الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
السبت 20 أبريل 2019 / 00:54

نتائج إسطنبول تلوح بنهاية عهد أردوغان

فيما مني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بخسائر فادحة في الانتخابات التي أجريت في مارس (آذار)، لصالح أحزاب المعارضة، لفتت تقارير صحافية إلى أنه ربما تكون هذه هي بداية النهاية لحقبة أردوغان، وذلك في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق تشهده الليرة التركية منذ فرض العقوبات الأمريكية على أنقرة العام الماضي.

وحسب تقرير لموقع قناة "الحرة"، فإن خسارة أردوغان بانتخابات إسطنبول تحديداً جاءت مفاجئة له، خصوصاً بعد أن دفع رئيس وزرائه بن علي يلدريم لتقديم استقالته ليكون مرشح حزب العدالة والتنمية لرئاسة بلديتها لأهميتها الاستثنائية.

خسارة إسطنبول
ورغم ما قامت به عشرات الجمعيات الإسلامية الخيرية المرتبطة بحزب العدالة والتنمية التي تنشط في إسطنبول، وتقدم مساعدات لعشرات آلاف العائلات وتستند عليها الماكينة الانتخابية لهذا الحزب، وتتهم المعارضة التركية هذه الجمعيات ذات الميزانية العالية بأنها تستخدم لرشوة الناخبين وشراء ولاءاتهم، ورغم توظيف الحزب الحاكم وسائل الإعلام الرسمية لصالحه، قال الكاتب إيلي ليك في مقال بوكالة بلومبيرغ، إن البيئة الإعلامية كانت منحازة بشدة لصالح تحالف أردوغان خلال هذه الانتخابات، بالإضافة إلى أن هذه الانتخابات حدثت بعد حملات قمع متواصلة استمرت قرابة الثلاث سنوات تمّ فيها اعتقال وتسريح مئات آلاف المعارضين أغلبهم من السلك التعليمي، والقضائي، والعسكري، والإعلامي، ومع كل ذلك لم يتمكن مرشح حزب العدالة والتنمية من تحقيق النصر في إسطنبول".

ويتابع التقرير: "كان لهذه النتائج مدلول خاص كونها أتت بعد الدستور الجديد الذي ركّز جميع السلطات بيد أردوغان، مما حمّله شخصياً مسؤولية هذه الخسارة، فمع النظام الرئاسي الذي بناه، أصبح أردوغان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس البلديات والأسواق التجارية الذي يحدد الأسعار فيها، حتى معدّل الفائدة في البنوك كان هو المسؤول عنه، هذا بالإضافة إلى القيمة المعنوية التي يعلّقها أردوغان على هذه المدينة التي شهدت انطلاقته السياسية عندما فاز برئاسة بلديتها عام 1994 كمرشح لحزب الرفاه، ولأن تلك المدينة بعدد سكانها البالغ 15 مليون تعتبر تركيا المصغرة، ونتيجة للمقولة المعروفة، من يسيطر على إسطنبول يسيطر على تركيا".

ويضيف: "لم يستطيع تقدم حزب العدالة والتنمية في المناطق الكردية على حساب حزب الشعوب الديموقراطي الكردي أن يعوّض عن خسارته إسطنبول، رغم قيام اللجنة العليا للانتخابات بحرمان بعض مرشحي حزب الشعوب من مناصبهم التي فازوا فيها بتهم مختلفة ليحل مكانهم الفائزون بالمركز الثاني وهم مرشحو حزب العدالة والتنمية، كما لم تنجح محاولات التشكيك والاعتراض على هذه النتائج والزعم بأن الجريمة المنظمة عكّرت صفوها، لذلك فقد طالب أردوغان قبل أيام بإعادة الانتخابات في كامل إسطنبول لأن إعادة فرز الأصوات في بعض مراكزها لم تؤدي إلى تغيير نتائجها".

الانهيار الاقتصادي
ويقؤكد تقرير "الحرة"، أن "أحد أهم أسباب هذه الخسارة أن انتعاش الاقتصاد التركي الذي مكّن أردوغان من البقاء في السلطة هذه الفترة الطويلة لم يعد من السهل مشاهدته، فارتفع الدين الخارجي وزاد عجز الميزان التجاري، وتراجع الاستثمار الأجنبي، وارتفع معدل البطالة والتضخم، وانخفض مستوى المعيشة".

ويشير التقرير إلى أن "نتائج هذه الانتخابات واعتراضات حزب العدالة والتنمية عليها سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد التركي بسبب قلق المستثمرين حول الاستقرار السياسي والاقتصادي، كما نظر المستثمرون إلى وعود وزير المالية والميزانية بيرات البيرق وهو زوج ابنة أردوغان بإجراء إصلاحات اقتصادية هيكلية بأنها حتى الآن مجرد خطابات، ولذلك لم ترتفع قيمة الليرة بعد تصريحاته في العاشر من الشهر الحالي، بل تراجعت 1.2% إلى 5.75 ليرة مقابل الدولار، بما عكس خيبة أمل في سياسة الإصلاح الاقتصادي التي عرضها، بالإضافة إلى عدم اليقين الناجم عن الانتخابات البلدية".

أزمات سياسية
وفوق كل ذلك، الأزمات السياسية المتكررة في علاقات تركيا مع حلفائها التقليديين مثل الولايات المتحدة وأوروبا، مما انعكس على فرص استثمار الأموال والسياحة فيها، ويلعب عناد الرئيس أردوغان الدور الرئيسي في تلك الأزمات، كان آخرها إصراره على صفقة صواريخ إس 400 الروسية، إضافة إلى معارضته لتصنيف أمريكا للحرس الثوري الإيراني كتنظيم إرهابي وللعقوبات الأمريكية على إيران، بحسب التقرير.

وخلص التقرير إلى أنه "نتيجة لذلك، هناك ضغوط قوية على الإدارة الأمريكية من قبل الكونغرس لفرض عقوبات على تركيا مما قد يضاعف من مشاكلها، وظهر عناده في تمسّكه بموقفه الداعم للبشير في السودان واعتراضه على سيطرة الجيش على الحكم بما أسماه انقلاباً عسكرياً، ويبدو حسب نتائج الانتخابات الأخيرة أن الآليات الديمقراطية ستقود ولو بعد حين إلى نهاية حقبة أردوغان، لكن في الكثير من الحالات المشابهة يميل الخاسر في الانتخابات بدل التسليم بخسارته لأن يصبح أكثر استبدادية من أجل البقاء في السلطة، وستكشف الأشهر المقبلة أي الطريقين سيختار أردوغان".