الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الخميس 21 مارس 2019 / 12:23

الكُتب عند أردوغان أخطر من القنابل.. كيف يحتال على أوروبا؟

حذرت الصحافية التركية البارزة أوزاي بولوت الدول الأوروبية من التسليم بأن أنقرة ستُجري إصلاحات قضائية بحسب ما أعلنت حكومتها. وكتبت في "غايتستون إنستيتيوت" أن تجريم تركيا لـ "إهانة الرئيس" بلغ منحدراً جديداً أوائل الشهر الحالي، عندما تبادل أب وابنته في أنقرة الاتهامات بإهانة الرئيس، في إطار خلاف عائلي داخلي.

أدانت الحكومة التركية آلاف الأشخاص في الماضي خلال السنوات الأربع الماضية لمجرد التحدث ضد الرئيس. على الحكومة وقف هذه السخرية من حقوق الإنسان واحترام حق الشعب في تركيا للتعبير السلمي عن رأيه

وفقاً لبروفسور القانون في جامعة بيلجي التركية يامان أكدينيز، كان هنالك 66691 "تحقيق إهانة" أنتج 12305 محاكمات حتى الآن منذ انتخاب رجب طيب أردوغان رئيساً لتركيا في2014. وأشار بروفسور القانون أيضاً إلى أن هذه "الأعداد في تزايد".

مجتمع مخبرين
في حديثه إلى صحيفة بيرغون التركية، قال رئيس جمعية خريجي علم الاجتماع أوزغور أكتوتون، رغم أن تركيا "مجتمع مخبرين" منذ عهد السلطنة العثمانية، فإن "ما يلفت الانتباه في الآونة الحديثة هو الاستخدام المتفشي للإبلاغ عن أي مسألة". وتشكل "إهانة الرئيس" جريمة وفقاً للمادة 299 من قانون العقوبات التركي الصادر في 1926، والذي يواجه المدان بموجبه عقوبات بالسجن 4 أعوام، وحتى أكثر إذا كانت الإهانة علنية.

لوقف السخرية

تشجب هيومن رايتس ووتش هذه الممارسات. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2018، قال نائب مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في المنظمة بنجامين وورد: "أدانت الحكومة التركية الآلاف في السنوات الأربع الماضية لمجرد الحديث ضد الرئيس. على الحكومة وقف هذه السخرية من حقوق الإنسان واحترام حق الشعب التركي في التعبير السلمي عن رأيه".

وفي مقال عام 2015 أيضاً، كتبت المنظمة "منذ نهاية سنة 2014، تتبعت السلطات فيضاً من هكذا حالات بإذن وزير العدل، بما فيها ضد أطفال، وتبعت عدد منها فترات قصيرة من الحبس الاحتياطي... وتضمنت بعض الحالات إفادات شفوية. وكانت حالات أخرى بسبب الانتقاد على وسائل التواصل الاجتماعي. ولم يستخدم المتهمون أو يحضوا على العنف في أي حال من الأحوال".

لائحة طويلة بالمدانين البارزين
تكمن المفارقة المحزنة في أن "إهانة الرئيس" هي واحدة من المسائل القليلة التي لل تخضع للتمييز الحكومي الاقتصادي والاجتماعي والجندري والإثني في تركيا. إذ خضع أشخاص من مختلف المشارب للتحقيقات أو المحاكمات بسبب هذه المزاعم بمن فيهم تلاميذ من المرحلة الثانوية.

وحُقق أو لوحق أو سجن رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعب الجمهوري المعارض، ورئيس مجلس إدارة مصرف أتش أس بي سي في تركيا، ومقدم برامج في شبكة فوكس نيوز في تركيا، إلى جانب ممثلَين شهيرَين، وقاضٍ سابق ومواطن عمره 78 عاماً، بسبب "إهانة أردوغان".

عووقب آخرون بسبب الجرم نفسه ومنهم الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديموقراطي الذي يقضي عقوبة بالسجن 18 شهراً، وحُرم نائب من الحزب نفسه من مقعده النيابي في السنة الماضية. وعوقب أيضاً المتحدث باسم الرئيس التركي عبدالله غول السلبق أحمد سيفر الذي وضع كتاباً جاء فيه: "نواجَه من قبل حكومة، أو بشكل أكثر دقة، من رجل واحد يعتبر الكُتب أخطر من القنابل".

حيلة واضحة
إن استخدام أردوغان للمادة 299، تكتيك تهويلي قد يكون فعالاً للغاية: إذا اتنهت شخصيات بارزة مثل سيفر في المحكمة لتجرئها على انتقاد الحكومة، فكيف تكون حظوط المواطن العادي في الدفاع عن حقه في التعبير عن نفسه. لكن إذا كان أردوغان يعتقد أن إسكات شعبه هو أسلوب للحفاظ على سلطته المطلقة، فإنه ربما لا يكون يأخذ بالاعتبار زيادة عدد الأتراك المحبطين والغاضبين.

وفي الوقت الذي يواصل أردوغان سجن أي شخص يعارض حكمه، يلعب لعبة مزدوجة مع الغرب  في جزء من رهانه طويل المدى لتصبح دولته عضواً في الاتحاد الأوروبي.

ربما تكون هذه الخطة، سبب إعلان وزير عدله في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استراتيجية جديدة للإصلاح القضائي. لكن على الاتحاد الأوروبي ألا ينخدع بهذه الحيلة الواضحة. وعوض ذلك عليه مطالبة الحكومة التركية بالتوقف عن محاكمة الأبرياء بمن فيهم أولئك الذين تكون "جريمتهم" الوحيدة نقد أردوغان.