الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوجته (أرشيف)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوجته (أرشيف)
الأربعاء 20 مارس 2019 / 17:19

التمرد الأوروبي على أمريكا يتوسع ...أي مسنتقبل للناتو؟

سلطت تقارير في الأسبوعين الأخيرين، الضوء على التحدي المتنامي لحلفاء واشنطن لأهدافها السياسة التي يعتبرون أنها إما مضللة أو غير مناسبة.

، تنامت، منذ سنوات، سياسة التعنت من حلفاء أمريكا. وظهر ذلك عندما حاول الرئيس جورج بوش، عام 2008، ضم جورجيا وأوكرانيا إلى الناتو، ولكن كلا من ألمانيا وفرنسا عارض بشدة ذلك المسعى

وحسب تيد غالين كاربنتر، زميل بارز لدى معهد كاتو للدراسات الأمنية، ومحرر مساهم في تحرير موقع "ناشونال إنتريست"، تمثلت الضربة الأقوى في وضع تركيا اللمسات الأخيرة على صفقة شرائها منظومة الدفاع الجوي الصاروخي S-400 من روسيا.

وطوال أشهر، قال مسؤولو إدارة ترامب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن إنجاز حكومته للصفقة أمر مرفوض.

علاقة ودية
وفي رأي كاربنتر، لا يقتصر الأمر على التضاد بين أنظمة S-400، وأنظمة تنشرها دول أخرى في الناتو، بل تقوض أيضاً التنسيق في حقل الدفاع الجوي للناتو، فضلاً عما ترمز إليه الصفقة حيال علاقة ودية مثيرة للقلق بدأت تتطور بين تركيا وروسيا.

وحذرت الإدارة حليفها التركي من "عواقب شديدة" ستلحق به ما لم تتراجع أنقره عن صفقة الشراء.

ولكن يبدو أن أردوغان يتجاهل تهديد واشنطن الصريح.

إلى ذلك، لا يبدي حلفاء آخرون للناتو تعاوناً، خاصة مع المساعي الأمريكية لمواجهة وعزل موسكو. وأكد رئيس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي، في مؤتمر صحافي في 10 مارس( آذار)، سعيه لرفع عقوبات اقتصادية دولية ضد روسيا.

ولكن تلك الإجراءات التي فرضتها دول غربية ضد موسكو بعد قرار فلاديمير بوتين بضم القرم في 2014، لا تزال تمثل أولوية قصوى لواشنطن.

 ورغم ذلك، ترى حكومة كونتي الائتلافية أن تلك الإجراءات غير مجدية لإخضاع بوتين، وأنها أصبحت غاية في حد ذاتها. وفي الوقت نفسه، أخذ مسؤولون إيطاليون في التعبير عن استيائهم من تلك القيود التي تضر، في رأيهم، بالاقتصاد الإيطالي.

موقف سلبي
وحسب كاتب المقال، ليس كونتي وحده من اتخذ موقفاً سلبياً من العقوبات. إذ دأب رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان مثلاً طيلة أشهر، على الإدلاء بمواقف مشابهة. وتبدي دول أخرى، منها بلجيكا، والتشيك، وبلغاريا، واليونان، مؤشرات على استيائها، وعبر مسؤولون فيها عن انتقادهم لاستراتيجية العقوبات.

إلى ذلك، يبدو حلفاء في الناتو أقل حماسة لتدابير عسكرية صدامية تجاه موسكو. واكتشف مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي تلك الحقيقة في فبراير( شباط) عندما حاول الاستعانة بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لإرسال سفن حربية لاختبار إصرار الكرملين على اعتبار مضيق كيرش مياها إقليمية روسية.

ويفصل المضيق، والذي يصل البحر الأسود ببحر آزوف، شبه جزيرة تامان الروسية عن شبه جزيرة القرم. ورغم ضم موسكو للأخيرة في 2014، لا تزال كييف تعتبر القرم منطقةً أوكرانيةً، ومضيق كيرش ممراً مائياً دولياً، وهو موقف تدعمه الولايات المتحدة وحلفاؤها.

مناورة خطيرة
ويرى الكاتب أن بنس أراد تسيير دورية "حرية الملاحة" للدفاع عن الموقف القائل إن المضيق مياه دولية.

وتنفذ البحرية الأمريكية عمليات مشابهة في مناطق مثل بحر الصين الجنوبي، ومضيق تايوان لتفنيد مزاعم الصين التوسعية. وفي هذه الحالة، أردا بنس أن تكون ألمانيا مثل بيدق واشنطن لتأمين حرية الملاحة. ولكن ميركل كانت حذرة من المناورة الاستفزازية الخطيرة، ورفضت طلب نائب الرئيس الأمريكي.

وكما يلفت كاتب المقال، تنامت، منذ سنوات، سياسة التعنت من جانب حلفاء أمريكا. وظهر ذلك عندما حاول الرئيس جورج بوش في 2008، ضم جورجيا وأوكرانيا إلى الناتو، ولكن ألمانيا، وفرنسا عارضتا بشدة ذلك المسعى.

واستند البلدان إلى أن هذين البلدين تحكمهما إدارتان فاسدتان، إضافة إلى الخوف من أن تثير جولة أخرى من توسيع الناتو روسيا، وأن تُفاقم العلاقات المتوترة أصلاً مع موسكو. ومنذ ذلك الوقت، لم تعد باريس وبرلين أكثر تقبلاً لانضمام جورجيا أو أوكرانيا لعضوية حلف شمال الأطلسي.

نسف مبادرة

ولا يقتصر رفض الأوروبيين حسب الكاتب، لأهداف السياسة الأمريكية، على العلاقات مع موسكو. بل تجاوزه إلى مناطق أخرى، مثلما كان عندما أعلن الرئيس الأمريكي ترامب، في ديسمبر( كانون الأول) 2018، عزمه على سحب جميع القوات الأمريكية من سوريا، إذ سارع حلفاؤه إلى نسف تلك المبادرة.

وكان هدف ترامب يقوم على تشكيل قوة حفظ سلام دولية تضم قوات من دول أوروبية وشرق أوسطية لتحل مكان الوجود الأمريكي. ولكن حلفاء أمريكا أكدوا بوضوح أنهم لن يبقوا هناك إذا انسحبت الولايات المتحدة.

وحاول ترامب تلطيف موقفه، معلناً عزم واشنطن الإبقاء  على 200 جندي في سوريا، مع المساهمة بـ200 جندي آخرين في قوة حفظ سلام دولية. ولكن يبدو أن معظم حلفائه الأوروبيين لا يزالون يرفضون طلبه بالمساهمة بقواتهم.

وسبق لواشنطن أن واجهتت مقاومة مماثلة من حلفائها، كما في عهد الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول، في الستينات، وكما كانت عليه ألمانيا مع عهد رونالد ريغان، في الثمانينات.

ولكن نطاق المعارضة بات أكبر هذه المرة، ما يطرح تساؤلات عن بقاء حلف الناتو، ومستقبل العلاقة عبر الأطلنطي، وهي قضايا لا تحل بالدعوات القديمة للتضامن داخل الحلف.