
وحسب الصحيفة نفسها، عملت منظمة هولندية أخرى مع سوسلو وسُمح لها بعبور الحدود التركية إلى سوريا معه وهي منظمة العناية بالأطفال.

وظهر متطوعوها في 2014 رفقة مقاتلي داعش في ساحة بالرقة. وكانت فقراء-در من بين 39 منظمة إسلاموية دعمت الجهاد في سوريا.

يبدو أن العديد من المتطرفين أسسوا شبكةً دوليةً لدعم الإرهابيين في سوريا. ولأن الشبكة تعمل تحت ستار الأعمال الخيرية، تجد الحكومات الأوروبية صعوبات في مراقبة نشاطاتها خاصةً في المناطق التي يسيطر عليها الجهاديون، لمحاسبة المسؤولين عنها. وتتفاقم هذه الصعوبات دون شك بسبب التساهل الذي تبديه حكومة أردوغان مع الجهاديين الأتراك، ومساعديهم من المنظمات غير الحكومية.