رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الأحد 14 أبريل 2019 / 20:33

نتانياهو الذي ربحت أوراقه الانتخابية

من التطوّرات التي تستحق المتابعة الدقيقة في الفترة المُقبلة طريقة نتانياهو، وفريق المحامين الذي يمثله، في التعاطي مع القضايا المرفوعة ضده، خاصة في جانب تأثيرها على علاقته بشركائه في الائتلاف الحكومي، وداخل الليكود نفسه

من المتوقّع أن يبدأ الرئيس الإسرائيلي، ريفلين، مشاورات مع رؤساء الكتل البرلمانية، في غضون أسبوع، لاستطلاع الرأي حول أوفر الفائزين حظاً، في الانتخابات الأخيرة، لتشكيل الحكومة القادمة. وهذا ما يتلوه في التقليد السياسي الإسرائيلي توجيه الدعوة رسمياً، وتكليف صاحب الحظ الأوفر بتشكيل الحكومة، ومنحه مهلة تصل إلى اثنين وأربعين يوماً لهذا الغرض. وفي حال فشله تُوجّه الدعوة لمّن يليه. ومن الواضح أن بنيامين نتانياهو، الذي قاد تكتّل الليكود، في المعركة الانتخابية، ونجح في الحصول على 36 مقعداً، بزيادة ستة مقاعد عن انتخابات 2015 يتصدّر القائمة.

ومن الواضح، أيضاً، أن نتانياهو، الذي سيبلغ السبعين من العمر في أكتوبر (تشرين الأول) القادم، مُرّشح لولاية خامسة، وربما أخيرة، كرئيس للوزراء، وأن الفترة الزمنية التي شغلها في هذا المنصب ستتجاوز في وقت قريب الفترة الزمنية التي قضاها ديفيد بن غوريون، مؤسس ومُهندس الدولة الإسرائيلية، في المنصب نفسه.

وثمة، أيضاً، ما يُضاف إلى رصيده، فقد أدخل، على مدار عقدين من الزمن، تعديلات جوهرية على بنية وثقافة النظام والمجتمع الإسرائيليين، وعزز موقع ومكانة اليمين كأيديولوجيا ومؤسسات في النظام والمجتمع على حد سواء. وليس ثمة ما يدل على أمر كهذا أكثر من النتيجة الهزيلة للعماليين في الانتخابات الأخيرة قبل أيام.

فلم يتمكن حزب العمل، الذي يُسجّل في رصيده أنه الحزب الذي أنشأ الدولة الإسرائيلية، وقادها في العقود الأولى، من الحصول على أكثر من خمسة مقاعد، وقد سبق له الحصول على ثمانية عشر مقعداً في انتخابات 2015. والواقع أن كلمة اليسار نفسها أصبحت نوعاً من الوصمة التي يحاول الجميع التملّص منها. وهذا ما تجلى بشكل واضح في الانتخابات الأخيرة، وحرص أغلب الأحزاب والقوى على تأكيد انتسابها إلى معسكر اليمين، أو الوسط بألوان طيفه المُختلفة.

وعلاوة على كل ما تقدّم، فإن السمة الأهم والأبرز في الانتخابات الأخيرة أن موضوعها الرئيس كان نتانياهو نفسه، ما بين مؤيد لبقائه في السلطة، وداع إلى خروجه منها. لذا، لم تشهد الحملات الانتخابية، في حالات كثيرة، ورغم حدتها، صراعات جدية بشأن قضايا السياستين الداخلية والخارجية، بما فيها مستقبل الأراضي المحتلة، والسلام مع الفلسطينيين والعالم العربي.

ومع ذلك، وعلى الرغم من حقيقة أن نتانياهو خاض المعركة الأهم في حياته السياسية، ونجح فيها، بطريقة مفاجئة تعيد التذكير بفوزه غير المتوقّع على شيمون بيريز، في انتخابات 1996، إلا أن أيامه المُقبلة لن تخلو من صعوبات ومفاجآت.

وفي القلب منها توصية المدعي العام بمقاضاته بُتهم الفساد، وخيانة الأمانة، والرشوة. وهذه أشياء جدية تماماً، ولا ينبغي التقليل من شانها. ومن ناحية ثانية، وعلى الرغم من القدرة على تشكيل حكومة ائتلافية من الحلفاء والمشاركين في الحكومة السابقة، إلا أن حصول تحالف أبيض ـ أزرق، الذي يقوده ثلاثة من الجنرالات السابقين، على خمسة وثلاثين مقعداً سيمكّنه من تشكيل معارضة قوية في البرلمان الجديد.

وفي سياق كهذا، من التطوّرات التي تستحق المتابعة الدقيقة في الفترة المُقبلة طريقة نتانياهو، وفريق المحامين الذي يمثله، في التعاطي مع القضايا المرفوعة ضده، خاصة في جانب تأثيرها على علاقته بشركائه في الائتلاف الحكومي، وداخل الليكود نفسه. فهل سيسعى، كما سرت تكهنات في هذا الشأن، إلى تمرير قانون في الكنيست يمنع محاكمة رئيس للوزراء خلال وجوده في المنصب؟ سيثير أمر كهذا معارضة قوية حتى من جانب أقرب حلفائه. وهذا، على أي حال، سؤال مفتوح.

وثمة ما يتعلّق بما قطع من وعود انتخابية، وعلى رأسها ضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى إسرائيل. كيف سيتم تخريج وتكييف أمر كهذا؟ هل يأتي كخطة استباقية قبل طرح "صفقة القرن"، أو بعدها وفي سياقها؟ وهذا، أيضاً، سؤال مفتوح.

وما لا ينبغي إسقاطه من الحسبان، أن نتانياهو الذي وصف نفسه في خطاب الفوز بعد الانتخابات الأخيرة برئيس حكومة لكل الإسرائيليين، سيدعو وعينه على مكانه ومكانته في تاريخ الدولة الإسرائيلية، وعلى طموح لإدخال تحوّلات بنيوية عميقة على بنية الدولة والمجتمع، إلى حكومة ائتلافية مع خصومه في تحالف أبيض ـ أزرق، طالما أن الخلافات الأيديولوجية والسياسية بينه وبينهم لا تبدو غير قابلة للحل. وهذا، أيضاً، سؤال مفتوح. فبقدر ما أغلق فوز نتانياهو من الأسئلة فتح قوساً جديداً لأسئلة غيرها.