من معرض أبو ظبي الدولي للكتاب.(أرشيف)
من معرض أبو ظبي الدولي للكتاب.(أرشيف)
الخميس 21 مارس 2019 / 20:19

معارض الكتاب في العالم العربي وصناعة الاقتصاد الجديد

الثقافة إذا أُحسِنَ استثمارها ستندرج بالفعل في الاقتصاد الجديد وستتحول بالفعل إلى صناعة ثقافيّة حقيقيّة، وإلى مصدر قويّ من مصادر الإنتاج الاقتصاديّ

وفقًا لتعريف اليونسكو، فإنَّ الصناعات الثقافيّة هي الصناعات التي تنتج وتوزع النتاج والخدمات الثقافية؛ أي تلك التي يتبين لدى النظر في صفتها أو أوجه استعمالها أو غايتها المحددة، أنَّها تجسد أو تنقل أشكالاً للتعبير الثقافيّ بصرف النظر عن قيمتها التجارية. ويتعاظم دور هذه الصناعات الثقافيّة في العالم اليوم لأنّها تندرج في الاقتصاد الجديد، وهو الاقتصاد القائم على المعرفة. وهذا النوع من الاقتصاد ناتج عن ثلاثة أنواع من الإبداع هي العلميّ والثقافيّ والاقتصاديّ.

إنَّ الثقافة إذا أُحسِنَ استثمارها ستندرج بالفعل في الاقتصاد الجديد وستتحول بالفعل إلى صناعة ثقافيّة حقيقيّة، وإلى مصدر قويّ من مصادر الإنتاج الاقتصاديّ، وإلى مصدر لتمويل رؤوس الأموال المحليّة واستقطاب رؤوس أموال عالميّة. إنَّ ثمّة تحولات بنيويّة عميقة جرت في وظائف الثقافة في دول الخليج العربيّة في السنوات الأخيرة؛ وهي تحولات تجاري بالفعل هذا النوع من الاقتصاد الجديد.

ومعارض الكتاب في بعض الدول العربيّة هي من أبرز التمثيلات الحقيقية لمثل هذه التطورات في وظائف الثقافة العربيّة. وأشير باعتزاز إلى معارض الكتاب في بعض الدول العربية مثل معرض الرياض الدوليّ للكتاب ومعرض أبوظبي الدوليّ للكتاب، ومعرض الشارقة الدوليّ للكتاب، ومعرض القاهرة الدوليّ للكتاب، ومعرض بيروت الدوليّ للكتاب، ومعرض البحرين الدوليّ للكتاب. وهي جميعها وخاصة المعارض الخليجيّة ترتكز على هذه المنظومة الاقتصادية المعرفيّة الجديدة، فلم تعد المعارض حكرًا فقط على وظيفة تسويق الكتاب الورقيّ بالطرائق التقليدية، وإنّما تحوّلت إلى منصات إبداعية لتوليد مشاريع معرفية كبرى، وإنتاج معرفة حقيقية تتمّ من خلال الشراكات الثقافية المحلية والإقليميّة والعربيّة والعالميّة.

واستطاعت هذه المعارض الدوليّة للكتاب النجاح في استقطاب شرائح متعددة من القراء والمتلقين وجذبهم إلى هذه الصناعة المعرفية الجديدة، وإلى هذا الاقتصاد المغاير من خلال الفعاليات الثقافية المختلفة المصاحبة لمعارض الكتب. ثمّة احتفاء في هذه المعارض بالتنوّع الثقافي، والانفتاح بطرائق معرفية جديدة على الثقافات الأخرى، وهذا يعني أنّنا بالفعل من خلال هذه المعارض وسياساتها الثقافية سنجد أنفسنا خلال السنوات القادمة أمام حَراك ثقافيّ فاعل ومؤثِّر ومؤسِّس سيمتد أثره في المنطقة العربية كلّها؛ إنَّ الحَراك الثقافي القائم على "الاقتصاد الجديد".