شابة أمام ملصق عملاق بصورة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (أرشيف)
شابة أمام ملصق عملاق بصورة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (أرشيف)
الخميس 21 مارس 2019 / 13:08

تقرير إسرائيلي: روسيا تستعد لسحب قواتها من سوريا!

كشف زئيفي باريل، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن تقارير روسية تقول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر بسحب القوات والطائرات الروسية من سوريا، وفي ما تأمل إسرائيل أن يقود هذا التحرك إلى الضغط على إيران لسحب قواتها أيضاً، لا توجد دلائل على أن طهران ستتبنى نهجاً مماثلاً.

إسرائيل هي أكثر من يشعر بالقلق إزاء انسحاب روسي من روسيا؛ حيث تعتبر أن موسكو هي أكبر ضامن لإيقاف التوسع العسكري الإيراني في سوريا

ويُشير المراسل إلى الزيارات المهمة التي شهدها قصر الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق هذا الأسبوع، بدايةً من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ثم رئيس أركان الجيش العراقي عثمان الغانمي ونظيره الإيراني محمد حسين باقري، في انتظار زيارة متوقعة لوفود من الدول العربية للأسد لمناقشة إمكانية دعوة سوريا لحضور قمة جامعة الدول العربية المقرر عقدها بتونس، في نهاية الشهر الجاري.

انسحاب القوات الروسية

ورسمياً أعلن الضيوف أن زياراتهم إلى سوريا كانت لبحث استمرار الحرب ضد الإرهابيين، ولكن مراسل "هآرتس" يرى أن مثل هذه الأمور كان يمكن مناقشتها هاتفياً، وأن الهدف الحقيقي يتمثل في انشغال الجميع بالتحرك القادم لروسيا، فقد عقد بوتين اجتماعاً مع وزيري الخارجية والدفاع الروسيين، وأمر ببدء سحب القوات الروسية على أن يبدأ بسحب القوات الجوية المنتشرة في قاعدة "حميميم" الجوية، شمال غرب سوريا.
  
ويقول مراسل الصحيفة الإسرائيلية: "غادرت المجموعة الأولى من الطائرات الروسية، بما في ذلك قاذفات سوخوي-34 سوريا وعادت إلى روسيا، بحسب إفادات يوم الثلاثاء الماضي، ولكن في اليوم التالي أُعيدت المقاتلات الروسية إلى سوريا للمشاركة، على ما يبدو، في الحملة على منطقة إدلب أين تتركز عشرات الآلاف من قوات المعارضة".

ويتوقع فيكتور أوزيروف، رئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الشيوخ الروسي، أن تترك موسكو حوالي 1000 عسكري روسي في سوريا، إذ يبدو أن روسيا تسعى إلى توضيح، خاصةً للأسد، أن دورها العسكري النشط يقترب من نهايته، بعد إنجاز المهمة وعودة سوريا إلى سيطرة الأسد.

إدلب
ولكن مراسل "هآرتس" يرى أن إدلب لاتزال تنتظر حلاً، وستتحول على الأرجح إلى ساحة قتال وحشية إذا لم تنجح تركيا في الوفاء بالتزاماتها تجاه موسكو وطرد جبهة "النصرة" و"جيش الإسلام" منها، وهما أكبر قوتين لايزال لديهما قوة عسكرية تحاول منع الأسد من استعادة السيطرة على سوريا بأكملها.
  
ويلفت المقال إلى توتر العلاقات بين روسيا وتركيا في الأسابيع الأخيرة، عندما طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من روسيا تمديداً آخر دون توضيح كيفية تحقيقه لوعوده بطرد المقاتلين المتشددين من إدلب، وفي الوقت نفسه تضغط روسيا لإكمال هذه الخطوة، ولو بعملية عسكرية لتتمكن من المضي قدماً في المرحلة الدبلوماسية وإنهاء الحرب.

قلق إسرائيل
ويعتبر المراسل أن إسرائيل هي أكثر من يشعر بالقلق إزاء انسحاب روسي من روسيا، إذ تعتبر أن موسكو أكبر ضامن لإيقاف التوسع العسكري الإيراني في سوريا، خاصةً على طول حدود مرتفعات الجولان.
  
