القاضي أحمد الخازندار (أرشيف)
القاضي أحمد الخازندار (أرشيف)
السبت 23 مارس 2019 / 15:48

فتاوى القتل.. تاريخ إخواني بدأ مع المؤسس

24 - القاهرة - عمرو النقيب

71 عاماً مرت على فتوى حسن البنا، مؤسس جماعة "الإخوان" الإرهابية، بإهدار دماء القاضي أحمد بك الخازندار عام 1948، لإصداره أحكاماً قضائية ضد عناصر التنظيم المسلح للإخوان، عقب تورطهم في أعمال عنف داخل القاهرة.

وكان آخر هذه القضايا، قضية عرفت إعلامياً وقتها، بـ"قنابل الأسكندرية"، وحكم فيها على عناصر التنظيم، بالأشغال الشاقة المؤبدة في 22 نوفمبر(تشرين الثاني) 1947.

وفي صباح 22 مارس(آذار) 1948 خرج القاضي أحمد بك الخازندار من منزله بشارع رياض بحلوان ليستقل القطار المتجه إلى وسط مدينة القاهرة، حيث مقر محكمته.

وكان في حوزته ملفات قضية كان ينظر فيها وتعرف بقضية "تفجيرات سينما مترو" التي اتهم فيها عدد من عناصر التنظيم الخاص للإخوان، وما إن خرج من باب مسكنه حتى فوجئ بالمدعوين حسن عبد الحافظ ومحمود زينهم، يطلقان عليه وابلاً من الرصاص من مسدسين يحملانهما، وأصيب الخازندار بتسع رصاصات ليسقط صريعاً في دمائه.

حاول الجناة الهرب سريعاً والتصرف بهدوء لكن سكان حي حلوان الهادئ تجمعوا فوراً عقب سماع صوت الرصاصات التسع وطاردوا المتهمين، فألقى أحدهما قنبلة أصابت بعض المواطنين، وفي نهاية المطاف قُبض عليهما. 

وفي قسم الشرطة عثر بحوزتهما على أوراق تثبت انتمائهما لجماعة الإخوان، لتقوم النيابة باستدعاء مرشد الإخوان وقتها حسن البنا، وسؤاله حول ما إذا كان يعرف المتهمين، إلا أن البنا أنكر معرفته بهما تماما.

لكن النيابة تمكنت من إثبات أن المتهم الأول حسن عبد الحافظ كان "السكرتير الخاص" للمرشد العام لجماعة الإخوان،  وهنا لم يجد البنا مفراً من الاعتراف، لكنه نفى علمه بنية المتهمين تنفيذ عملية اغتيال القاضي أحمد الخازندار.

قيدت جريمة قتل الخازندار تحت رقم (604) جنايات حلوان عام 1948، وأصدر النائب العام، حينها،  قراراً بحظر النشر حتى تُستكمل إجراءات التحقيق.

واعترف المتهمان بارتكاب حادث الاغتيال، كما اعترفا أنهما ضمن عناصر التنظيم المسلح للإخوان بقيادة عبد الرحمن السندي، وأنهما تم تكليفهما من قيادة التنظيم، وأن مقولة حسن البنا "ياريت حد يخلصنا من الخازندار وأمثاله"، كانت الفتوى الشرعية التي استندوا لتنفيذ الجريمة البشعة في حق القاضي أحمد الخازندار.

كان المتهم الأول، محمود سعيد زينهم، طالب بمدرسة الصناعات الميكانيكية 21 عاماً، ويقيم بشارع عباس بالجيزة، وكان أحد أبطال المصارعه، وترك التعليم الثانوى لتكرار رسوبه والتحق بالمدارس الصناعية.

بينما المتهم الثاني، هو حسن محمد عبد الحافظ 24 عاماً، طالب بالتوجهية، يقيم بالمنزل رقم 12 شارع نافع بن زيد بالجيزة.

ولد القاضي أحمد الخازندار، في 11 ديسمبر (كانون الأول)عام 1889، والتحق بمدرسة الحقوق، وشغل وظيفة معاون نيابة، وتدرج في سلك النيابة والقضاء، حتى وصل إلى منصب رئيس محكمة استئناف أسيوط، ومنها إلى رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، ومن ثم رئيساً لمحكمة استئناف القاهرة.

وتم اختياره ليكون مسؤولاً عن غالبية قضايا الإخوان والتنظيم السري المسلح، الذي أسسه حسن البنا أواخر مرحلة الثلاثينات من القرن الماضي، ونفذ عدداً من العمليات الإرهابية وقتها.

في شهادته على الحدث قال الشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف، آنذاك: "لقد غضب حسن البنا من تلك الجريمة وكان ثائراً، وقال "ليس معنى أنه يخطئ قاضٍ في حكمه أن يقتل".

وأضاف الباقوري: "بعد حكم الخازندار بالسجن على المتهمين الإخوان، قال عبد الرحمن السندي رئيس النظام الخاص أن حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان، قال في اجتماع بجماعته "ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله"، وهو ما اعتبره أعضاء في التنظيم بمثابة "ضوء أخضر" لاغتيال الخازندار.

وأرجع عضو النظام الخاص بالإخوان ووزير الأوقاف الأسبق الدكتور عبد العزيز كامل، في مذكراته "في نهر الحياة" عملية اغتيال الخازندار، إلى مواقف الخازندار في قضايا سابقة أدان فيها بعض عناصر الإخوان في الإسكندرية بالأشغال الشاقة المؤبدة في 22 نوفمبر(تشرين الثاني) 1947.

وذكر عبدالعزيز كامل، في مذكرات، أنه في اليوم التالي لواقعة اغتيال القاضي الخازندار، عقد البنا جلسة مع عناصر التنظيم الخاص، وبدا متوتراً للغاية، وناقش خلال هذه الجلسة ما حدث وما قد يسفر عنه من تداعيات.

اغتيال المستشار أحمد الخازندار، جريمة هزت المجتمع المصري لأنه لم يحدث أن تعرض القضاء للاعتداء فقد تم تقديم المتهمين للمحاكمة ولجأ الإخوان إلى طرق شتى من أجل إخراج المتهمين من القضية، فقال دفاع الإخوان إن المتهمين مصابين بانفصام في الشخصية "الشيزوفرينيا"، ولكن طبقا لتقارير كبير الأطباء الشرعيين وعدد من الاخصائيين النفسيين الذين أحضرتهم المحكمة لتوقيع الكشف على المتهمين، ثبت كذب هذا القول، ولكن محامي الإخوان طالب المحكمة باستدعاء طبيب استشاري نجح في بث الشك في نفس بعض أعضاء هيئة المحكمة فقضت بالأشغال الشاقة، بدلاً من الإعدام، رغم ثبات الجريمة.

وبعد أربع سنوات من الجريمة، في سبتمبر(أيلول) 1952 عقب قيام ثورة يوليو بشهرين، وتحت ضغوط الإخوان، أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً بالعفو عن بعض السجناء السياسيين، واستطاع الإخوان إدراج اسماء قتلة الخازندار فيها، رغم أنها جريمة جنائية وليست سياسية.