يهودي متدين أمام لافتات انتخابية إسرائيلية (أرشيف)
يهودي متدين أمام لافتات انتخابية إسرائيلية (أرشيف)
الأحد 7 أبريل 2019 / 19:30

نتانياهو وأوراقه الانتخابية في مشهد غائم..!

أضاف بنيامين نتانياهو، يوم أمس السبت، ورقةً جديدةً إلى رصيده الانتخابي. ففي مقابلة مع محطة تلفزيونية، أعلن أن فوزه في الانتخابات، ونجاحه في تشكيل الحكومة القادمة، سيمكنه من ضم المستوطنات، في الضفة الغربية، الكبيرة منها والصغيرة، إلى إسرائيل.

أصبح من الواضح في استراتيجيته الدعائية، على مدار الأشهر الماضية، عدم الفصل بين مصيره الشخصي ومصير الدولة الإسرائيلية نفسها، للإيحاء بأن هزيمته في الانتخابات تعني أن إسرائيل نفسها أصبحت في خطر

وإذا كان في ورقة كهذه ما يدل على محاولة لكسب أصوات المستوطنين، وأنصار الاستيطان، قبل الانتخابات البرلمانية الحاسمة بيومين، فإن فيها، أيضاً، ما يقضي على احتمال حل الدولتين، للمرة الأولى، وبطريقة حاسمة تماماً.

جاءت الورقة الجديدة بعد أيام قليلة من إعلان إعادة رفات جندي إسرائيلي فُقد في حرب 1982 في معركة السلطان يعقوب مع القوّات السورية في لبنان.

كان الجندي أحد ثلاثة قتلوا في المعركة، وتحولت استعادة رفاتهم على مدار 37 عاماً مضت إلى قضية رأي عام في إسرائيل. تمت استعادة الرفات، بواسطة الروس، من مقبرة في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين قرب دمشق. وحرص نتانياهو على استقبال رفات المذكور في موسكو، في احتفال رسمي، قبل نقله إلى إسرائيل.

وفي سياق كهذا، تُضاف الورقتان الأولى والثانية، إلى سجل شهد اللعب بأوراق من الوزن الثقيل من نوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعتراف الأمريكيين بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية. ناهيك، طبعاً، عن إدارة وتكريس الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، الذي اعترف نتانياهو بأنه يخدم مصلحة إسرائيلية عُليا، وعن محاولة الفصل بين علاقة إسرائيل بالعالم العربي، التي سعي للإيحاء بتحسنها، والمسألة الفلسطينية.

يلعب نتانياهو بهذه الأوراق وعينه على انتخابات حاسمة بالمعنى الشخصي والعام، ويسعى لإقناع ناخبيه بأنها لم تكن لتتحقق لولا وجوده في سدة الحكم.

وأصبح من الواضح في استراتيجيته الدعائية، على مدار الأشهر الماضية، عدم الفصل بين مصيره الشخصي ومصير الدولة الإسرائيلية نفسها، للإيحاء بأن هزيمته في الانتخابات تعني أن إسرائيل نفسها أصبحت في خطر، وبأن ما تحقق من مكاسب قد لا يدوم.

والواقع أن عدم الفصل بين المصلحتين الشخصية والعامة لا يمثل ترجمة لمخاوف حقيقية بالمعنى الشخصي وحسب بل وسياسية، أيضاً.

فاستطلاعات الرأي تمنح، الآن، تحالف أبيض ـ أزرق بقيادة رئيس الأركان السابق بيني غانتس، عدداً أكبر من المقاعد التي يمكن أن يحصل عليها تكتل الليكود بقيادة نتانياهو. ورغم اللعب بكل ما تقدم من أوراق إلا أن قضايا الفساد التي لاحقت نتانياهو، وعائلته، والتحالف مع جماعات في أقصى اليمين المتطرف، سبق وحظرها القانون الإسرائيلي نفسه، والعلاقة المتوترة بمؤسستي الجيش والأمن، ناهيك عن التنافس على الزعامة داخل تكتل الليكود نفسه، عوامل أسهمت في خلق معسكر واسع من الخصوم، وأثرت على جمهور الناخبين.

والمفارقة، في هذا الشأن، أن عدد المقاعد التي سيحصل عليها تحالف أبيض ـ أزرق، وكذلك تكتل الليكود، لن يكون كافياً لحسم معضلة تشكيل الحكومة القادمة.

فكلاهما سيجد نفسه مضطراً للتحالف مع أحزاب، وكتل أصغر، ما عدا الأحزاب العربية، للحصول على أغلبية 60 + 1 وهي الحد الأدنى المطلوب للحصول على تكليف من رئيس الدولة بتشكيل الحكومة.

واللافت أن نتانياهو، وفي خروج على تقاليد اللياقة السياسية، اتهم رئيس الدولة الإسرائيلية بالتآمر عليه لتمكين خصومه من تشكيل الحكومة.

والمُرجح أن تشكيل الحكومة القادمة لن يكون سهلاً للطرفين، رغم أن فرصة نتانياهو تبدو حتى الآن أفضل، نظرياً على الأقل. ورغم وعود قُطعت باستبعاد خيار الحكومة الائتلافية، لا يستبعد بعض المراقبين أن يصل الطرفان إلى أمر كهذا، خاصةً إذا فشل كلاهما في الحصول على الأغلبية المطلوبة، بشكل مستقل، وأصبحت الدعوة إلى جولة انتخابية جديدة أمراً لا مفر منه، وهذا ما لا يريدانه.

وعلاوةً على ما تقدم من احتمالات، ثمة أسئلة مفتوحة تتعلق بمدى تأثير قضايا الفساد التي تلاحق نتانياهو وعائلته على مفاوضات تشكيل الحكومة، وعلى بقاء نتانياهو نفسه على رأس الحكومة، في حال تقديمه للمحاكمة، وإدانته، وكذلك مدى تأثير "صفقة القرن" الأمريكية المُنتظرة بعد الانتخابات على مفاوضات تشكيل الحكومة وبرنامجها السياسي. وهذا ما يشكل ملامح مشهد عام يبدو غائماً الآن، ولكن وضوح معالمه لن يستغرق وقتاً طويلاً، على أي حال.