الداعية الإسلامي فتح الله غولن.(أرشيف)
الداعية الإسلامي فتح الله غولن.(أرشيف)
الجمعة 22 مارس 2019 / 15:34

بحث يرصد خريطة توزيع الغولنيين في قطاعات الدولة التركية

مع اقتراب محاكمات أعضاء حركة غولن في تركيا من نهايتها، أجرت توغبا بوزكاجا، كاتبة رأي، وفوتيني كريستيا، أستاذة العلوم السياسية لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بحثاً حول حجم النفوذ الذي كان للحركة في تركيا، ومدى تغلغلها في مختلف المرافق والمؤسسات الاجتماعية والرسمية هناك.

نفوذ الغولنيين في حقل التعليم كان مذهلاً، حيث وصلت تسبته إلى 18٪ في جميع مساكن الطلبة، وإلى 11٪ لدى جميع المدارس الخاصة

ويبدو أن محاكمة مئات من الشخصيات الأمنية ومدنيين اتهموا بالمشاركة في المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016 ضد سلطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شارفت على الانتهاء.

عملية التطهير
وكانت السلطات التركية تعهدت باستئصال الحركة الدينية المعروفة باسم "خدمة"، وأقفلت قرابة 800 شركة، و1100 مدرسة، و850 سكناً طالبياً، و1400 مؤسسة مدنية تابعة لها. كما اعتقلت ما يزيد عن 38,000 شخص، وسرحت أكثر من 100,000 موظف من قطاعات الشرطة والقضاء والتعليم والصحة. كما تضرر عاملون في حقول تجارية ومالية وإعلامية.

وكسواها من الحركات الإسلامية، حصلت حركة غولن على دعم المدنيين بتقديمها خدمات لهم. وفي حقيقة الأمر، كشفت معلومات رسمية موثوقة نشرت عقب الانقلاب الفاشل لعام 2016، أن سيطرة الحركة على الخدمات الاجتماعية كانت واسعة، وإن تفاوتت حسب المناطق.

حجم النفوذ
ولمعرفة مدى النفوذ الذي مارسته حركة غولن، استندت الباحثتان إلى بيانات متوافرة حول عملية تطهير شنتها حكومة أردوغان عبر 900 منطقة تركية. كما استفادت الباحثتان من معلومات نشرت على مواقع رسمية حول أعمال واستثمارات محلية في حقول التعليم والصحة والبنية التحتية والدينية، فضلاً عن بيانات لجمعيات وتبرعات دينية، ومعلومات عن الانتخابات وتعداد السكان الأتراك.
وتبين للباحثتين أن نفوذ الغولنيين في حقل التعليم كان مذهلاً، حيث وصلت تسبته إلى 18٪ في جميع مساكن الطلبة، وإلى 11٪ لدى جميع المدارس الخاصة.

وبمرور الوقت، شهدت مؤسسات تعليمية مرتبطة بالحركة نمواً لافتاً، واكتسبت شهرة بتخريجها طلاباً متفوقين. وركزت الحركة بشكل أساسي على مزج التعليم الديني بالتدريب العلمي، وعرفت باستخدام المؤسسات التعليمية كوسيلة لكسب ولاء جيل الشباب، ونشر أفكار غولن.

القضاء
وحسب الباحثتين، وصلت حصة الغولنيين بين أوساط البيروقراطيين من أصحاب الرتب العليا إلى نسبة 30٪ في القضاء، وإلى نسبة 50٪ في قطاع الشرطة والأمن. وأما بالنسبة للتباين بين المناطق، فقد كان أكبر تواجد للحركة في منطقتي شرق الأناضول وبحر إيجه. وكانت تلك نتيجة مذهلة، لأنه ساد اعتقاد، قبل الدراسة، بأن مناطق محافظة كان أكثر تلقياً لخدمات الإسلاميين.

انتهازية
وهكذا أظهرت الدراسة، حسب الباحثتين، انتهازية الحركة التي لم تعمد لتقديم خدماتها حيث تقل الخدمات الحكومية وحسب، بل بدا بأن تلك الخدمات قدمت لنخب تجارية ارتبطوا بقوة بالحركة. وقد يكون ذلك منطقياً، لأن عدداَ من الأبحاث التي تمت قبل انقلاب يوليو(تموز) 2016، يشير إلى دعم حركة فتح الله غولن، منذ سنواتها الأولى، لاقتصاد السوق الحر كوسيلة لتوفير المال الذي يمكن توجيهه لتوفير الخدمات.

ونتيجة له، عملت حركة غولن على توفير مساحة كي تترافق الرأسمالية مع الورع الديني، وحيث يتحلى رجال الأعمال باليقظة مع الاستفادة من ليبرالية الاقتصاد التركي في الثمانينات، وحيث شجعت ريادة الأعمال.

ومنذ مرحلة مبكرة، استفادت حركة غولن من حلقات دينية محافظة، تعرف باسم "صحبة"، كوسيلة للجمع بين المتدينين ورجال الأعمال من أجل الشراكة والتجارة. وفي المقابل، كان ينتظر من هؤلاء التبرع بأموالهم لصالح القضية، كنوع من العلاوة للاستفادة من شبكات الحركة.