محتجون يرفعون شاباً على الأكتاف في تظاهرة مناهضة لحماس في غزة (أرشيف)
محتجون يرفعون شاباً على الأكتاف في تظاهرة مناهضة لحماس في غزة (أرشيف)
الخميس 21 مارس 2019 / 13:44

حماس أمام لحظة الحقيقة في قطاع غزة

قبل أسبوع، أُطلق صاروخان من غزة على تل أبيب، وقيل إن الصاروخين انطلقا بالخطأ، أو هكذا أريد للعالم أن يصدق، حسب فيفيان بيروفيشي، كاتبة رأي، والسفيرة الكندية السابقة في إسرائيل بين 2014 و2016.

الجماهير المضطهدة في قطاع غزة لا يغيب عن بالها فساد سلطة حماس، وتحويلها مليارات الدولارات من المساعدات والتعويضات إلى البنية التحتية العسكرية والإرهابية

واعترضت القبة الحديدية الإسرائيلية أحد الصاروخين، و سُمع صوت" قوي جداً" في أكثر من مكان، أما الثاني، فلا يزال "يجوب المدينة بحثاً عن مكان يحط فيه"، وفقاً لنكتة سرت بين السكان.

رسائل معبّرة
وقالت بيروفيشي في موقع "كومنتري ماغازين" إن استهداف تل أبيب، عاصمة إسرائيل التجارية والثقافية، ينطوي على رسائل معبرة، فتل أبيب، لا القدس، تظل عالقة في أذهان أعداء إسرائيل بوصفها العاصمة الحقيقية.

وكثيراً ما يتحدث قادة إيرانيون، فضلاً عن زعماء حزب الله، وحماس، عن هجمات ضد تل أبيب عوضاً عن ذكر اسم إسرائيل.

ولذلك وحسب الكاتبة، يمكن القول إن إطلاق صواريخ على تل أبيب، وتخطي هجمات معتادة ضد مدن أقرب إلى غزة، أمر مقلق، على أقل تقدير. كما يؤشر على خرق نمط مفهوم للصراع والتصعيد في تلك المناطق.

تقارير مضللة
وبعد الهجوم، نُشرت في مساء اليوم ذاته تقارير مضللة، وكان وفد مصري يعقد اجتماعاً، في ذلك الوقت، مع مسؤولين من حماس، للتوسط في تخفيف بعض القيود الاقتصادية.

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية، يوم الجمعة، إلى أن المصريين كانوا غاضبين جداً. بسبب إقدام  مستضيفيهم على عمل أخرق مماثل، يعتبر شيئاً مخزياً، ومن شأنه مفاقمة تاتوترات الناتجة عنه، وفي المقام الأول، عزلة القطاع اقتصادياً.

وكما ورد في صحيفة "إسرائيل هيوم" اليومية، ثار مسؤول مصري على يحيى سنوار، زعيم حماس في غزة، قائلاً له: "إلى أي مدى تتوقع أن تستمر لعبتك المزدوجة هذه؟ نحن جالسون هنا لوضع تفاصيل هدنة مع إسرائيل، ومن وراء ظهورنا تصدر أوامرك لأتباعك ليطلقوا صواريخ على تل أبيب؟".

وأضاف المسؤول المصري "إذا قررت إسرائيل شن حملة عسكرية شاملة على غزة، لن نتحرك هذه المرة لوقف الهجوم الإسرائيلي، وحتى لو قررت إسرائيل تقويض سلطتكم في غزة باغتيال كل فرد منكم. وفيما تستعيد إسرائيل غزة، لن تُحرك مصر وحلفاؤها في المنطقة ساكناً لوقف الرد الإسرائيلي".

حبل إنقاذ
وحسب الكاتبة، نفى سنوار علمه بشيء، وقيل إنه أبلغ المصريين بأن نشطاء على مستوى منخفض من حماس كانوا يجرون بعض أعمال الصيانة لقاذف صواريخ موجه نحو تل أبيب، وانطلق صاروخان عن غير قصد.

وسواءً كان ما قاله سنوار حقيقياً أم لا، فإنه يبدو تفسيراً مناسباً ويرجح قبوله من جميع الأطراف. فمع اقتراب حماس من لحظة حرجة، في ظل انشغال إسرائيل بحملة انتخابية، لا أحد يرغب في خوض حرب في الوقت الحالي.

وربما كان ادعاء "الخطأ" حبل نجاة للجميع. وتلفت الكاتبة إلى مسارعة الوفد المصري بمغادرة غزة بعد محادثة قصيرة مع مسؤولين في الجيش الإسرئيلي، تجنباً للتعرض لضربات جوية انتقامية، والتي حصلت فعلاً بعد ذلك بوقت قصير.

كما طالب المصريون حركة حماس بإغلاق المعابر، والامتناع عن إطلاق النار تجنباً لتصعيد خطير. لكن حماس عمدت لإطلاق بعض الصواريخ على بلدات مجاورة للقطاع، ثم ساد الهدوء.

إلى ذلك، ألغت حركة حماس مظاهرة تخرج منذ عام تقريباً، مساء كل يوم جمعة، عند الحاجز الحدودي مع إسرائيل. وتود حماس تقديم تلك المظاهرات بوصفها تمثل تعبيراً عن غضب شعبي تلقائي، لكن يبدو واضحاً أنها مظاهرات تنظمها وتشجع عليها حكومة حماس المتشددة.

غضب شعبي
وترى كاتبة المقال أن مشكلة حماس الحقيقية هي أن الغضب الشعبي في قطاع غزة ليس موجهاً ضد إسرائيل، بل ضدها.

ومنذ إطلاق الصواريخ يوم الخميس الماضي، خرجت مظاهرات ضد حماس، في ظاهرة فريدة، احتجاجاً على ظروف معيشية صعبة تشتد سوءاً.

واشتكت امرأة جريئة، في شريط مصور على وسائل التواصل الاجتماعي، من تجول قادة حماس وأبنائهم في سيارات فارهة، فيما أولادها الأربعة عاطلون عن العمل.

وقالت: "كل سكان غزة عاطلون عن العمل بسبب إسماعيل هنية ويحيى سنوار. هؤلاء المسؤولين لا يهتمون بأساسيات حياة الفقراء. ومن حقنا أن نعيش".

فساد
وتقول الكاتبة إن الجماهير المضطهدة في قطاع غزة لا يغيب عن بالها فساد سلطة حماس، وتحويلها مليارات الدولارات من المساعدات والتعويضات، إلى البنية التحتية العسكرية والإرهابية.

وشهد القطاع في عطلة نهاية الأسبوع احتجاجات، ونُشرت تقارير عن اعتقال حماس 7 صحافيين وضربهم، فضلاً عن انتشار فيديوات تصور تعرض المدنيين للضرب المبرح.

وحسب الكاتبة، لا يُعتقد أن هذه الاحتجاجات ستقود إلى إسقاط حكومة حماس، أو تغيير الأسلوب الذي يحكم من خلاله طغاة الحركة. ولن يتحقق ذلك إلا بعد شح مالي خطير ومستدام من قبل داعمي الحركة الرئيسيين، قطر ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا.