رئيس مجلس تتشخيص مصلحة النظام صادق لاريجاني-وسط الصورة (أرشيف)
رئيس مجلس تتشخيص مصلحة النظام صادق لاريجاني-وسط الصورة (أرشيف)
الثلاثاء 19 مارس 2019 / 11:06

مجمع تشخيص مصلحة النظام.... أداة لتجاوز القوانين

شرح الكاتب فارامارز دافار في موقع "إيران واير" تاريخ تأسيس مجمع تشخيص مصلحة النظام رغم أن دستور الثورة الأساسي لم يأت على مثل هذه الهيئات.

لدى المجمع اليوم حوالي خمسين عضواً بينما ضم ثلاثة عشر رجلاً حين تأسس. حددت صلاحيته بإصدار قرار حول مصير مشاريع القوانين التي مررتها غالبية البرلمان لكن رفضها المجلس

ويشير الكاتب إلى أن المجمع هو مؤسسة ربما لا نظير لها في العالم، ويتألف من أمناء المرشد الأعلى فيما هدفه الأساسي وعلة وجوده يكمنان في إصدار قرار حول ما إذا كان يجب الاحتيال على الدستور أم لا. وأخيراً، أصبح الرئيس السابق للسلطة القضائية صادق لاريجاني رئيساً للمجمع.

في الأعوام الثمانية الأولى التي تلت تسلم الثورة الحكم، لم يكن هذا المجمع قد تأسس. ووفقاً للدستور، يقرر الأعضاء الاثنا عشر في مجلس صيانة الدستور، إذا كانت مشاريع القوانين في البرلمان موافقة للدستور، وللمجلس قوة الفيتو ولا تصبح مشاريع القوانين نافذة إذا لم تحصل على موافقته.

خلافات مزمنة
وكما كان متوقعاً، برزت الخلافات بين البرلمان والحكومة، وبين البرلمان ومجلس صيانة الدستور في وقت مبكر، أي في 1981، عندما رفض المجلس مشروع قانون حول العمل وافق عليه البرلمان.

كتب رئيسه للخميني رسالة طالباً منه باعتبارها المرشد الأعلى والولي الفقيه الموافقة على المشروع.

كان ذلك الخلاف، الأول في سلسلة خلافات على كيفية إقرار القوانين في إيران. وافق الخميني على المشروع وسمح بأن تكون له قوة القانون "موقتاً".

في 1984، ظهرت الخلافات مجدداً بين البرلمان والمجلس على قانون الأراضي المدنية عندما اعترض البرلمان والحكومة على قرارات المجلس، وطالبا الخميني مجدداً بالتدخل.

ورد الخميني على المجلس قائلاً: "عليكم ألا تتصرفوا بطريقة قد تُفسر كأنكم تقفون ضد البرلمان والحكومة، حافظوا بقوة على المبادئ الإسلامية، لكن ليس بطريقة قد يُنظر إليها على أنكم تتدخلون في كل شيء".

وعلاوة على قوانين العمل والأراضي، اعترض المجلس على العديد من مشاريع القوانين بما فيها ما يرتبط بالتجارة الخارجية، والمناجم لأنه رأى أنها تناقض الشريعة.

وفي الحالتين، أصر البرلمان والحكومة على إقرارها. في نهاية المطاف، شعر أعضاء مجلس صيانة الدستور بأن دعم الخميني للحكومة والبرلمان، يضعف سلطتهم. حاول الخميني تهدئتهم: "إنه الله والله وحده الذي يجب على مجلس صيانة الدستور أخذه بالاعتبار، ولا أحداً غيره".

استمر الوضع على حاله ثلاثة أعوام أخرى، وفي 1987، كتب رئيس الجمهورية يومها علي خامنئي، ورئيس البرلمان هاشمي أكبر رفسنجاني، ورئيس المحكمة العليا عبد الكريم موسوي أردبيلي، ورئيس مجلس الوزراء مير حسين موسوي، وأحمد الخميني نجل المرشد، رسالةً إلى الأخير يطالبونه فيها باتخاذ إجراء ملح لإنشاء هيئة يمكنها حل هذه الخلافات المزمنة.

تردد واضح
في 6 فبراير (شباط) 1988، استسلم الخميني لهذه المطالب وأمر بإنشاء مجمع تشخيص مصلحة النظام. نبرة الرسالة جعلت تردد خميني واضحاً. إذ كتب أن في رأيه، وبعد مرور القوانين في مراحل مختلفة من التدقيق على يد "الخبراء"، فإنه لا حاجة إلى "مرحلة" أخرى، أي لهيئة رقابية أخرى.

