النائبتان اللبنانيتان بولا يعقوبيان وديما جمالي المطعون في نيابتهما (أرشيف)
النائبتان اللبنانيتان بولا يعقوبيان وديما جمالي المطعون في نيابتهما (أرشيف)
الإثنين 11 مارس 2019 / 18:53

النيابة النسوية

الطعن في نيابة ديما جمالي، الأستاذ الجامعي، على المعقد السني في طرابلس ليس من الأحداث المألوفة في السياسة اللبنانية، فلم يُعرف لهذا الحدث سوابق كثيرة. قد يكون هذا الحدث لاحقاً لذلك الذي حمل نائباً طرابلسية مسلمة أيضاً إلى الكنيسة، حيث لم يناولها المطران وأوقعها هذا في حرج بين المسلمين والمسيحيين.

يعقوبيان تحمل هكذا إرثاً من السلوك الاجتماعي والسلوك السياسي ومن الصلات الشعبية. لقد جاءت إلى البرلمان لكي لا تخوض في الصفقات السياسية ولكي تقدم مثلاً آخر عن العمل السياسي

النائبات على كل حال هن الطليعة اللبنانية اليوم، وينبغي أن يسجل لحضورهن في المجلس النيابي وحضورهن في الوزارة اللبنانية أثر طيب، فهن السباقات الى التعايش اللبناني، وهن كبولا يعقوبيان يعطين المثل على حياد سياسي وربما استقلال سياسي أيضاً.

وكان يكفي أن نسمع يعقوبيان في ندوة محطة تلفزيونية لنشعر أن النائب تحمل الى المجلس النيابي قدراً من الجسارة والعلنية والاستقلال. ظاهرة كهذه ينبغي أن ننظر إليها باعتبار وأن نثمن نسويتها، فالأرجح ان النائبات والوزيرات هن في هذه المعمعة أحرص على سمعتهن السياسية، بل هن أحرص على استقلالهن، وصداهن الشعبي.

قد يكون هذا كثيراً، فالنائبات والوزيرات ينضممن إلى الفئات الشعبية، وهن بهذه الصفة يتصدين بجرأة وحماسة للعمل الشعبي. إنهن يسعين هكذا ليقدمن للفئات الشعبية مثلاً جديداً في الحياة السياسية اللبنانية، ولعل النزاهة والإقدام والتحدي هي الصفات التي تميز الفاعلات السياسيات.

يمكن أن نقول إن النائب أو الوزيرة تعطي مدىً لمثالها الشعبي ومثالها الأمومي ومثالها الطليعي.

وبالتأكيد فإن النواب المؤنثين والوزيرات اللبنانيات بدأن يحظين بشعبية متزايدة، بل وبدأن يتميزن عن النواب والوزراء الذكور، فهؤلاء يعيشون في الغالب حالة من الركود السياسي، وهولاء تتصل أسماؤهم بالطبع بالصفقات، وهؤلاء في حال من التبلد السياسي.

يُمكننا القول إذن إن نجاح ديما في انتخابات الطعون سيكون ذا أثر مميز، بل سيكون غالباً مثلاً خاصاً لممارسة سياسية مميزة، فالنساء اللواتي كنّ يلتحقن بأزواجهن وأقاربهن ويعشن عيالاً عليهم هن اليوم أقرب الى الريادة، وهن الآن موضع ثقة أكثر من أزواجهن وأقاربهن، وهن اليوم يشكلن تحدياً سياسياً كبيراً كما يشكلن جناحاً خاصاً في السياسة، ومن المؤكد أن أمراً كهذا سيتزايد مع الأيام، وسيزيد وزنه واعتباره يوماً بعد يوم. فالنسوة في البرلمان لسن مطعونات في أخلاقهن وصفقاتهن، وهن هكذا يتصدين حقاً لتجربة جديدة ويتصدين ومعهن لبنان لهذه التجربة.

يمكن أن نقول إن بولا يعقوبيان على شاشة التلفزيون والتي لحقتها التصفيقات كانت مثلاً، بحد ذاتها فالنائب التي اعتمدت على نفسها فحسب، جاءت الى البرلمان تحمل صوت الشعب. إنها تحمل هكذا إرثاً من السلوك الاجتماعي والسلوك السياسي ومن الصلات الشعبية.

لقد جاءت إلى البرلمان حتى لا تخوض في الصفقات السياسية ولتقدم مثلاً آخر عن العمل السياسي. إنه مثل ينتفي منه كل ما يطبع السياسة اللبنانية وما يُتعارف عليه في هذه السياسة من تعاقدات ومن تحالفات.

فالنائب التي هي بولا يعقوبيان لم تصوت بثقة على الوزارة، وأعطت مثلاً جريئاً على سياسات البيئة كنا هنا أمام نمط آخر من السياسيين، كأن النسوية السياسية والنسوية الوزارية هما نموذج مستقل ونموذج خاص وجديد من العمل السياسي، وكأن النسوية هي بحد ذاتها، أقرب الى المعارضة وأقرب الى المجابهة، وكأننا نبدأ مع النساء عهداً سياسياً جديداً.