نازحون سوريون من الرقة.(أرشيف)
نازحون سوريون من الرقة.(أرشيف)
الجمعة 22 مارس 2019 / 11:58

كيف يمكن ربط العقوبات على الأسد بإصلاح مسار المساعدات؟

ذكر مدير الأبحاث في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" دايفد أديسنيك أنّ نظام الرئيس السوري بشار الأسد برهن عدم قدرته على معالجة النقص الحاد في الوقود على الرغم من أنّ نهاية فصل الشتاء قد تخفف الطلب على هذه المادة. وقد يعكس هذا النقص قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ العقوبات بطريقة أكثر تشدداً حتى مع الأخذ بالاعتبار أنّ الفساد في سوريا يلوي الأسواق.

بينما يواجه السكان الذين يعيشون تحت حكم الأسد المزيد من الصعوبات بسبب العقوبات، فالسبب الأساسي لمعاناتهم هو تلاعب النظام بمليارات الدولارات التي تُقدم كمساعدات إنسانية

في حين شكّل النقص في الوقود سمة متكررة للحرب السورية، تقترح التقارير أنّ القصور الحالي أسوأ من الحالات السابقة. يصطف سكان دمشق في طوابير قبل بزوغ الفجر من أجل شراء قوارير الغاز التي يستخدمونها للطبخ والتدفئة. يحرق الفقراء الأوراق والبلاستيك للحصول على الدفء فيما تؤمن السوق السوداء بدائل باهظة الثمن بشكل متزايد لأولئك القادرين على الدفع. حتى أنّ أعضاء في البرلمان الخاضع للأسد صوّبوا غضبهم على الحكومة.

تراجع ملحوظ
في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كشفت وزارة الخزانة الأمريكية إحدى الشبكات غير الشرعية لتأمين الوقود وأصدرت تحذيراً من ارتكاب المزيد من الخروقات. بغض النظر عن العقوبات المفروضة، وصلت شحنات الخام الإيراني بشكل منتظم إلى الموانئ السورية حتى خريف 2018.

اليوم، وفقاً لبلومبيرغ وتانكر تراكرز المتخصصة في مراقبة أسواق النفط العالمية، لم يكن هنالك سوى عملية تسليم واحدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أفرغت ناقلة النفط البنمية تور-2 أقل من مليون برميل بقليل في مرفأ بانياس. على نقيض ذلك، وصلت شحنة أو شحنتين بهذا الحجم من إيران كل شهر خلال معظم فترات 2018.

التأثير الرادع
إنّ التأثير الرادع لتنفيذ العقوبات الأمريكية المتجددة يمكن رؤيته بالشكل الأوضح في مسألة "سي شارك" وهي ناقلة نفط بنمية أخرى قامت بتسليم عدة ملايين برميل نفط إلى سوريا سنة 2018. إنّ تحليل تانكر تراكرز لصور تجارية صادرة عن الأقمار الاصطناعية يؤكد أنّ سي شارك ظلت راسية جنوب قناة السويس منذ نوفمبر الماضي ولا تزال حمولتها الموجهة إلى سوريا على متنها.

تحايل
خفف نظام الأسد بعضاً من ضغوط العقوبات عبر استيراد النفط من شمال شرق سوريا حيث للقوى الكردية المتحالفة مع واشنطن سيطرة فعلية. في حين كانت مصادر محلية تتحدث لأكثر من سنة عن أنّ شركاء واشنطن يتعاملون تجارياً مع الأسد، أكدت صحيفة ذا وول ستريت جورنال الشهر الماضي أنّ مجموعة قاطرجي السورية منخرطة في التجارة مع الأسد. وفي سبتمبر الماضي، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على الشركة وأحد مالكيها، محمد براء القاطرجي لتسهيل تجارة النفط بين الأسد وداعش.

حلول أمام واشنطن
وطالب أديسنيك الولايات المتحدة بالبناء على نجاحها في تنفيذ العقوبات على خام النفط من خلال العمل أيضاً على تفادي استيراد المنتجات النفطية المكررة. تشير تانكر تراكرز إلى ناقلة نفط مجهولة الهوية رست في ميناء بانياس أواسط فبراير الماضي لتسليم منتجات نفطية مكررة.

وطالبها أيضاً بالعمل على إنهاء الشحنات غير الشرعية التي يرسلها الأكراد إلى الأسد من شمال شرق سوريا. بما أنّ الأسد يسيطر على أبرز مصافي النفط في سوريا، هنالك محفز قوي للأكراد لبيعه النفط الخام الذي يضخونه. إذا ساعدت الولايات المتحدة السوريين الأكراد في توسيع قدرتهم التكريرية أو توسطت في عقود أخرى بالنيابة عنهم، فبإمكانها ردع هذه التجارة.

واشنطن ليست سبب المعاناة
بينما يواجه السكان الذين يعيشون تحت حكم الأسد المزيد من الصعوبات بسبب العقوبات، فالسبب الأساسي لمعاناتهم هو تلاعب النظام بمليارات الدولارات التي تُقدم كمساعدات إنسانية. إضافة إلى توجيه المساعدات إلى المجموعات المفضلة لديها، "تسحب الحكومة جزءاً كبيراً من التمويل الإنساني لدفع ثمن المجهود الحربي ولإثراء جيوب المسؤولين بطريقة غير شرعية" بحسب الطبيبة والباحثة آني سبارو. يجب أن يكون إصلاح مسار المساعدات محط تركيز آخر للسياسة الأمريكية في سوريا، كما يشدّد ختاماً أديسنيك.