شموع موقدة تكريماً لضحايا المسجدين في نيوزيلندا (أرشيف)
شموع موقدة تكريماً لضحايا المسجدين في نيوزيلندا (أرشيف)
الثلاثاء 19 مارس 2019 / 12:04

التفوّق الأبيض والإسلام المتطرف...وجهان لإرهاب واحد

24- زياد الأشقر

تناول الكاتب خالد ذياب في صحيفة "واشنطن بوست" مجزرة المسجدين في نيوزيلندا، قائلاً إنه إذا زعم إرهابي أن الهجوم الذي نفذه كان يهدف إلى "إعطاء دفع لتقلبات التاريخ، بما يزيد في زعزعة استقرار المجتمع الغربي واستقطابه"، فمن البديهي الاعتقاد أن المنفذ إسلامي متطرف. لكن هذه الكلمات كتبها أبيض صليبي، ويشعر بالتفوق.

الفريقان مصابان بجنون العظمة، ومسكونان بمزيج مسموم من التفوق والدونية حيال الآخر، ويهزآن بالأفراد الأقل تطرفاً في مجتمعاتهما، ويتملكهما الحنين إلى الماضي المتخيل للسيطرة الثقافية

وفي البيان المشوش والمتناقض الذي نشره برينتون تارانت الأسترالي الأبيض العنصري، المتهم بإطلاق النار في المسجدين بمدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا، يؤكد هذا الشاب الذي يصف نفسه بالإرهابي بفخر أن القتل يهدف إلى "الانتقام وإثارة العنف وإحداث الانقسام بين الشعب الأوروبي والغزاة الذين يحتلون التراب الأوروبي"، رغم أن الهجوم نفذ بعيداً عن الأراضي الأوروبية في آخر زوايا العالم المأهولة.

وكتب تارانت أيضاً أن أفعاله "ستبلقن" الولايات المتحدة "على أسس سياسية وثقافية، وعرقية.

ومن شأن رؤيته المنحرفة تسريع تدمير النظام الحالي، وخلق يوتوبيا مسيحية على أنقاض التعددية الثقافية.

تفوّق ودونية معاً
ولفت ذياب إلى أن المخيلة العدمية للأوسترالي المتطرف عن التغيير الثوري من الداخل، تعكس ما يفكر فيه جهاديون وامتطرفون إسلاميون كثيرون.

وعلى سبيل المثال، فإن قتال "العدو القريب" دعامة مركزية في الإيديولوجيا والبرنامج السياسي لداعش وتفسر جزئياً لماذا شكل المسلمون الهدف الأكبر للتنظيم.

وقال إن هاتين الإيديولوجيتين الكارهتين للآخرين، التفوق الأبيض والإسلام المتطرف، يمكن اعتبارهما قطبين متعاكسين، إلا أن آراءهما متشابهة. والفريقان مصابان بجنون العظمة، ومسكونان بمزيج مسموم من التفوق والدونية تجاه الآخر، ويهزآن بالأفراد الأقل تطرفاً في مجتمعاتهما، ويتملكهما الحنين إلى الماضي المتخيل عن السيطرة الثقافية.

 التخب المحلية
ولاحظ الكاتب أن الاعتقاد بأن النخب المحلية تساعد العدو وتحرضه بخيانة ثقافتها وشعوبها أيضاً، شائع بين أتباع التفوق الأبيض والنازيين الجدد، واليمين المتطرف. هذا الاعتقاد هو أصل تأكيدات تارانت السخيفة بأن "المنظمات غير الحكومية تشارك مباشرة في الإبادة الجماعية للشعب الأوروبي".

وينسحب ذلك على سبب اختيار الإرهابي النرويجي أندرس بريفيك، الذي كتب تارانت عن إعجابه به، "العدو القريب" لمهاجمته وقتل المشاركين في مخيم صيفي لرابطة شبيبة العمال، والذين وصفهم بأنهم ذوو "ثقافة ماركسية"، عوض أن يختار مسلمين أو أقليات أخرى يكن لها الكراهية أيضاً، وباتت نسخة مخففة من هذا الخطاب شائعة في الأوساط اليمينية التقليدية والدوائر المحافظة. كما تجسدت في الشيطنة المتزايدة لليساريين والمثقفين والأكاديميين والصحافيين الذين وصفهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل منتظم بـ "أعداء الشعب". 

حسن البنا
ولفت الكاتب إلى أن إزدراء الحداثة "الغربية" ميزة أخرى يتشارك فيها الإسلاميون والمسيحيون من اليمين المتطرف.

ويقول مؤسس جماعة الإخوان المسلمين  الإرهابية حسن البنا إن "الأوروبيين عملوا بجد في محاولة لإغراق العالم بالمادية، وبصفاتهم الفاسدة، وجراثيمهم القاتلة ليطغوا على أراضي المسلمين التي امتدت إليها أيديهم".

وكذلك فإن تارانت مقتنع بأن الغرب أصبح "مجتمعاً من العدمية المتفشية والنزعة الاستهلاكية الغربية".

وخلص الكاتب إلى أنه إذا سيطر المتطرفون، فإنهم سيصادرون مجتمعاتهم المفترضة لحمايتها من الأعداء المفترضين من الداخل والخارج.

ويجب أن نستخدم كل الوسائل المتوفرة لدينا من اجتماعية واقتصادية وسياسية، للحؤول دون كارثة مماثلة.