الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الأربعاء 10 أبريل 2019 / 20:00

أردوغان في متاهته

بعد أسبوع من نتائج الانتخابات التركية، شبه النهائية، لا يزال الرئيس رجب طيب أردوغان في حالة إنكار طفولي للهزيمة، سيما هزيمته الكبرى في اسطنبول.

عقدة أردوغان مثل عقدة الإخوان، وهي عقدة الانتخابات. يتصوَّر أردوغان أن عدد الإسلاميين المتشددين أكثر من المسلمين الأسوياء

وقال مرشح المعارضة الفائز بإسطنبول، أكرم إمام أوغلو: هل سيعيد حزب العدالة والتنمية فرز الأصوات في كل دوائر إسطنبول إلى أن يفوز بها؟ لن يتخلى أردوغان عن إسطنبول بسهولة، فكان صعوده السياسي فيها عام 1994، وهو مَن قال: "الحزب الذي يفوز بإسطنبول يفوز بكل تركيا".

حث النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمان، الرئيس التركي أردوغان، على احترام نتائج الانتخابات المحلية في إسطنبول. وفي حديثه مع جريدة "فيلت آم سونتاغ" قال: "نأمل ألا يتفاقم الأمر بسبب عدم احترام حزب العدالة والتنمية الحاكم، لنتائج الانتخابات".

ووجه نصيحة باحترام نتائج الانتخابات لأردوغان، ولحزبه، كلاً على حدة، وكأن أمله ألا يكون الشطط والجنون والاستبداد جينات منسوخة في الفرد والجماعة، في الرئيس أردوغان، وفي حزب العدالة والتنمية.

 وفي 8 أبريل (نيسان) الجاري، قال الرئيس رجب طيب أردوغان، في أحدث تصريحاته المتلفزة، قبل زيارته للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن حزبه الحاكم سيواصل جهوده لإسقاط نتائج الانتخابات المحلية في إسطنبول، وصرح أيضاً بأن اللصوص كانوا هناك في صناديق الاقتراع. تأثرت الليرة التركية في الحال بكلمات أردوغان، وانخفضت 1.1% لتبلغ، 5.69 ليرات مقابل الدولار.

ووصفت "غارديان" أخيراً، وهي الجريدة الشهيرة بتعاطفها ودعمها الدائم للإسلاميين المتطرفين، الضربة التي تلقاها الرئيس التركي المستبد أردوغان، بعد 16 عاماً من الحكم، بأنها ضربة مُفاجئة.

أسس أردوغان حكمه القمعي على قاعدة نجاحه في صندوق الاقتراع. عقدة أردوغان مثل عقدة الإخوان المسلمين، وهي عقدة الانتخابات. يتصوّر أردوغان أن عدد الإسلاميين المتشددين أكثر من المسلمين الأسوياء، ولهذا تكون أي انتخابات للإسلاميين مسألة حياة أو موت.

بلغ معدل التضخم في تركيا 20%، وعاطل واحد عن العمل بين كل أربعة أشخاص. المشاريع الضخمة مثل مطار إسطنبول الجديد، الذي وصلتْ تكلفته الآن إلى 6 مليارات جنيه استرليني، يتزامن مع الحديث عن مطار إسطنبول الجديد، والإعلان عن أن مطعم المطار الوحيد، مملوك بمعظم أسهمه لبلال أردوغان الابن، وسمية أردوغان الابنة، ويتزامن هذا أيضاً بشكل بائس مع اختفاء البطاطس والبصل من أمام وجه المواطن التركي البسيط.

وبحسب جريدة "زمان التركية"، ذكر حساب بموقع تويتر، يحمل اسم "دوغو أورجان"، أنه دفع مئة ليرة في مطعم بلال وسميّة، نظير ملعقة من سلطة البطاطس، وملعقة من التبولة التركية، وثمانية أصابع من محشي ورق العنب.

رفضتْ لجنة الانتخابات الفرعية في أنقرة يوم الأحد 7 إبريل (نيسان)، طلب حزب العدالة والتنمية، بإعادة فرز جميع أصوات الناخبين في بلدية العاصمة، وعليه تسلم ،  منصور يافاش في 8 إبريل (نيسان) رسمياً مهام منصبه الجديد، بعد أن حصل على وثيقة رئاسة بلدية العاصمة أنقرة، من فرع اللجنة العليا للانتخابات بأنقرة، وفق وكالة الأنباء التركية الرسمية.

تواضع تفكير أردوغان، جعله يذهب بهزيمته الساخنة، بنار الفرن، إلى الدب الروسي الثلجي، ليعقد معه صفقة صواريخ الدفاع الجوي S-400، وهي الصفقة التي هددت أمريكا بسببها، بحرمان أردوغان من صفقة الطائرات المقاتلة الأمريكية إف 35، بل وحرمان تركيا من عضوية حلف شمال الأطلسي.

روسيا، وليس بوتين تحديداً، من أكثر البلاد ممَاطلة في إعطاء السلاح للحلفاء الحقيقيين، فما بالك بالحليف المؤقت، من تحت الضرس، رجب طيب أردوغان.

في التاريخ القريب أسقط أردوغان لبوتين طائرةً حربيةً، وقتل له سفيراً على الهواء مباشرةً في الأراضي التركية.

ربما تسير صفقة إس 400، في مسارات المكاتب البيروقراطية على الطريقة الكافكاوية، دون رفض صريح، ودون موافَقَة في نفس الوقت، وثقافة أردوغان، الراديكالي، الإخواني الهوى، بعيدة كل البعد عن فهم الغموض الكافكاوي.