وأخفقت روسيا في الوفاء بوعدها بإبقاء القوات الموالية لإيران على بعد عشرات الكيلومترات إلى الشرق من الحدود مع إسرائيل، ولكنها اقترحت في أغسطس (آب) الماضي إنشاء نقاط مراقبة على طول الحدود، لمنع دخول القوات الأجنبية إلى المنطقة الحدودية، ولكنها انتهت من بناء نقطة مراقبة واحدة فقط تحت إشراف الشرطة العسكرية الروسية.

وأوضحت روسيا أن ثمة خمس قواعد مراقبة أخرى قيد الإنجاز على طول الحدود، ستكون جاهزة قريباً، كما أن موسكو لا تعارض عودة مراقبي الأمم المتحدة، وقوات حفظ السلام إلى هذه القواعد على طول "خط برافو" في الجولان.

وبحسب المراسل، فإن عودة مراقبي الأمم المتحدة، إذا حصلت، لن تعني فقط عودة سيطرة الأسد على الحدود، ولكنها تعني أيضاً موافقة إسرائيل على إمكان وصول القوات السورية إلى خط برافو، إلى جانب العودة إلى اتفاقيات وقف إطلاق النار التي ستجبر إسرائيل على وقف التوغل العسكري عبر الحدود.
  
إشكالية المعابر الحدودية

وتأمل إسرائيل أن يمنح انسحاب القوات الروسية من سوريا موسكو المزيد من النفوذ، لمطالبة إيران بسحب قواتها أيضاً، رغم أنه لم تصدر عن طهران أي إشارة تفيد أنها تعتزم تبني التحرك الروسي.

وعلى جانب آخر، باتت العلاقات الرسمية بين سوريا والعراق أكثر قوة، وهو أمر يثير القلق بشكل خاص مع إعلان نية إعادة فتح معبر "البوكمال – القائم" بين البلدين.

وترتبط سوريا والعراق عبر ثلاثة معابر حدودية رئيسية، أولها بالقرب من قاعدة التنف، وتسيطر عليه القوات الأمريكية التي لاتزال موجودة في سوريا، والتي تتمثل مهمتها في منع القوات الإيرانية من دخول سوريا عبر العراق، وثانيها معبر الرابية في الركن الشمالي الشرقي من سوريا، وتسيطر عليه حاليا القوات الكردية السورية، وثالثها معبر "البوكمال-القائم" الذي يخضع لسيطرة نظام الأسد، ويمكن أن يكون نقطة عبور سهلة ليس فقط للبضائع العراقية، ولكن أيضا للجنود والأسلحة من إيران، عبر العراق إلى سوريا.

الضغط على الأكراد

ويلفت المراسل إلى أن نظام الأسد يضغط بشدة على الأكراد لتسليم الأراضي الخاضعة لهم، وقدم لهم الأسد خيارين، إما المصالحة مع النظام أو استخدام القوة ضدهم، وتعني المصالحة تسليم الأراضي التي حررها الأكراد من سيطرة داعش، إلى نظام الأسد مقابل وعود بالحفاظ على وضعهم السياسي، وحقوقهم في الحكومة التي ستُشكل بعد الحرب.

وإذا رفض الأكراد المصالحة، سيفتح الأسد على الأرجح جبهة جديدة ضدهم، الأمر الذي يُعرضهم لخطر فقدان فرصة الحصول على المكانة المميزة أو حتى الحقوق المتساوية على أقل تقدير.

وفي الحالتين سيكون المعبر الحدودي الشمالي تحت سيطرة الأسد في نهاية المطاف، ما يضاعف خطر تدفق الأسلحة من العراق عبر سوريا، إلى حزب الله في لبنان.

ويختتم مراسل هآرتس قائلاً: "يؤكد ما سبق أهمية بقاء القوات العسكرية الأمريكية في سوريا، ليس فقط لضمان سلامة الأكراد ضد الهجمات السورية أو التركية، لكن أيضاً لضمان سيطرة الأكراد على المعبر الحدودي، ويظل التساؤل الأكثر أهمية في كيفية إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحتمية بقاء القوات الأمريكية في سوريا أو على الأقل تأجيل انسحابها".