قوات أمريكية في سوريا.(أرشيف)
قوات أمريكية في سوريا.(أرشيف)
الثلاثاء 23 أبريل 2019 / 18:30

أمريكا لا تستطيع إنجاز الكثير بقوات قليلة في سوريا

بعنوان "حقائق صعبة في سوريا" استعرض، في موقع "فورين أفيرز"، بريت ماكغورك، المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة داعش، ما لا تستطيع أمريكا تحقيقه هناك بعدد أقل من قواتها، مشيراً إلى أنه ساعد في تشكيل أكبر تحالف من نوعه في تاريخ البشرية: 75 دولة وأربع منظمات دولية لتدمير خلافة داعش.

حال انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، ستكون المنطقة عرضة لخطر توغل تركي كما جرى في عفرين في بداية عام 2018

وحسب كاتب المقال، منذ بدايتها افترضت تلك الاستراتيجية بقاء الولايات المتحدة فاعلة في المنطقة لبعض الوقت بعد تدمير داعش، بما فيها التواجد على الأرض في شمال شرق سوريا حيث يساعد قرابة 2000 جندي من القوات الخاصة الأمريكية في الحفاظ على تماسك تحالف من المقاتلين السوريين يعرفون باسم قوات سوريا الديمقراطية، (قسد).

لكن، وبعد مكالمة هاتفية مع نظيره التركي، أردوغان، أصدر ترامب قراراً مفاجئاً بسحب جميع القوات الأمريكية، دون النظر في العواقب. ومن ثم عدَّل ترامب قراره، وأمر بإبقاء حوالي 200 جندي في شمال شرق سوريا، و 200 آخرين في التنف، قاعدة معزولة في جنوب شرق البلاد.

خطورة
في هذا السياق، يرى ماكغورك أن الخطة الجديدة تنطوي على مخاطر أكبر لأنها توكل لمجموعة صغيرة نفس المهمة التي تقوم بها بعثة عسكرية (موجودة في شمال شرق سوريا) تعادل عشرة أضعافها، متسائلاً عما تستطيع أمريكا فعله لرعاية مصالحها في سوريا في ظل خفض عديد قواتها خلال الأشهر المقبلة. وأسوأ ما قد يبدر عن واشنطن أن تتظاهر بأن انسحابها، سواء كان كاملاً أو جزئياً – ليس سوى خطوة تكتيكية لا يتطلب تعديلاً في مجمل الأهداف. فقد وفرت الاستراتيجية التي ألغاها ترامب للولايات المتحدة الفرصة الحقيقة الوحيدة لتحقيق عدد من الأهداف المتشابكة في سوريا: منع عودة داعش، وكبح طموحات إيران وتركيا، والتفاوض مع روسيا على تسوية مرضية لما بعد الحرب. ومع مغادرة قوات أمريكية سوريا، لن يتحقق عدد كبير من تلك الأهداف.

تنازلات مؤلمة
ويرى كاتب المقال أنه يستوجب على الولايات المتحدة أن تقلص أهدافها، وتركز على مصلحتين في سوريا، منع عودة داعش ومنع إيران من إقامة وجود عسكري محصن قد يهدد إسرائيل. لكن دون نفوذ على الأرض، يتطلب تحقيق تلك النتائج تقديم تنازلات مؤلمة.

إلى ذلك، لم تكن الحملة ضد داعش "حرباً لا نهاية لها" من نوعية ما نفاه( Decried) ترامب في خطابه للأمه في فبراير( شباط) 2019. ونفذ عراقيون وسوريون، لا أمريكيون، معظم العمليات القتالية. وتكفلت دول التحالف، وليس واشنطن بمفردها بكلفة الحرب وحظيت هذه الحملة بدعم محلي ودولي واسع النطاق.

من جانب آخر، يرى ماكغورك وجوب بقاء قوات أمريكية في سوريا لحين رحيل جميع القوات الإيرانية، ونهاية الحرب الأهلية في البلاد، ما يستدعي توسيع المهمة مع التزام عسكري أمريكي إلى أجل غير مسمى، وهو ما يعارضه ترامب.

ويشير الكاتب لانقسام سوريا حالياً إلى ثلاثة أقسام. وتسيطر الدولة السورية على ثلثي مساحة سوريا، ولربما على 70% من سكانها، وعلى كبرى مدنها كدمشق وحلب. وتتلقى الحكومة السورية دعماً عسكرياً ومالياً من روسيا، ومن إيران. وتخضع المنطقة الثانية في شمال غرب سوريا، لسيطرة تنظيم هيئة تحرير الشام، فرع القاعدة في سوريا. ويحمي الجيش التركي خط وقف إطلاق نار، تفاوضت أنقره عليه مع إيران وروسيا، ويفصل غرب المنطقة التركية عن قوات النظام السوري.

وأما المنطقة الثالثة شمال شرق سوريا، فهي تخضع لقوات قسد المدعومة من واشنطن وحلفائها، وتشكل قرابة ثلث سوريا مع احتياطات كبيرة للطاقة، وثروة زراعية هائلة، ويسكنها حوالي أربعة ملايين شخص.

ديبلوماسية القوة العظمى
ركز ديبلوماسيون أمريكيون على التوصل إلى تسوية مع روسيا، القوة العظمى الوحيدة في سوريا، بشأن الترتيب النهائي للمنطقة الخاضعة للنفوذ الأمريكي. وأقرت موسكو بأن تسوية ثابتة لما بعد الحرب تتطلب تنازلات بين دمشق وقوات قسد.

وأما ما يتعلق بإصرار أمريكا على خروج كامل القوات الإيرانية من سوريا، فقد أعلن بوتين في ربيع 2018، أن روسيا ترغب بخروج جميع القوات الأجنبية (إيرانية وتركية وأمريكية)، بعد نهاية الحرب الأهلية.

أحلام عثمانية
وإلى ذلك، يرى كاتب المقال أنه حال انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، ستكون المنطقة عرضة لخطر توغل تركي كما جرى في عفرين في بداية عام 2018.

ويلفت الكاتب إلى أن شبح تقرير ثلاث دول إمبريالية سابقاً –إيران وروسيا وتركيا، مصير سوريا، دفع دولاً عربية، وعلى رأسها السعودية والإمارات والمصر والأردن، لبذل جهودها من أجلس إعادة سوريا إلى الصف العربي.