صف مكتظ في مدرسة سورية.(أرشيف)
صف مكتظ في مدرسة سورية.(أرشيف)
الأحد 24 مارس 2019 / 14:24

أرقام صادمة عن التعليم في سوريا تنذر بكارثة

تصف مجلة "إكونوميست" البريطانية حالة النظام التعليمي في سوريا، بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية، بأنه مدمر، مشيرة إلى أنه لم يعد بمقدور قرابة 3 ملايين طفل سوري في سن الدراسة، أي ثلث أطفال سوريا، الالتحاق بالمدارس. ويعود ذلك، في جزء منه، لعدم صلاحية 40% من الأبنية المدرسية.

في بعض المناطق السورية يهجر قرابة 50٪ من الطلاب المدرسة في سن الثالثة عشر، ويترك الدراسة 80٪ من الطلاب في سن السادسة عشر

دمرت الحرب بعض المباني المدرسية ويستخدم بعضها الآخر جماعات مسلحة أو نازحون. وأما المدارس التي ما زالت تعمل فهي مكتظة بالطلاب، ولا يتوافر عدد كافٍ من المدرسين لإدارتها، بعدما هرب أو قتل حوالي 150 ألف معلم. ولذا ليس مستغرباً تأخر عدد كبير من الطلاب عن ركب التعليم. وتقول منظمة" سيف ذا تشيلدرن" منظمة إغاثة، أن مستوى القراءة عند أطفال سوريين في سن العاشرة بات يماثل مستوى من هم في الخامسة في دول متقدمة. وتراجع بحدة معدل الإلمام بالقراءة والكتابة.

نتائج قاسية
وترى المجلة أن نتائج هذه الحالة شديدة الأثر، لأن السوريين باتوا يفتقرون للمهارات والخبرات التي يحتاج إليها بلدهم من أجل إعادة بنائه، أو لتجنب حالة فقر مدقع يعاني منها قرابة 80% من السكان. ومن المعروف أن من الأسهل على غير المتعلمين أن يصبحوا فريسة لجهاديين أو ميليشيات يقدمون لهم المال أو بعضاً من النفوذ، أو أن يضمهم الجيش السوري إلى صفوفه.

كما يعتبر دمار المدارس من أسباب عزوف الطلاب عن الدراسة، ما دفع أثرياء سوريين لمغادرة البلاد، وبقاء من هربوا خارج سوريا. ويقول رياض النجم من منظمة حراس، جمعية خيرية تدعم ما يزيد عن 350 مدرسة في سوريا: "سوف نشهد نتائج كارثية في العقد المقبل، عندما يصبح هؤلاء الأطفال راشدين".

سبعة مناهج

وتلفت "إكونوميست" لتطبيق ما لا يقل عن سبعة مناهج تعليمية مختلفة في سوريا. فقد ألغى معارضون لنظام الأسد كل ما في المنهج الرسمي من أناشيد أو عبارات تكريم لحزب البعث الحاكم، لكنهم تنافسوا فيما بينهم بشأن منهج مشترك ليحل مكانه. فقد فرض الأكراد، ممن يحكمون شمال شرق سوريا، منهجهم الخاص بهم، مستبدلين تقدير الأسد بتقدير عبد الله أوجلان، زعيم الأكراد المعتقل في تركيا. وفي الوقت نفسه، افتتح الأتراك 11 مدرسة ثانوية في قطاع سوري يسيطرون عليه. وافتتح كل من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وهيئة تحرير الشام (HTS) مدارسهم الخاصة.

ومع تحرك جبهات القتال من منطقة لأخرى، تنقل الطلاب بين منهج وآخر. ونتيجة له، غالباً ما لا يتم الاعتراف بشهادات منحت من سلطات مناطق دون أخرى. وهذا ما يعرقل التحاق الطلاب بالجامعات، التي تتواجد معظمها في مناطق خاضعة لسيطرة النظام.
وفي بعض المناطق السورية يهجر قرابة 50% من الطلاب المدرسة في سن الثالثة عشر، ويترك الدراسة 80% من الطلاب في سن السادسة عشر. وفي بعض الأحيان، يسحب أهالي أبناءهم من المدارس من أجل تزويجهم أو لدفعهم للعمل في الشوارع. ويقول هارون أوندر من البنك الدولي: "سوف يتقاضون الأجور نفسها طوال حياتهم، ويربون أولادهم على نفس الدرب".

امتناع
وتشير المجلة إلى امتناع جهات غربية عن تقديم الهبات والمساعدات لمناطق خاضعة لسيطرة المتمردين بهدف تفادي دعم مجموعات إرهابية، مثل HTS، التي تسيطر على محافظة إدلب. وتوقف الاتحاد الأوروبي الذي استثمر ملياري يورو في قطاع التعليم السوري منذ 2012، عن تقديم جميع أشكال الإغاثة منذ 2017، ما عدا العاجلة منها، في مناطق خاضعة للنظام. وبناء عليه، تم تأجيل مشروع لتدريب معلمين سوريين كان سينفذ في الجامعة الأمريكية في بيروت. ويقول مسؤول من الاتحاد الأوروبي: "لا نريد القيام بما من شأنه منح الشرعية للنظام أو للإرهابيين".

لكن، برأي "إكونوميست"، فإن منع المساعدات التعليمية قد يخدم تلك الجهات. وهذا ما يعبر عنه نجم الذي يخشى أن يؤدي إغلاق عدد جديد من المدارس لدفع السوريين للتقرب من المتشددين. كما تبدي ميساء مفتي، خبيرة في التعليم من دمشق، وتقدم توصياتها إلى الأمم المتحدة، قلقها من وقوع معارك ومزيد من سفك الدماء. وتقول" إننا نولد دورة أخرى من التطرف والعنف".