الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الخميس 2 مايو 2019 / 15:19

خطط بوتين في سوريا.. تتعثر

رأى زئيفي باريل، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أنه بوتين ورغم الانجازات العسكرية التي حققها في سوريا، بات محاصراً بين الانسحاب الأمريكي المؤجل، والتحالف مع إسرائيل، وميليشيات إدلب، ولذلك ربما يتطلب احتكاره لانتصار الأسد، بعض المرونة.

اختتمت الجولة الثانية عشر من المفاوضات دون التوصل إلى نتائج؛ حيث كانت نقطة الخلاف الرئيسية على تشكيل الفرق التي ستتعامل مع صياغة الدستور

ويوضح المراسل أن بوتين يمكنه أن يفتخر بحق بالإنجاز العسكري المهم الذي تحقق بعد استعادة الرئيس السوري بشار الأسد السيطرة على معظم الأراضي السورية، ولكن يبدو أن بوتين يواجه حقل ألغام دبلوماسياً ينطوي على تحديات جديدة، وغير متوقعة، من شأنها أن تقوض انجازاته العسكرية.

الخطة الروسية
ويُشير المراسل إلى أن الخطة الدبلوماسية التي وضعتها روسيا تبدو منظمة ومنطقية. وبموجبها كان من المفترض أن تسحب روسيا فعلاً بعض قواتها من سوريا، وتتولى تركيا بشكل أساسي حل قضية إخراج ميليشيات المعارضة من محافظة إدلب بالوسائل الدبلوماسية، إلى جانب تشكيل لجنة لصياغة الدستور الذي كتب مبادءه مستشارون روس، وتحديد موعد للانتخابات، والبدء في إعادة تأهيل البلاد.

ووافقت روسيا، وتركيا، وإيران بالفعل على عناصر هذه الخطة في القمة التي عُقدت في سبتمبر(إيلول) الماضي، كما وافق عليها أيضاً بشار الأسد، وبعض منظمات المعارضة. ولكن الأمور ساءت، حسب بارئيل، عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات العسكرية الأمريكية من سوريا في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، القرار الذي لم ينفذ بعد.

إخفاق تركيا
وعلاوة على ذلك، ظهرت فجوة عميقة بين ترامب وتركيا حول حماية القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.

ورغم موافقة الرئيس الأمريكي على إنشاء منطقة آمنة في المنطقة الكردية بشمال سوريا عمقها 32 كيلومتراً، إلا أنه طالب بمراقبة المنطقة من قبل قوات أوروبية، بينما أصرت تركيا على تولي قواتها العسكرية المهمة. وسيتأجل انسحاب القوات الأمريكية حتى حل هذه المشكلة، ولايزال الجانبان يحاولان التوصل إلى تسوية، يقبلها الأكراد.

ويقول المراسل: "تعترض روسيا وسوريا على منح تركيا السيطرة على شمال سوريا، ولكنهما في الوقت نفسه تطالبان تركيا بتنفيذ التزامها بإخراج ميليشيات المعارضة المسلحة من محافظة إدلب، وتحديداً قوات جبهة النصرة التي تطلق على نفسها الآن تسمية هيئة تحرير الشام. وهدفت تركيا من الاتفاق إلى منع أي هجوم واسع من روسيا وسوريا على إدلب، ولكن تركيا لم تلتزم بوعودها، وأخفقت في ابعاد الميليشيات، وحذرت روسيا من نفاذ صبرها".

معضلة إدلب
وينوه بارئيل إلى أن اندلاع أي معركة في إدلب، التي تضم 3 ملايين مدني وقرابة 50 ألفاً من مقاتلي الميليشيات المسلحة، سيقود إلى تدفق موجة جديدة من اللاجئين الفارين إلى تركيا، التي تستضيف بالفعل أكثر من 3.5 ملايين لاجئ.

ولكن دون التوصل إلى حل لقضية إدلب، فإن نظام الأسد لن يتمكن من استعادة السيطرة على جميع أنحاء سوريا، فضلاً عن تأخر جميع الخطوات الدبلوماسية للخطة الروسية.

وثمة إشكالية أخرى، بحسب الصحافي، تتمثل في غياب الاتفاق على تعيين لجنة دستورية تعمل تحت رعاية الأمم المتحدة. وشهدت العاصمة الكازاخية أستانة سابقا، التي تحولت الآن إلى نور السلطان، يوم الجمعة الماضي اختتام الجولة الثانية عشر من المفاوضات دون نتائج، وكانت نقطة الخلاف الرئيسية حول تشكيل الفرق التي ستتعامل مع صياغة الدستور، إذ تحرص روسيا على وجود أكبر تمثيل ممكن للمعارضة إلى جانب ممثلي نظام الأسد، بينما تعاض تركيا مشاركة الأكراد، ومن جانبه يعترض الأسد على مشاركة بعض جماعات المعارضة.

صراع على النفوذ الاقتصادي
وفي الوقت نفسه، تسعى إيران إلى الحفاظ على نفوذها في سوريا، خاصةً بعدما استولت روسيا على موارد الدولة مثل حقول النفط، والغاز بعد شراء الشركات الروسية حقوق تطويرها، وتأجير ميناء طرطوس لروسيا لمدة 49 عاماً.

ويضيف المراسل "اشتد الصراع الاقتصادي في ضوء ما تسميه إيران المؤامرة، بين روسيا وإسرائيل لإجبارها على الخروج من سوريا. ويرى المحللون الإيرانيون أن روسيا منحت إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمة الأهداف الإيرانية في سوريا، وينعكس هذا التحالف الإسرائيلي الروسي ضد إيران من خلال عدة أمور منها ضبط النفس الروسي إزاء اعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وإطلاق سراح السجينين السوريين مقابل رفات الجندي الإسرائيلي زكريا بوميل".

نتائج عكسية
ويلفت بارئيل إلى أن هذا التفسير الإيراني للأحداث الذي يحظى بتأييد النظام التركي أيضاً، ينطوي على نتائج عكسية بالنسبة لإسرائيل في واقع الأمر، إذ يبدو أن الدولة العبرية قادرة ليس فقط على التأثير في سياسات أمريكا إزاء الشرق الأوسط ولكن على سياسات روسيا أيضاً.

وحتى الآن لايزال موقف موسكو من هذا الانطباع غير واضح، خاصةً عندما يأتي في خضم التحركات الدبلوماسية في سوريا، وبالطبع لن ترغب موسكو في أن تبدو كمن يتبع أجندة إسرائيل.

ويختتم مراسل "هآرتس" بأن روسيا تحتكر ظاهرياً العملية الدبلوماسية، بيد أن الاحتكار يحتاج إلى المرونة مع اللاعبين الآخرين للحفاظ عليه.

وفي الوقت الراهن، يبدو أن على  ملايين النازحين واللاجئين السوريين الانتظار، مثل انتظارخطط إعادة إعمار سوريا، إذ أنه لن يتوفر لدى أي دولة كبرى مانحة الاستعداد لضخ رأس المال الضخم اللازم لإعادة الإعمار دون وجود نظام مستقر، ومتفق عليه في دمشق.