سريلانكيون يحملون نعش قريب لهم قضى في هجوم على كنيسة يوم الفصح.(أرشيف)
سريلانكيون يحملون نعش قريب لهم قضى في هجوم على كنيسة يوم الفصح.(أرشيف)
الأحد 5 مايو 2019 / 12:15

الهدف الجديد لداعش.. جنوب آسيا

صارت سريلانكا في مقدمة الحديث عن الإرهاب العالمي منذ هجمات الفصح الدموية التي تبنى داعش المسؤولية عنها عبر منفذه الإعلامي شبه الرسمي "أعماق" ونشر صوراً وفيديوهات حول المهاجمين ظهر فيها الانتحاريون الذين نفذوا الغارات، وهم مقنعون ويرتدون أثواباً سوداء، متعهدين بالولاء لتنظيم داعش وزعيمه، أبو بكر البغدادي.

تظهر هجمات سريلانكا تحول داعش من تنظيم إقليمي إلى راعٍ للإرهاب الدولي

ويرى هارش ف بانت، أستاذ العلاقات الدولية في قسم الدراسات الدفاعية ومعهد الهند لدى كينغز كوليدج في لندن، أن هجمات سريلانكا عززت فرضية أن تدمير داعش لم يضعف قدرة التنظيم على الوصول إلى هدفه، ولم يضعف كذلك نهجه ولا سطوته. وعوضاً عنه، ما زال التنظيم قادراً على استمالة أنصار مستغلاً مجموعات محلية ومظالم. وهذا يشكل تحدياً بالنسبة لجنوب آسيا بالتحديد، في ظل توترات سياسية تتجاوز غالباً خطوطاَ دينية، فيما يسعى داعش لإعادة تصنيف نفسه كتمرد عالمي.

زهران هاشم
ويشار إلى أن زهران هاشم، زعيم العصابة التي نفذت هجمات يوم 21 أبريل (نيسان) ضد كنائس وفنادق فاخرة، كان من أعضاء جماعة التوحيد الوطنية في سريلانكا. ويشاع أن هاشم قضى في هجوم ضد فندق.

ويلفت كاتب المقال لنشأة أولئك المهاجمين في أسر مثقفة وثرية، وتدرب بعضهم في معاهد بريطانية وأسترالية. ويعتقد أن هاشم زعيم فرع راديكالي لجماعة التوحيد السريلانكية. وقد لوحظ هذا الشكل من الانقسام خلال نشأة داعش في بداية القرن الحالي، بأيديولوجياته التي ابتعد فيها عن القاعدة، منتقداً أسامة بن لادن لأنه منع هجمات على مقار للعبادة.

تشابه في الأسلوب
وحال تنفيذ المهاجمين تفجيراتهم في 21 أبريل (نيسان)، سرعان ما لوحظ تشابه نمط الهجمات والأهداف المختارة مع أخرى هاجمها داعش في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.

ويرى الكاتب أنه باستهداف الفنادق يتم التركيز على أمرين هامين: الأجانب والاقتصاد. وقد لوحظ تنفيذ هجمات ضد أهداف مماثلة من موالين لداعش في مناطق من العالم، وبخاصة خارج العراق وسوريا. فقد نفذ قبل عامين في نفس التوقيت، هجومان انتحاريان في مدينتي طنطا والإسكندرية في مصر، عبر استهداف كنيسة وكاتدرائية. ويومها قتل أكثر من 45 شخصاً، وجرح ما يزيد عن 120 آخرين. وفي مايو(أيار) 2018، نفذت ثلاث عائلات مسلمة، وبإلهام من داعش، هجمات على ثلاث كنائس في سورابايا، ثانية كبرى مدن إندونيسيا، ما أدى لمقتل 13 شخصاَ، وجرح أكثر من 40.

راعٍ للإرهاب الدولي
وحسب كاتب المقال، تظهر هجمات سريلانكا تحول داعش من تنظيم إقليمي إلى راعٍ للإرهاب الدولي. وقبل الهجوم الأخير، لم تكن منطقة جنوب آسيا عرضة لهجمات من مجموعات موالية لداعش. ويحمل هجوم نفذ في دكا عاصمة بنغلادش في 2016 بعض سمات هجمات سريلانكا. كما نفذ شباب من عائلات ثرية ومتعلمة هجوماً أودى بحياة 29 شخصاً، بمن فيهم المنفذون. وكما في الهجمات على الفندق في سريلانكا، استهدف مهاجمو دكا أجانب. 

المالديف
ويشير الكاتب إلى أنه رغم وقوع هجمات إقليمية باسم داعش، ليس لدى التنظيم ما يعرف باسم ولايات أو فروع في المنطقة، سوى في أفغانستان، حيث اكتسب تنظيم خراسان التابع لداعش سمعة هائلة، وينضوي تحت لوائه عناصر قدموا من باكستان وأوزبكستان وطاجيكستان وسواهم ممن انفصلوا عن حركة طالبان.

إلى ذلك، يلفت الكاتب لتحول جزر المالديف إلى نقطة ساخنة لنشاطات مؤيدين لداعش، وخاصة بعد انضمام حوالي 450 من أبنائها للتنظيم، وهو عدد كبير نسبة إلى عدد سكان هذه الدولة الصغيرة. كما شهدت باكستان هجمات في كويتا وبلوشستان، لكن لا أدلة كبيرة على وجود فرع لداعش هناك.

ورغم عدم وجود موطئ قدم تنظيمي لداعش داخل سريلانكا، تلفت الهجمات التي نفذتها جماعة التوحيد الوطنية، أو موالون لداعش، النظر إلى شكل من الإرهاب سيشكل مجموعة تحديات جديدة أمام سياسات مكافحة الإرهاب. ولم يعد خيار مقبول التراخي بعد هزيمة داعش الإقليمية. وعوضاً عنه، يفترض بجميع الدول التكيّف لمحاربة تمرد متعدد الرؤوس.