عسكريون من الحرس الثوري.(أرشيف)
عسكريون من الحرس الثوري.(أرشيف)
الجمعة 22 مارس 2019 / 16:14

الحرس الثوري يخترق قطاع الطاقة لتعويض انسحاب الشركات الأجنبية

رأت منافار حلاج، مراسلة صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن الحرس الثوري الإيراني يتطلع إلى سد الفراغ في قطاع الطاقة الناجم عن انسحاب الشركات الغربية من إيران عقب فرض العقوبات الأمريكية ضدها.

مشاركة الحرس الثوري في المشروع تعكس تحولاً في سياسة الطاقة التي تنتهجها الحكومة الإيرانية، إذ يرى المحللون أن الأخيرة باتت مجبرة على ذلك

وكان سعيد محمد، رئيس شركة "خاتم الأنبياء" التي تُعد الذراع الاقتصادي لنخبة الحرس الثوري، صرح بأن الشركة مستعدة لأن تحل محل شركة "توتال" الفرنسية في تطوير المرحلة الحادية عشرة من حقل غاز جنوب بارس، وهو المشروع الرئيسي للهيدروكاربونات في إيران.

وأضاف محمد، في الخطاب الذي ألقاه هذا الأسبوع بمناسبة إطلاق مشاريع جديدة في جنوب بارس، أن قوات الحرس الثوري الإيراني تقف إلى جانب الحكومة الإيرانية "المتفانية" ضد الحرب الاقتصادية الشرسة من أجل إحباط المؤامرات الاقتصادية للولايات المتحدة.

إمبراطورية الحرس الثوري

ويُشير تقرير "فايننشال تايمز" إلى أن مشاركة الحرس الثوري في المشروع تعكس تحولاً في سياسة الطاقة التي تنتهجها الحكومة الإيرانية، إذ يرى المحللون أن الأخيرة باتت مجبرة على ذلك بسبب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من صفقة النووي الإيراني العام الماضي إلى جانب فرض عقوبات متشددة على إيران. وشجع النهج الأمريكي إزاء إيران المتشددين في النظام الإيراني على استغلال الموقف والضغط على حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني لتعزيز نفوذهم.

وبحسب التقرير، يتمتع الحرس الثوري الإيراني بإمبراطورية تجارية مترامية الأطراف، ولكنه منع من التوسع في قطاع الطاقة بشكل رئيسي نتيجة جهود وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زانغنه الذي رفض إعطاءه أي مشاريع إضافية في مجال النفط والغاز في أعقاب توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية في 2015؛ إذ كانت الحكومة الإيرانية تتطلع في ذلك الوقت إلى جذب الشركات الغربية الكبرى إلى إيران للتوسع في الانتاج وتنشيط البنية التحتية.

حقل "بارس" العملاق
ويعتبر تقرير الصحيفة البريطانية أن جنوب بارس كان أحد أكبر نجاحات الحكومة الإيرانية، حيث وقعت شركة توتال في يوليو 2017 صفقة بمليارات الدولارات لتطوير حقل الغاز العملاق، وكان أول عقد طاقة مهم بالنسبة لطهران مع شركة نفط أوروبية منذ أكثر من عقد من الزمن، ولكن بعد مرور عام واحد، أعلنت المجموعة الفرنسية أنها ستنسحب من البلاد بسبب العقوبات الأمريكية.

ويرى بعض المحللين أن وزير النفط الإيراني لم يعد أمامه أي خيار آخر سوى إعادة النظر في سياسته، لاسيما أنه ناضل للحفاظ على تدفق الصادرات وتنفيذ المشاريع الحيوية، ولكن صادرات النفط تراجعت من ذروتها نحو 2,8 مليون برميل يوميا في مايو (أيار) العام الماضي ووصلت الآن إلى قرابة 1,3 مليون برميل يومياً فقط.

وفي مطلع الأسبوع الماضي أثناء زيارته لحقل "بارس"، أبلغ وزير النفط الإيراني للصحفيين أنه كان على استعداد لاستبدال شركة توتال بشركة CNPC الصينية المملوكة للدولة، وهي بالفعل شريك في المشروع، ولكنه في الوقت نفسه لم يستبعد التعاون مع الحرس الثوري رغم انتقاداته السابقة لفشل الأخير في الوفاء بالتزاماته، مشيراً إلى أنه قد تم حل الخلافات مع "شركة خاتم الأنبياء" والحرس الثوري.
  
العقوبات الأمريكية
يشير تقرير "فايننشال تايمز" إلى أنه بموجب الاتفاقية السابقة، تمتلك شركة توتال ما يزيد عن نصف مشروع جنوب بارس، وتمتلك شركة CNPC حصة قدرها 30%، وشركة بتروبارس الإيرانية النسبة المتبقية من المشروع. ويُعد تطوير جنوب بارس عنصراً أساسيا في خطط الطاقة والصناعة لإيران؛ حيث إنه أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، وتتشارك فيه إيران مع قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال، ولكن العقوبات الغربية تعني أن طهران لن تتمكن أبداً من استغلال إمكاناتها بشكل متكامل.

وقبل انتخاب روحاني في 2013، شارك الحرس الثوري في مشروع جنوب بارس، بيد أن روحاني سعى إلى الحد من تأثيره الاقتصادي، وتم اعتقال بعض كبار أعضائه وشركائه التجاريين في 2017، وذلك في محاولة للتصدي للفساد وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاج إليها البلاد بشدة.

ويختتم التقرير بأن الدور الذي يلعبه الحرس الثوري في الاقتصاد يُعد عائقاً أمام تدفق الاستثمارات إلى إيران، كما أن تورطه في قطاع الطاقة قد يقود إلى تعقيد جهود طهران في إعادة التعامل مع الشركات الدولية في حال رفع العقوبات مستقبلاً.