تعبيرية.(أرشيف)
تعبيرية.(أرشيف)
الأحد 28 أبريل 2019 / 18:13

الرمزية في اللغة والدين والسياسة

من يريد أن يعيش الحياة بجمالها فلينظر ليس إلى ما بين السطور فحسب، عليه أن يقرأ الرموز

لن تكون الحياة واضحة بالوضوح. إنها تتضح أكثر بالرمز. حين نتأمل في الرمز، نراه في الحياة متمثلاً في الدين وفي اللغة وفي المجتمع وفي السياسة، وفي مجالات أخرى يضيق بها الحصر. وفي كل مرة نرى فيه العمق المعرفي والامتداد الوجداني، فنرى بوضوح أكثر.

الشعوب التي تفكر بعيداً عن رمزية الحياة تبقى حياتها رتيبة الخطوات ثابتة المعالم. الفكر الإداري الحديث يستلهم الرموز فيغير في حياة الناس، لأن الوصول إلى المعنى يكون بعد جهد، والأشياء التي نحصل عليها بعد التعب تكون أبقى.

الرمز كان حرفاً يعبر عن الفكر فظهرت الحروف ترمز للأصوات. وصارت الأصوات ترمز للأشياء والحدث، فتسارعت عجلة الحياة.

الفكر الصوفي وجد في بعض الحروف رمزاً فكان حرف الواو دالاً على الوحدانية. فالواو في الفكر الصوفي حمال رموز، إنه يرمز إلى بداية الخلق وإلى الجنين في رحم أمه حيث يولد الإنسان في هيئة حرف الواو، ويمثل النفس الصالحة والسجود. وحرف الواو في فن زخرفة زهرة التوليب يرمز إلى الله.

أما في الأدب، فإن الأدب الذي أحبته الشعوب وخلد في ذاكرتهم كان ذلك الذي وظف الرمز بشكل جميل فصار صالحاً لكل زمان ومكان. نرى ذلك في الشعر وفي النثر. فالقصة والرواية ليست مهمتها تسجيل الحياة بحذافيرها، إنه التوثيق الفني، الجمالي، الإبداعي، أو لنقل الرمزي، فهذا هو التوثيق الذي يرسخ عند قارئ الأدب.

وفي حياة الناس المعيشة، فإن الكيانات المجتمعية والسياسية وجدت في الراية والعلم أيقونة تمثل الوطن فرفعتها عالية واستمات البشر في الدفاع عنها. كذلك وجدت الشعوب في الزعماء الملهمين رمزاً يستوحون منه الفكر والإرادة والعمل، ويعمقون فيه الانتماء والولاء. زايد نموذج مثالي للرمز الخالد. وفي كل أمة هناك رمز.
  
حين ننظر إلى الحياة دون التمعن في الرموز، فإننا ننظر نظرة غير المتأمل. نظرة قاصرة. من يريد أن يعيش الحياة بجمالها فلينظر ليس إلى ما بين السطور فحسب، عليه أن يقرأ الرموز.