ولكن ليكون "على الجانب الآمن" وحسب، أمر بتشكيل المجمع الذي سيتألف من الأعضاء الفقهاء في مجلس صيانة الدستور، إضافةً إلى الخميني، ورفسنجناني، وأردبيلي والمقرب منه محمد رضا توسلي، ومحمد موسوي خوئيني-ها، ومير حسين موسوي.

وأصدر تعليماته لهم بدعوة خبراء آخرين عند الحاجة، وفوض لابنه أحمد حضور الاجتماعات ليفيده بمداولاتها. وبذلك أنشئت مؤسسة لم ينص عليها الدستور، والأهم، أعطيت صلاحية تخطي مجلس صيانة الدستور، والموافقة على مشاريع قوانين رفضها المجلس لأن لديها قوة إصدار حكم بشرعيتها الدينية، والدستورية.

أخيراً... وجد مكاناً
للمجمع اليوم حوالي خمسين عضواً، في مقابل 13 عند التأسيس، وحُددت صلاحيته بإصدار قرار حول مصير مشاريع القوانين التي مررتها غالبية البرلمان لكن رفضها المجلس. وفي 28 يوليو (تموز) 1989، تمت مراجعة الدستور عقب تنظيم استفتاء، وبعد 18 شهراً على تأسيسه، وجد المجمع أخيراً مكاناً له بين القوانين الإيرانية.

في ذلك الوقت، خلَفَ خامنئي الخميني مرشداً أعلى، وأصبح المرجع الذي يعين أعضاء المجمع. عين خامنئي رفسنجاني رئيساً للمجمع، وأضاف عدداً من الشخصيات السياسية بمن فيها مير حسين موسوي الذي لم يعد رئيساً للوزراء بما أن الدستور المعدل منع ذلك.

وبعد ثلاث سنوات، أضاف خامنئي حسن روحاني، وحسن حبيبي إلى المجلس.

في عهد الخميني، لم يكن للمجمع رئيس، وأمر خامنئي باستحداث المنصب في 1989، وطيلة 8 أعوام، جمع رئيس البلاد منصبه مع رئاسة المجمع. وكان رفسنجاني ذلك الرئيس، وبقي في منصبه في المجمع حوالي 20 سنة حتى وفاته في يناير(كانون الثاني) 2017.

نصابه وصلاحياته
المجمع هو المؤسسة الوحيدة في إيران التي يكون فيها رئيس الجمهورية عضواً، دون أن يرأسها. هي مؤسسة أنشأها الخميني متردداً وبدأت بثلاثة عشر عضواً أما اليوم فتضم في عضويتها، أكثر من خمسين شخصاً، أو كيانات شرعية.

وإضافة إلى مهمة التحكيم، يتمتع المجمع بصلاحية إصدار توصيات حول السياسات العامة إلى خامنئي ويكيف مشاريع القوانين مع هذه السياسات. ويُعتبر بمثابة مجلس صيانة الدستور الثاني في البلاد.

يتألف نصاب الجلسات من حضور ثلثي أعضائه على الأقل. هنالك ضرورة لنيل القرار ثلثي الأصوات عند التصويت على مشاريع قوانين رفضها مجلس صيانة الدستور.

ولهذا السبب، تعرقلت مشاريع قوانين مثل تلك التي تنظر في انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمكافحة غسل الأموال، أو اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان.

وبينما تتطلب السياسات العامة الأخرى أغلبية بسيطة بـ 51%. بعد اتخاذ الإجراءات، تتحول إلى المرشد الأعلى الذي يملك الصلاحية المطلقة بالموافقة عليها أو رفضها.

استغلال الغموض
يتمتع أمين عام المجمع بالسلطة الثانية بعد رئيسه، فهو يحضّر جدول الأعمال، ويدعو الكيانات لحضور الاجتماعات بحسب المواضيع، ويشكل صلة الوصل بين المرشد والمجمع، وبعض المواد غامضة حول دور الأمين العام مما يعطيه فرصة التحرك وفقاً لرغباته.

وعلى سبيل المثال، ومنذ مرض رئيسه السابق محمود الهاشمي الشاهرودي وحتى وفاته، استخدم أمينه العام محسن رضائي صلاحياته لمعارضة عدد من مشاريع القوانين التي ناقضت السياسات العامة للنظام.

واليوم، يُشكل المجمع هيئة استشارية فائقة القوة للمرشد. إذا عُزل الأخير أو توفي فلدى المجمع السلطة للموافقة على بعض واجبات مجلس القيادة المؤقت، أو حتى تعيين بديل عن أحد أعضائه إذا كان عاجزاً عن أداء مهامه.

ولم يمارس خامنئي الذي يتمتع بالسلطة المطلقة وفقاً للدستور جميع صلاحياته في ما يرتبط بمجمع تشخيص مصلحة النظام. لكن ربما لا يزال هنالك وقت أمامه ليفعل ذلك.