جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومهندس صفقة القرن (أرشيف)
جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومهندس صفقة القرن (أرشيف)
الثلاثاء 23 أبريل 2019 / 20:47

سيأخذ كل ما طلب... ولكن

الخطاب الذي ألقاه الرئيس محمود عباس أمام وزراء الخارجية العرب، كان بمثابة عرض للمأزق الفلسطيني المرشح للتعاظم والتعمق، حين يُعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً صفقة القرن التي فيما يبدو سترفض تلقائياً من قبل الفلسطينيين، لما تتضمنه من مؤشرات واضحة على أنها لن تلبي الحدود الدنيا للمطالب الفلسطينية المتبناة في إجماع دولي.

المعضلة التي لم تحل بعد، تتجسد في التناقض بين المواقف القوية لمصلحة الفلسطينيين، والجهد الضعيف لإرغام إسرائيل على منح الفلسطينيين حقوقهم وأهمها بالطبع حق تقرير المصير

والتحدي الذي ستفرضه الصفقة أمام الفلسطينيين، يتجسد في كيفية تعامل الحكومة اليمينية في إسرائيل مع الرفض الفلسطيني، والأمر هنا لا يتعلق باستخدامه في السجال القائم بين الجانبين، من مع السلام ومن ضده، بل في استغلال الحكومة الإسرائيلية للرفض الفلسطيني، لتتخذه مبرراً للمضي قدماً في تنفيذ سياساتها الأحادية، سواءً وافق الفلسطينيون على الصفقة أم لم يوافقوا.

قبل العرض الرسمي للصفقة، سوف يفعل الفلسطينيون ما يفعلونه دائماً أي أن يجوبوا الكرة الأرضية لتجنيد دول العالم خصوصاً تلك الفعالة في الشأن الدولي والشرق أوسطي، ليجمعوا مواقف معارضة لهذه الصفقة، وسيحصلون على ما يسعون إليه، فما زال العالم كله يؤيد حل الدولتين المستثنى من مبادرة ترامب، ويؤيد كذلك إقامة الدولة الفلسطينية على جميع الأراضي التي احتلت في العام 67 بما فيها القدس الشرقية، ويؤيد كذلك حل قضية اللاجئين، وفق قرارات الشرعية الدولية، وكل هذا لا تتضمنه الصفقة وفق إعلانات مصمميها، وعلى رأسهم كوشنر.

غير أن المعضلة التي لم تُحل بعد، تتجسد في التناقض بين المواقف القوية لمصلحة الفلسطينيين، والجهد الضعيف لإرغام إسرائيل على منح الفلسطينيين حقوقهم، وأهمها بالطبع حق تقرير المصير، بعد إزالة الاحتلال.

هذا التبني الدولي الشامل للحقوق والعجز الدولي عن لجم إسرائيل، وفرض توازن على السياسة الأمريكية، سيُفضي إلى أمر غريب قدر ما هو واقعي، وهو بقاء مكونات الصراع على حالها، فإن خبت لبعض الوقت فستثور في وقت آخر، ما يجعل صفقة القرن أي شيء إلا أن تكون الحل الجذري والناجع للقضية الفلسطينية.

الرئيس محمود عباس أكثر من يدرك ذلك بحكم تجربته الغنية في التفاوض مع إسرائيل، ورؤيته لطريقتها في العمل عن قرب، كما يدرك سقف القدرة العربية في مواجهة الصفقة في وقت لا عرب كثيرين مستعدون للتصادم مع أمريكا بفعل صفقة القرن.

لقد حصل عباس على كل ما طَلَب من مواقف قيلت في الإطار الأعلى من إطار وزراء الخارجية، وحصل كذلك على شبكة الأمان المالية التي تأكد تفعيلها بالقرارات تحت اختبار التنفيذ، إلا أن ما لم يحصل عليه لا عربياً ولا دولياً، هو حمل أمريكا على التوازن في مقترحاتها، وحمل إسرائيل على التسليم بالحقوق الفلسطينية، وهذا إن كان ممكناً مع رابين وبيريز ولو جزئياً، إلا أنه غير ممكن مع نتانياهو وغانتس كلياً.